فتحعلي لـ «البناء»: لسنا في عداء مع أحد وأميركا تزيد الشرخ بين الرياض وطهران
هتاف دهّام
على عتبة توقيع الاتفاق النووي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة 5 + 1 الذي سيتألف من وثيقة رئيسية من 20 صفحة إضافة إلى خمسة ملاحق تتألف من 40 إلى 50 صفحة، فإنّ انعدام الثقة بين الطرفين الإيراني والأميركي لا يزال سيد الموقف.
دخل المفاوضون بحسب ما أكد السفير الإيراني في بيروت محمد فتحعلي لـ«البناء» مرحلة كتابة نصوص الاتفاق، إلا أنهم يواجهون مشكلة في دقة التعابير. يريد المفاوضون الغربيون تفتيش المنشآت الإيرانية ولقاء العلماء الإيرانيين بذريعة سؤالهم عن البرنامج النووي وهل تتجه إيران لصناعة القنبلة الذرية. إلا أننا كما قال فتحعلي: «لن نقبل بمراقبة مواقعنا. نحن دولة ذات سيادة ولها خصوصيتها. لقد أبدينا مرونة في التعاون مع الوكالة الدولية تحت سقف القانون الدولي، لكنّ المطالب الغربية في المحادثات، خارجة عن عرف القوانين الدولية، وغير معقولة وخطيرة ولن نقبل بها ولن نسمح بالوصول إلى علمائنا النوويين، فالتاريخ يشهد أنّ نحو 4 علماء وصلوا إلى مراحل علمية متقدمة وتمّ اغتيالهم.
والأمر الآخر الذی تطرق إلیه فتحعلي هو اقتدار الفریق المفاوض الایراني فی الملف النووي برئاسة وزیر الخارجیة محمد جواد ظریف، هذا الفریق الذی یحظی بدعم السيد علي خامنئي والرئيس الايراني حسن روحاني.
ومن ناحیه أخری أكد فتحعلي أن الرئيس روحاني یولي عنایة خاصة لهذا الملف، وهو یعمل علی إدارة الأمور في شكل يسمح لإیران بمواجهة كافة الظروف والمستجدات المترتبة علی نتائج المفاوضات النوویة أیاً كانت. التجربة العملیة التی تناهض السنتین من عمر ولایته الرئاسية توكد مدی تمكنه من تطویر الأوضاع السائده فی إیران إلی الأمام بمعزل عن شؤون الملف النووي وشجونه.
يتطلع الكثير من الدول الغربية وبخاصة الأوروبية إلى الاستثمار في السوق الإيرانية بعد توقيع الاتفاق والبحث عن مكان وحصة. إلا أن إيران لم تنتقل بحسب فتحعلي إلى مرحلة ما بعد الاتفاق ورفع العقوبات، صحيح أن مرحلة إنهاء العقوبات ستفتح باب الاستثمار في طهران، إلا أن الشركات العالمية الأوروبية والأميركية ستخضع للقوانين الإيرانية التي ليست بعيدة من القوانين الدولية».
يُعتبر الاتفاق الإيراني قوة سياسية لحلفاء إيران في المنطقة، على رغم أنّ توقيعه منفصل عن الملفات السياسية الإقليمية، فإيران بحسب فتحعلي تولي التطورات السياسية في المنطقة والدول المجاورة لها أهمية أكثر من الملف النووي الذي يأتي في مرتبة ثانية، فنحن نعيش مع جوارنا، و«داعش» يتمدّد في العراق وسورية، ومن الطبيعي أن نتأثر بما يجري حولنا.
يأسف فتحعلي لتعاطي بعض دول الخليج الفارسي والعالم العربي بلامبالاة مع العرض الإيراني لحلّ مشاكلنا الداخلية بعيداً من أيّ تدخل خارجي. تدرك بعض دول المنطقة أن أميركا تستفيد مما يجري في سورية والعراق واليمن والبحرين، ومن الخلاف بين الجمهورية الإيرانية وبعض دول المنطقة، لكنها للأسف شريكة في هذه اللعبة الأميركية.
وسأل: «ما الفائدة التي حققتها السعودية من حربها على اليمن»؟ «لماذا تدافع الولايات المتحدة عن العدوان السعودي وبدل أن تدعم واشنطن الحلّ السياسي في اليمن، أيّدت التدخل العسكري لإحداث المزيد من الشرخ بين الرياض وطهران»؟
السلام بين دول المنطقة يعود بالمنفعة العامة علينا جميعاً، ولذلك ندعو كما يقول فتحعلي إلى «الجلوس والحوار مع دول المنطقة والخليج الفارسي، فنحن لسنا في مرحلة عداء وقطع علاقات مع أحد»، إلا أنّ الغرب يقف في وجه ذلك، فهو يهدف من الحرب على سورية والعراق ومن دعم الحرب اليمنية، إلى الوصول لتجزئة دول المنطقة، خدمة لـ«إسرائيل».
وتحدث السفير الإيراني عن الازدواجية في الخطاب والأداء الأميركيين. وإلى تعاطي التحالف الدولي المؤلف من 60 دولة بقيادة الولايات المتحدة مع محاربة الإرهاب، وسأل: «لماذا لا يضغط هذا التحالف على بعض الدول التي تدعم الإرهابيين لوقف تصديرهم وفتح حدودها أمامهم للانتقال إلى سورية؟ ألا يستطيع هذا التحالف إغلاق المعابر ووقف الدعم المادي والسلاح لهؤلاء التكفيريين»؟
«داعش» لا يزال، وفق فتحعلي، يتقدّم في سورية والعراق. فإذا كان التحالف الدولي جدياً في محاربته فلماذا لا يقضي عليه، ولماذا لم يضع حداً لتمدّد «داعش» في الرمادي بدل أن يغضّ النظر عن احتلالها من قبل هذا التنظيم، ولماذا طلب من الحكومة العراقية الضغط على الحشد الشعبي ليتراجع في تكريت؟ هذا التحالف يعمل وفق أهداف ومصالح سياسية، وقواته تركز ضرباتها حيث تتواجد المصانع والمنشآت.
لا تتدخل إيران عسكرياً في الصراعات في المنطقة، فهي كما قال فتحعلي تساعد الدول التي تطلب المساعدة كالعراق وسورية. ويستغرب السفير الإيراني التصريحات الصحافية عن إرسال طهران قوات عسكرية إلى سورية، نحن نقدم فقط المساعدات والاستشارات العسكرية، والجيش السوري لديه القدرة على مواجهة المخاطر والتهديدات الإرهابية إلا أنّ التدخل الخارجي الداعم للإرهابيين يقف عائقاً أمامه».
وفي الشأن اللبناني، على رغم الحراك الدولي في اتجاه إيران لحلّ أزمة الفراغ الرئاسي، علماً أنّ هناك حراكاً دبلوماسیاً خارجیاً اتجاه إیران للبحت فی هذه المسألة كزیارة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ والموفد الفرنسي فرنسوا جیرو. إلا أن السفير الإيراني أكد أن إيران لا تتدخل فی هذا الاستحقاق الذی تعتبره لبنانیاً بامتیاز.
وشدّد فتحعلي على «أنّ طهران تدعم وتؤيد أيّ مسعى يسرّع انتخاب الرئيس في الظروف الحالية، فلبنان يتعرّض إلى تهديد صهيوني على حدوده الجنوبية، وتهديد تكفيري على حدوده الشرقية مع سورية». وأكد «أنّ إيران صديقة لبنان وتسعى إلى تقويته ودعم الجيش وتعزيز العلاقات الاقتصادية».