الأحزاب العلمانية تجهض الأحلام الأردوغانية

لمى خيرالله

بعد ضجيج الانتخابات استفاقت تركيا على معضلة تشكيل الحكومة بعدما وجد حزب العدالة والتنمية نفسه في مأزقِ محاولة أجهاض الأتاتوركية العلمانية واستبدالها بسلطنة عثمانية، ومعها أطاح الأكراد برغبة أردوغان تعديل الدستور ومنحه صلاحيات مطلقة ما قوّض آماله بتعزيز سلطته الأحادية.

أردوغان لم يكن راضياً عن أداء رئيس حزبه أحمد داوود أوغلو خلال حملته الانتخابية مما دفعه لمخالفة الدستور والنزول بثقله فيها لدعم حزبه والتخلي عن حياده تجاه الأحزاب المختلفة كرئيس للجمهورية، إلا أنه خالف ذلك وشن حملة لدعم حزبه الحاكم مما جعل نتائجها تبدو كهزيمة شخصية، ناهيك عن ضعف أوغلو الذي وضع أردوغان في موقف لا يحسد عليه ووجد نفسه أمام ائتلاف معارض قوي يتكون من الأكراد الساخطين والشباب العاطلين والليبراليين واليساريين ما يعني جذب العديد من الأنصار من غير الأكراد ممّن يريدون كبح جماح أردوغان. ويقول محللون إنه في حال استطاعت مكونات هذا التحالف المعقّد الصمود في وجه الإسلاميين، فسيخسر حزب العدالة والتنمية الذي يواجه أكبر تحدٍ منذ صعوده إلى السلطة وهيمنته الطويلة عليها.

مشاعر الاستياء بين صفوف المعارضين الذين يتمركز أغلبهم في المدن الكبرى امتدت أيضاً إلى القرى والأقاليم التي لطالما كانت القاعدة الداعمة دوماً لحزب العدالة والتنمية في تسع انتخابات خاضها من قبل. فالانتخابات عاقبت جنون العظمة الأردوغانية وحرمته من الحصول حتى على الحد الأدنى لتشكيل الحكومة بمفرده أي بـ267 مقعداً.

فوز بطعم مر خسر فيه حزب أردوغان الغالبية المطلقة التي كان يتمتع بها وأجهضت معه تطلعاته لتعزيز سلطاته والتحول بالبلاد إلى النظام الرئاسي وبالنتيجة التي حققها في هذا الاقتراع يكون الحزب الحاكم قد مني بأسوأ هزيمة له منذ إطاحته بالنظام العلماني الموالي للجيش عام 2002. فيما فاز حزب الشعوب الديموقراطي الكردي بتجازوه عتبة العشرة في المئة ليكون الحزب الرابع في البرلمان التركي للمرة الأولى.

ارتباك أردوغان ظهر جلياً قبل الانتخابات عندما وصف حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، الذي حصل على 25 في المئة من المقاعد، «بأنه حزب للكفرة والشواذ».

إضافة لعدم إدانته أكثر من 70 هجوماً على مرشحي ومسؤولي حزب الشعب الجمهوري والتي أدى أحدها إلى مقتل شخصين وجرح أكثر من 200 شخص عندما وقعت القنابل على حشد جماهيري للحزب في منطقة ديار بكر كذلك شنه حملات على الاعلام واتهامه منتقديه بأنهم جزء من مؤامرة على تركيا.

سايمون تسدول كتب في صحيفة «الغارديان» أن «أردوغان وجه الإهانات، والتهديدات، والاتهامات إلى المعارضين، والناشطات السياسيات، والإعلام، وغير المسلمين، والأقليات العرقية والثقافية في تركيا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى