نووي إيران: انكشاف حقيقة الاستهدافات الأميركية
حميدي العبدالله
كشفت الجولة الأخيرة التي عقدت الأسبوع الماضي بين إيران ومجموعة «5+1» حقيقة الاستهدافات الأميركية لإيران والمنطقة. للمرة الأولى يكشف النقاب عن أنّ الأسباب التي أدت إلى عدم حصول تقدم في الجولة الجديدة ليست لها أيّ علاقة بالملف النووي الإيراني، أو على الأقلّ بالقضايا التي يطرحها الملف النووي الإيراني والتي تندرج في صلبه لم تكن الأساس في وصول جولة المفاوضات إلى ما وصلت إليه، وبات في حكم المؤكد أنه لن يتمّ التوصل إلى الاتفاق النهائي قبل حلول 20 تموز المقبل، موعد انتهاء مدة الاتفاق الانتقالي.
كشفت الجولة الجديدة من المفاوضات أنّ واشنطن عادت من جديد إلى التركيز على ضرورة أن يشمل أيّ اتفاق بين إيران ودول «5+1»، تفاهماً على ترسانة إيران الصاروخية، وأيضاً على ملفات وقضايا سياسية أخرى في المنطقة مثل سورية والعراق والبحرين وأمن الخليج والصراع العربي- الصهيوني.
تأكدت في ضوء طرح الولايات المتحدة هذه القضايا الجانبية، والتي لا صلة لها بمزاعم الغرب حول برنامج إيران النووي والقلق من طابعه العسكري، حقيقتان:
الحقيقة الأولى، أنّ الخلاف بين الولايات المتحدة، ومعها الدول الغربية، وإيران لم يكن فعلاً حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني، فطهران كانت تشدّد منذ فترة طويلة، رغم تغيّر الرؤساء، على أنّ برنامجها النووي سلمي، وأنها لا تطمح إلى مرحلة عسكرة هذا البرنامج، وبخاصة إلى مرحلة صنع القنبلة النووية، ولكنّ الغرب كان يزعم دائماً وجود برنامج وأجندة إيرانيين سريين على هذا الصعيد، في محاولة لعرقلة الوصول إلى تفاهم حول برنامج إيران السلمي.
الحقيقة الثانية أنّ الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية كانت ولا زالت تستغلّ ادّعاء الطابع العسكري لبرنامج إيران النووي لممارسة الضغط عليها والعمل وابتزازها بغية الحصول على تنازلات تتصل بنهج إيران الاستقلالي ومقاومتها مشاريع الهيمنة والتبعية.
اليوم توضحت هذه الحقائق وكشف بشكل صريح عن حقيقة الاستهداف الأميركي والغربي لإيران، فما تسعى إليه واشنطن وحلفاؤها الغربيون هو تدمير كلّ مصادر قوة إيران الذاتية، خاصة قدراتها الصاروخية، ولهذا السبب أصرّت واشنطن في الجولة الأخيرة على طرح هذه المسألة على جدول الأعمال. كما تسعى واشنطن ليس إلى تدمير قدرات إيران الذاتية التي تحمي استقلالية سياستها الداخلية والإقليمية والدولية فحسب، بل تسعى من خلال ربط قضايا إقليمية بالملف النووي الإيراني إلى دفع طهران إلى أن تكون أداة في الاستراتيجية الأميركية لفرض الهيمنة على المنطقة وحماية هذه الهيمنة، تحديداً في منطقة الخليج. بمعنى آخر، تسعى الولايات المتحدة والدول الغربية التي تدور في فلكها، إلى فرض المعادلة الآتية على إيران: مقابل السماح لها بامتلاك دورة إنتاج الوقود النووي للأغراض السلمية، عليها أن تقبل بهيمنة الولايات المتحدة على المنطقة والتعاون مع الحكومات الغربية التي تدور في فلكها، وأن تتخلى عن مصادر قوتها الذاتية التي تحمي أمنها القومي وفي مقدمها الأسلحة الصاروخية.
بديهي أنّ ما تتطلع إليه واشنطن لم يبق مندرجاً في إطار احتواء برنامج إيران النووي، أو الحؤول دون تحوّله إلى برنامج عسكري، بل إعادة إيران إلى عصر جديد، وتحويل الدولة الإيرانية إلى جرم يدور في الفلك الأميركي، وإلى أداة في سياسة الهيمنة الغربية على غرار ما كانت عليه حال إيران في عهد الشاه.