ملحم: قيامة مجتمعنا باعتماد الخطة النظامية الاستراتيجية في مواجهة المشروع الصهيوني وتوابعه

بدعوة من منفذية ملبورن في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ألقى عضو المجلس القومي الدكتور إدمون ملحم محاضرة عنوانها «التفكير الاستراتيجي لدى سعاده»، في قاعة مكتب المنفذية، بحضور منفذ عام ملبورن صباح عبد الله وأعضاء هيئة المنفذية، كما حضر ناموس المندوبية السياسية سايد نكت، وعضوا المجلس القومي اسكندر سلوم وحبيب سارة وبعض المسؤولين. وقنصل لبنان العام غسان الخطيب، ومنسق تيار المردة في ملبورن نبيل حنا، ومسؤول حركة أمل علي الأمين، ومنسق التيار الوطني الحرّ في أستراليا روبير بخعازي، وسكرتير التيار في أستراليا نهاد شهدا، ومسؤول التيار في ملبورن بشار هيكل، وأمين منظمة ملبورن في حزب البعث العربي الاشتراكي علي الترسيسي على رأس وفد، وراسم الباشا من المركز الإسلامي العلوي الاجتماعي، وفعاليات ثقافية واجتماعية ونسائية وشبابية.

بعد كلمة ترحيبية من عبد الله، ألقى ملحم محاضرته واستهلّها بتوجيه تحية إجلال وإكبار إلى شهداء مجزرة حلبا وإلى كل شهداء المجازر التي ارتكبتها قوى الارهاب والتطرّف. كما وجّه التحية إلى المقاومين الأبطال، آملا أن يكون الاحتفال قريباً بتحرير كل ربوع الشام وفلسطين وكل الأراضي السليبة من وطننا السوري.

وقال ملحم: «أمتنا تواجه اليوم مشروعاً تدميرياً يستهدف حياتها ووجودها الحضاري التاريخي، مشروعاً استعمارياً رهيباً متوحشاً يعتمد المرتزقة الارهابيين، وشتى الوسائل المادية والعسكرية المدّمرة، لتخريب مجتمعنا وتدمير عمرانه وآثاره، ولإشعال نار الفتن والحروب المذهبية فيه بغية إضعافه وطمس هويته وتفتيته إلى دويلات مذهبية وعرقية متناحرة، تدور في فلك الكيان الصهيوني المجرم وتخضع لمشيئته. هذا المشروع الاستعماري المتغطرس هو عينه المشروع الصهيوني ـ الغربي الطامع في خيراتنا وثرواتنا الطبيعية والهادف إلى استعبادنا، لا بل إلى اقتلاعنا من أرضنا بغية السيطرة عليها. لذلك يسعى هذا المشروع إلى إلهائنا في قضايا غيبية عقيمة وإغراقنا في الظلمات والويلات، وإبقائنا في ثلاجات الجهل والتخلف والضعف والانقسامات ترعانا أنظمة الطائفية والفساد والقمع والاستبداد، إلى أن نصل إلى حالة اليأس والهزيمة النفسية، فنغادر بلادنا، لاجئين أو باحثين عن ملجأ ولقمة عيش وعن حرية هي سراب وعار علينا».

وأضاف: «لا يمكننا مواجهة هذا المشروع التدميري الإلغائي وأدواته إلا بسلاح الإيمان بقضيتنا وبالإرادة الواعية المصممة واعتماد البطولة المؤمنة دفاعاً عن الوجود القومي والشرف القومي والحق القومي. لا يمكننا أن نواجه هذا المشروع إلا بتحصين مجتمعنا وتعزيز مناعته ببعث فضائله وقيمه العليا وبترقية الوعي القومي عند أبنائه وبنشر الثقافة القومية الواضحة والجامعة. ثقافة حبّ الوطن والتعصب إليه، ثقافة الآخاء القومي والمحبة القومية بين أبناء الشعب الواحد، ثقافة الوحدة الاجتماعية ضد كل الانقسامات. ثقافة الانصهار الاجتماعي الرافضة للانغلاق والتقوقع والتعصب والانعزال وثقافة الديمقراطية والحرية والمساواة بين جميع أبناء المجتمع من دون أي تمييز. بهذه الثقافة القومية الموحِّدة جئنا إليكم اليوم. جئنا نخاطبكم بلغة المنطق والحوار. وبلغة العقل المدرك ـ الشرع الأساسي الأعلى وميزة الإنسان الأساسية. جئنا لنتحاور ولنغذي عقولنا بمفاهيم جديدة نغرفها من نبع وفير، من رجل الفكر بامتياز، من أنطون سعاده باعث النهضة القومية الاجتماعية الذي أولى المعرفة، كقيمة إنسانية عليا، أهمية كبرى في حياته من أجل الارتقاء بأمته وهو الذي صاغَ شعاراً خالداً يقول فيه: المجتمع معرفة والمعرفة قوة».

ثم تناول ملحم بداية الفكر الاستراتيجي الذي لم يعد حكراً على الشأن العسكري، إنما شمل مجالات عدّة أخرى لها مساس بمتطلبات النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي والتقدم العلمي والتفوق التكنولوجي وغيرها من النشاطات. فرأى أن التفكير الاستراتيجي مسار فكري تخطيطي يستبق الأحداث وينطلق من استقراء الماضي واستكناه الحاضر ليرسم معالم المستقبل. فهو بحاجة إلى رؤية واضحة، وهو تفكير استشرافي. وأنطون سعاده استشرف ما ستواجهه الأمة من أخطار عظيمة داهمة، وأهمها خطر الصهيونية، إلى العصبية الوهابية وخطر تنافس قوى الاستعمار على سورية الغنية بالموارد. إضافة إلى الأخطار الداخلية كالتجزئة الكيانية والاجتماعية وأمراض الطائفية والعنصرية والأنانيات الفردية والتيارات الانعزالية والانفلاشية والمصالح الفئوية والخصوصية وغيرها. فوضع فكره وفلسفته وكل جهده الفكري في خدمة أمته عبر إحداث نهضة تعيد إلى الأمة حويتها، وتنظيم حركة تعيد استقلالها التام، وإقامة نظام جديد يؤمن مصالحه، فكان تفكيره كلّياً تمحور مع حزبه حول قضية قومية كلّية هي قضية الأمة السورية والوطن السوري.

وأكّد ملحم أن سعاده اعتمد التفكير العلمي، فهو شدّد على أن التفكير النظري لا يحقق شيئاً بذاته إلا إذا تحوّل إلى تفكير عملي يدفعنا إلى العمل على تحقيق ما نؤمن به ونعتقد بصلاحه. وكان شخصاً مبدعاً ومتفوقاً، لا بل رجلاً عبقرياً وقائداً فذاً. وكان تفكيره إبداعياً مستقلاً، منبثقاً من صميم عظَمة الأمة السورية. كما أن تفكيره تفاؤلي وإنساني يؤمن بقدرات الإنسان وطاقاته الفعلية على اختراق عالم المجهول واكتشاف الحقائق، وهو القائل: «إننا لو شئنا أن نفرّ من النجاح لما وجدنا لنا مفرّاً منه».

وتابع: «من من أهم عناصر الاستراتيجية في الفكر القومي الاجتماعي، عنصر الصراع لأن الحياة صراع، ومن أبى الصراع رفضته الحرية. فحركة سعاده ليست حركة تبشيرية، إنما حركة هجومية لا تهدأ».

وبعدما استعرض ملحم مواصفات الاستراتيجية بصورة عامة، وعظَمة أنطون سعاده في وضعه الاستراتيجية القومية الاجتماعية، أكّد أن سعاده كان رائداً في كل ما وضعه لاستراتيجية النهضة القومية الاجتماعية. وخلص إلى القول: «خطة سعاده الاستراتيجية التي حدّدت الغاية الواضحة، والتي رسمت الطريق لتحقيق تلك الغاية. هي خطته النظامية الدقيقة التي يفعل فيها العقل الإرادي والتي تبدأ من تغيير الإنسان لتحوِّل الأفراد إلى نفوس مؤمنة وإلى جيش من العشاق لقضية حياة الأمة وتقدّمها. والحق نقول أن لا أمل لنا في مواجهة المشروع الصهيوني العدواني وتوابعه التنظيمية من أهل الوهابية والسلفية والداعشية والتخلف والتكفير، ولا رجاء لنا ببقاء مجتمعنا وقيامته إلا باعتماد الخطة النظامية الاستراتيجية التي رسمها سعاده، والتي تصنع الإنسان الجديد المُجهّز بالمناقب الجديدة والمستعدّ لأن يتحمّل مسؤولياته في البذل والعطاء والبطولة والاستشهاد، من أجل صون حياة الأمة الجديدة في العزّ والشرف والحرية والتقدّم والفلاح.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى