التقدّم في القلمون يخلط الأوراق ويغيّر الحسابات
لمى خيرالله
بات تمدد «جبهة النصرة» الشقيق التوأم لتنظيم «القاعدة»، يشكل نوعاً من القلق خصوصاً بعد توسعه شمال وجنوب – وشمال غربي سورية في الآونة الأخيرة، في ظل التخوف من أن يكون تنظيم «النصرة» هو «البديل الشرعي» لتنظيم «داعش» مستقبلاً ولكن باعتراف وقبول دولي، حيث تحاول بعض الأطراف الفاعلة في الساحة الدولية وعلى رأسها أميركا وفرنسا وتركيا، الترويج لجبهة النصرة بالمعتدل، وذلك بعد تقديمه طقوس الولاء والطاعة لـ «الإسرائيليين» بخوضه عمليات مجانية في الجنوب السوري خدمةً للطموح «الاسرائيلي» بتشكيل منطقة عازلة تمتد من ريف القنيطرة الى الأراضي المحتلة من الجولان السوري، بما يشابه تجربة جيش لحد اللبناني.
لم يعد خافياً على أحد أنّ «إسرائيل» والجماعات التكفيرية يشكلان عدواً واحداً، زرعه الغرب في المنطقة العربية بغية تفتيت المفتت وتجزيء المجزأ حيث يحاول الإرهاب التمدد من الداخل السوري الى لبنان لأسباب لوجستية متعلقة بالدعم من جهة، والانتقام من المقاومة التي أذاقت «الإسرائيلي» كأس الذل للمرة الأولى في تاريخه في لبنان بعد دحر العدو الصهيوني، إضافة الى صرف نظرها عن الحدود الشمالية لفلسطين من جهة اخرى.
تأتي ذكرى نكسة فلسطين متوازية مع انتصارات المقاومة في القلمون التي تستشعر من خلالها «إسرائيل» أنّ مصيراً مشابهاً ينتظر الجليل، فالخبث الاستراتيجي «الإسرائيلي» صُعق من انهيار المسلحين في جبال القلمون بهذه السرعة، إثر مواصلة الجيش السوري والمقاومة اللبنانية عملياتهم في جرود القلمون بريف دمشق، محققين إنجازات جديدة، سيطرت فيها المقاومة في شكل كامل على تلة الثلاجة الاستراتيجية في جرود فليطة بعد معارك ضارية كبدت فيها المجموعات المسلحة خسائر فادحة، تزامناً مع السيطرة على جبل شعبة القلعة شرق وادي الخيل وعلى معبر وسهل الرهوة وعلى مرتفعات ونقاط عدة في جرود عرسال، ومع اشتداد حدة المعارك في القلمون والسلسة الشرقية لجبال لبنان، تشير الوقائع إلى قرب حسم المعركة لمصلحة الجيش السوري والمقاومة بعد السيطرة على تلك التلال، لأهميتها الاستراتيجية والتي تعني تضييق الخناق على المجموعات المسلحة، والحد من جغرافية انتشارهم، وتوسيع رقعة الأمان باتجاه الأراضي السورية واللبنانية. فالمعارك التي لم تضع أوزارها بعد، سترخي بظلال ايجابية على العمليات العسكرية في مختلف محاور القتال في ريف دمشق، وشرق حمص توازياً مع استمرار المعارك في المقلب الآخر من القلمون وتحديداً في منطقة الزبداني، بغية عزلها عن القلمون وجرودها في شكل كلي، سيما أنها تعتبر خزان السلاح والذخيرة لمناطق القلمون الغربي، حيث توحدت فيها الفصائل المسلحة تحت مسمى «جيش فتح القلمون»، إلا أن المعارك الدائرة جعلت خيارات النصرة محدودة، فإما الاستسلام لـ«داعش» الذي يسيطر على جرود رأس بعلبك والقاع امتداداً إلى جرود قارة السورية، وبين الدخول إلى عرسال والاشتباك مع الجيش اللبناني، أو البحث عن تسوية للخروج من الجرود.
بين القلمونين الغربي والشرقي حبل سري بات الجيش السوري والمقاومة اللبنانية يطبقان عليه كفكي كماشة في منازلة أوشكت أن تكون فاصلة، بتحطيم أوهام المراهنين بحلم التقسيم أو استحضار إمارات لداعش والنصرة وليسقط الحلم الفرنسي بالكعكة السورية اللبنانية وليبقى الحل السياسي أمام الولايات المتحدة الأميركية كخيار منطقي يدفع وتيرة انسحاب المقامرين الإقليميين والأتراك بالكف عن تصرفاتهم العبثية لئلا يتكبدوا خسائر إضافية.