تحالف واشنطن الدولي vs «داعش»… مَن يهزم مَن؟

لم يبق أمام الإدارة الأميركية سوى الاعتراف بواحدٍ من أمرين: إما تقصيرها المتعمّد في حربها ضدّ الإرهاب الدولي المتمثل اليوم بتنظيم «داعش»، أو أنّها غارقة حتّى الرأس في مستنقع التآمر من خلال خلقها هذا التنظيم وغيره من الجماعات الإرهابية بغية إعادة سيطرتها على المنطقة والعالم.

وإذ تتعدّد النظريات والآراء حيال هذا الأمر، فإنّ الحقيقة واحدة وواضحة: لا يقاتل «داعش» بضراوة وبسالة سوى أصحاب الأرض، إن كان في العراق أم في سورية ولبنان، أما باقي المدّعين، فمجرّد نفاق لا أكثر.

ومن صحافتهم تدينهم، فها هي الصحف الأميركية والبريطانية تؤكّد تقصير التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ أشهر للقضاء على «داعش» في مهام.

إذ انتقدت صحف أميركية عدّة، استراتيجية الرئيس باراك أوباما لمواجهة تنظيم «داعش»، ووصفتها إحدى الصحف بأنها غير قادرة على هزيمة التنظيم، بينما دعت أخرى إلى اتباع تعليمات تتمكّن من الأعداء وتتجنّب قصف الأصدقاء. ومن هذه الصحف والدوريات: «فورين بوليسي»، «واشنطن تايمز» و«واشنطن بوست».

أما صحيفة «إندبندنت» البريطانية فأوردت تقريراً لباتريك كوبيرن، قارن في مستهلّه بين ما يقوم به الغرب اليوم وما فعله الأباطرة الصينيون في عصر انهيار دولتهم، إذ كان كبار رجال الامبراطورية يتلقون أخبار الهزائم العسكرية المتتالية لجيوش الامبراطور، لكنهم ببساطة يعلنون الانتصار على قوات العدوّ البربرية. ويعتبر كوبيرن أن خداع النفس الذي مارسه الصينيون في تلك الفترة، هو الأسلوب نفسه الذي يخدع به الغرب نفسه حالياً في الحرب ضد تنظيم «داعش». ويوضح كوبيرن أن التفاؤل المبالغ فيه لم يمنع سقوط الموصل ولم يلتفت أحد إلى حقيقة أن «داعش» كان يسيطر لفترة على الفلوجة، وكان يتحرك مقاتلوه بحرّية تامة في الأراضي العراقية الواقعة بين الحدود الإيرانية وحلب.

«فورين بوليسي»: استراتيجية أوباما لن تهزم «داعش»

انتقدت صحف أميركية عدّة، استراتيجية الرئيس باراك أوباما لمواجهة تنظيم «داعش»، ووصفتها إحداى الصحف هذه الاستراتيجية بأنها غير قادرة على هزيمة التنظيم، بينما دعت أخرى إلى اتباع تعليمات تتمكّن من الأعداء وتتجنّب قصف الأصدقاء.

فقد نشرت مجلة «فورين بوليسي» مقالاً للكاتب مايكل نايتس شكّك خلاله في الاستراتيجية الأميركية التي يتبنّاها التحالف الدولي في القتال ضد تنظيم «داعش» في كل من العراق وسورية.

وأشار نايتس إلى أن مضاعفة الجهود في إطار الاستراتيجية الراهنة لن يؤدّي إلى دحر «داعش»، وأن الحملة الجوّية وحدها لا تعتبر كافية لتحقيق الأهداف المرسومة.

من جانبها، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية مقالاً للكاتب ديفيد ديبتولا أشار فيه إلى تصريحات وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في شأن مدى فاعلية القوات العراقية في القتال ضدّ «داعش».

وأضاف ديبتولا أن القوات العراقية لم تخضع إلا لفترات قصيرة من التدريب على أيدي الأميركيين، وأن هذا التدريب لا يعتبر كافياً.

وقال الكاتب إنه ينبغي على الولايات المتحدة ألا تخلط بين أهدافها المتمثلة في حماية مصالحها وأمنها القومي، وبين أهداف الحكومة العراقية. موضحاً أن واشنطن تسعى إلى تدمير «داعش» لا للحفاظ على الدولة العراقية.

وأضاف أن الولايات المتحدة تحارب «داعش» على اعتبار أنه تمرّد، لكن التنظيم أعلن عن نفسه أنه «دولة ذات سيادة».

ودعا الكاتب أميركا إلى تغيير استراتيجيتها في مواجهة تنظيم «داعش»، وإلى شن حملة جوّية تكون أكثر تصميماً وقوة، وتؤدي إلى شلّ قدرة التنظيم على التوسع أو تصدير الرعب، ودعا إلى نشر قوات برية لتساند دور الحملة الجوّية.

وفي السياق ذاته، نسبت صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية إلى قائد الحملة الجوّية ضدّ تنظيم «داعش» القول إن هناك أكثر من مئة غارة جوية شنّها طيران التحالف على مواقع في العراق، لكن القصف طاول قوات صديقة.

وأشار الفريق جون هيسترمان إلى أنه يصعب على الطيّارين في الجوّ التمييز بين الصديق والعدو. ودعا إلى ضرورة تحديد مواقع القوات العراقية كي يصار إلى تجنّب استهدافها بنيران التحالف الصديقة.

وأضافت الصحيفة أن بعض النواب والطيّارين السابقين الأميركيين انتقدوا قواعد الاشتباك المفروضة على طيّاري التحالف ووصفوها بأنها صارمة إلى درجة تتيح للعدو فرصة الهرب، بينما ينتظر الطيّارون الحصول على الإذن بالقصف.

«إندبندنت»: خطر «داعش» يتزايد والغرب يخدع نفسه

نشرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية تقريراً لباتريك كوبيرن عنوانه: «بينما يتصاعد خطر داعش، يتزايد أيضاً خداع الغرب لنفسه».

يمهّد كوبيرن لفكرته بالمقارنة بين ما يقوم به الغرب اليوم وما فعله الأباطرة الصينيون في عصر انهيار دولتهم، إذ كان كبار رجال الامبراطورية يتلقون أخبار الهزائم العسكرية المتتالية لجيوش الامبراطور، لكنهم ببساطة يعلنون الانتصار على قوات العدوّ البربرية.

ويوضح كوبيرن أن المستشارين زرعوا فكرة وجود ميزة لا تضاهى، ويمكنها حسم المعارك في النهاية لمصلحة الإمبراطورية، وهي حرمان الدول البربرية المعادية من صادرات نبات الراوند الذي كانت تنتجه الصين بكثافة، وكان يستخدم في الوصفات الطبية الشعبية لعلاج الإمساك وعدّة أمراض أخرى.

ويقول كوبيرن كان الامبراطور والحاشية على يقين أن الشعوب المحاربة لبلادهم ستخضع فور منع الراوند عنهم، وبالتالي انهارت الامبراطورية وانهارت أحلام اليقظة معها.

ويعتبر كوبيرن أن خداع النفس الذي مارسه الصينيون في تلك الفترة، هو الأسلوب نفسه الذي يخدع به الغرب نفسه حالياً في الحرب ضد تنظيم «داعش».

ويضيف أن الغرب والمتحالفين معه في الشرق الأوسط فشلوا حتى الآن في إيقاف زحف «داعش» الذي يبدو غير قابل للهزيمة منذ برز على الساحتين العراقية والسورية السنة الماضية.

ويوضح كوبيرن أن التفاؤل المبالغ فيه لم يمنع سقوط الموصل ولم يلتفت أحد إلى حقيقة أن «داعش» كان يسيطر لفترة على الفلوجة، وكان يتحرك مقاتلوه بحرّية تامة في الأراضي العراقية الواقعة بين الحدود الإيرانية وحلب.

ويوضح كوبيرن ثلاثة أسباب دفعته إلى تأكيد أن «داعش» يزداد قوة وتطوّراً، وهي أن التنظيم يقاتل على عدة جبهات متفرقة تفصل بينها آلاف الكيلومترات لكنه يُظهر كفاءة كبيرة في القتال أكثر من السنة الماضية.

ويضيف أن التنظيم لا يزال يتمدّد ويسيطر على المزيد من المدن والأراضي على رغم مرور أشهر من الغارات الجوية التي تقودها واشنطن ضدّه، والتي اعتبر الغرب أنها كافية لإيقاف تمدّد التنظيم قبل حصاره والإجهاز عليه، لكن ذلك لم يحدث.

الأمر الثالث أن انتصارات التنظيم الأخيرة في الرمادي وتدمر، لم تكن مفاجئة كما الحال عندما سيطر على الموصل، لكنها كانت معارك منتظرة ومتوقعة، وعلى رغم ذلك لم يتمكن أحد من التصدّي لمقاتلي «داعش» سواء في العراق أو سورية.

ويؤكد كوبيرن أن المسؤولين في الغرب تعاملوا مع هذه الهزائم المتتالية كما تعامل نظراؤهم الصينيون قبل قرون، إذ أنكروا أهميتها وأثرها على سير العمليات وتظاهروا بأن التنظيم ينهزم ويتقهقر.

وينقل كوبيرن تصريحاً عن المتحدث بِاسم الخارجية الأميركية آنتوني بلينكن قال فيه إن الأراضي التى يسيطر عليها التنظيم تقل، وأن 10 آلاف من مقاتليه على الأقل قتلوا في الغارات الجوية.

ويخلص كوبيرن إلى أن «داعش» يمكن دحره، إنما فقط عندما يتوقف المسؤولون الغربيون عن خداع أنفسهم.

«تايمز»: رامسفيلد يعتبر أنّ بوش أخطأ في غزوه العراق

تناولت صحيفة «تايمز» البريطانية الأزمة العراقية المتفاقمة، ونسبت إلى مسؤول أميركي سابق اعترافه بأن غزو العراق كان غلطة، وتصريحه بأن الغرب غير مجهز للتعامل مع التطرّف الإسلامي المستشري في منطقة الشرق الأوسط.

وأوضحت الصحيفة أن وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد أشار إلى أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن كان على خطأ عندما قاد تحالفاً دولياً في 2003 للإطاحة بنظام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين.

وفي مقابلة أجرتها معه «تايمز»، أعرب رامسفيلد عن القلق إزاء فشل الحكومات الغربية في التعامل مع صعود التطرف الإسلامي، وتوقع أن الحرب على تنظيم «داعش» في منطقة الشرق الأوسط قد تستغرق عقوداً.

وأضاف: «أنا لست الشخص الذي يعتقد أن قالب ديمقراطيتنا هو المناسب للبلدان الأخرى في كل لحظة من تاريخها. ويبدو لي أن فكرة صنع ديمقراطية في العراق كانت غير واقعية. كنت أشعر بالقلق إزاء ذلك عندما سمعت للمرة الأولى هذه الكلمات».

وقال إن حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة لم يعودا مناسبين للتعامل مع التهديدات الحديثة مثل الأسلحة الكيماوية والتمدّد «الإسرائيلي». وأشار إلى أنه يجب على الغرب أن يبدأ هجوماً جديداً على الجماعات الإسلامية، وذلك على غرار الحرب الباردة، وأن يقوم بتشكيل حلفاء يتعاونون على عمليات تجسّس مشتركة وينسقون لحرمان المتطرفين من المال والأصول الأخرى.

وفي سياق متصل بالشرق الأوسط، ذكرت الصحيفة في تقرير منفصل أن رامسفيلد حثّ دول الغرب على احتضان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك باعتباره «من بين عدد قليل من القادة المسلمين الذين يدعون إلى إدخال إصلاحات على التعاليم الإسلامية».

«كوريير ديلا سيرا»: بوتين يعتبر أنّ سياسة روسيا ردّ فعل على التهديدات الموجّهة إليها

دافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن سياسته المثيرة للجدل في الغرب، واصفاً هذه السياسة بأنها ردّ فعل على المخاطر الجديدة التي تتهدد بلاده.

وفي تصريحات لصحيفة «كوريير ديلا سيرا» الإيطالية، قال بوتين: «ما نفعله هو مجرد ردّ على التهديدات الموجهة إلينا».

ونشر الكرملين المقابلة أمس قبل الزيارة التي سيقوم بها بوتين إلى إيطاليا يوم الثلاثاء المقبل. وحول علاقة بلاده بحلف شمال الأطلسي قال بوتين: «أعتقد أن الشخص المريض فقط هو الذي بوسعه تصور أن روسيا يمكن أن تهاجم الناتو». مشيراً إلى التلاعب بمثل هذه المخاوف من روسيا في بعض الدول.

واتهم بوتين الولايات المتحدة بالتلاعب بمثل هذه التخوفات ورسم صور العدو من أجل تعضيد زعامتها في العالم، كما أعرب عن اعتقاده بأن الصراع في أوكرانيا هو نتيجة لأعمال غير احترافية من قبل الولايات المتحدة. وأضاف: «أريد أن أقول لكم أن لا داعي للخوف من روسيا».

يذكر أن بوتين يعتزم عقد لقاء مع فرنسيس الأول بابا الفاتيكان وذلك خلال زيارته إلى إيطاليا، وهي الدولة الأولى من دول السبع يزورها بوتين بعد قمة المجموعة المزمع عقدها اليوم وغداً في جنوب ألمانيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى