أوباما يرى الحل السلمي للأزمة الأوكرانية ممكناً فقط على أساس وحدة أراضيها لافروف: الغرب أصبح رهيناً لموقف كييف غير البنّاء
اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب أصبح رهيناً لتصرفات كييف التي بادرت إلى تصعيد الوضع في منطقة دونباس قبيل انعقاد قمة G7.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي فلاديمير ماكيي في موسكو أمس: «إننا ندعو شركاءنا الغربيين إلى منع انتكاسات تؤدي للعودة إلى القرارات العسكرية»، لا يمكن التوصل إلى تسوية للأزمة بالوسائل السلمية إلا بجهود مشتركة يبذلها جميع الأطراف ذات التأثير في طرفي النزاع من أجل تطبيق اتفاقات مينسك، وذلك «لأن البديل الوحيد هو السيناريو العسكري الذي تتذكره كييف من وقت لآخر».
ولفت الوزير الروسي الانتباه إلى أن التصعيد الأخير في دونباس جاء قبيل انعقاد قمة مجموعة G7. قائلاً: «يبدو أنهم كييف أرادوا تصعيد الوضع لأقصى درجة قبل انعقاد هذه القمة، علماً بأن زعماء الدول السبع أعلنوا في وقت سابق أن العقوبات على روسيا ستبقى حتى تطبيق روسيا لاتفاقات مينسك».
واعتبر أن هذا الوضع أصبح ورقة رابحة بيد كييف، التي تعمل على إحباط تنفيذ اتفاقات مينسك، من أجل إلحاق الضرر بروسيا، علماً بأن ذلك يمنع رفع العقوبات المفروضة على الأخيرة. أما الشركاء الغربيون فأصبحوا، بحسب لافروف، رهائن لتصرفات كييف، بسبب ربطهم بين العقوبات وتنفيذ اتفاقات مينسك.
كما أعرب وزير الخارجية الروسي عن أمله في ألا تؤدي الاستفزازات الأخيرة في منطقة دونباس إلى إحباط عملية التفاوض المتواصلة في مينسك. وأشاد بسير المفاوضات بعد تشكيل 4 لجان فرعية معنية بتطبيق جوانب معينة من اتفاقات مينسك، وذلك في إطار مجموعة الاتصال الخاصة بأوكرانيا، قائلاً: «هناك بوادر على تبلور توافق، ما زال بحاجة إلى بذل جهود جدية إضافية لتنسيقه، لكن كل شيء بيد المفاوضين وهو أمر يمكن تحقيقه، وأنا أعول كثيراً على ألا تؤدي الاستفزازات الأخيرة حول بلدة ماريينكا والتصريحات العدوانية إلى إحباط هذه العملية، وآمل أن تجتمع اللجان الفرعية في أقرب وقت لمواصلة العمل».
وفي السياق، أكد لافروف أن موسكو ستحث جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين على تطبيق اتفاقات مينسك، وتأمل أن يحذو الغرب حذوها في ما يخص التأثير في السلطات الأوكرانية.
وبشأن استقالة هايدي تاليافيني مبعوثة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي إلى أوكرانيا، اعتبر لافروف أن هذا القرار مرتبط بأسباب تحمل طابعاً شخصياً، وأعرب عن أمله في أن يتم تعيين مبعوث جديد قريباً وأن تساعده تاليافيني خلال المرحلة الانتقالية، كي ينخرط بسرعة في جهود الوساطة، وأنه يعول على زيارة المبعوث الجديد إلى موسكو لإبلاغ القيادة الروسية برؤيته لسبل تسوية الأزمة، على غرار ما فعلته تاليافيني بعد تعيينها في هذا المنصب العام الماضي.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أعلن في وقت سابق أن الحل السلمي الدبلوماسي للنزاع المسلح في أوكرانيا يمكن فقط على أساس مراعاة وحدة أراضي هذا البلد وسيادته.
وفي لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على هامش قمة مجموعة G7 في ألمانيا، قال أوباما إن الحل الدبلوماسي للنزاع سيتطلب من «أوروبا والولايات المتحدة والشركاء على ضفتي المحيط الأطلسي والعالم كله اليقظة والتركيز على دعم مبدئي وحدة الأراضي والسيادة».
كما اعتبر الرئيس الأميركي أنه من المهم الحفاظ على العقوبات كوسيلة ضغط على روسيا وعلى المقاتلين المعارضين لكييف في جنوب شرق أوكرانيا: «كي ينفذوا اتفاقات مينسك بالكامل».
إلى ذلك، أعلن ألكسندر هوغ نائب رئيس بعثة المراقبة الدولية في أوكرانيا عن تسجيل يومي لوجود أسلحة ثقيلة في منطقة النزاع في دونباس، على رغم اتفاق الجانبين المتنازعين على سحبها عن خط التماس.
وقال هوغ في كلمة ألقاها خلال اجتماع للمجلس البرلماني «أوكرانيا – الناتو» في كييف أمس: «هناك تصريحات من الجانبين تشير إلى سحب الأسلحة الثقيلة، إلا أننا نشاهد كل يوم مئات القطع من هذه الأسلحة على رغم أن الجانبين اتفقا على ألا تكون هناك مثل هذه الأسلحة».
كما أوضح أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لا ترى الأسلحة الثقيلة في المواقع التي سحبت إليها سابقاً، مضيفاً أن هذه الأسلحة نقلت إلى جهة مجهولة وأن الجانبين يتبادلات الاتهامات بإخفاء الأسلحة الثقيلة.
من جهة أخرى، أكد وزير الدفاع الأوكراني ستيبان بولتوراك خلال الاجتماع أنه لا يمكن حل النزاع في شرق أوكرانيا عسكرياً فقط، مشيراً إلى أن بدء عملية أمنية واسعة النطاق سيؤدي إلى سقوط خسائر بشرية كثيرة بين المدنيين، مؤكداً أن كييف لا تريد سقوط المزيد من الضحايا بين الأوكرانيين وستفعل كل ما بوسعها للحيلولة دون سقوط خسائر كبيرة بين المدنيين.
وفي شأن متصل، أعلن أندريه باروبي نائب رئيس البرلمان الأوكراني أن هدف أوكرانيا هو الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وقال: «هدف أوكرانيا هو الانضمام إلى الناتو»، مذكّراً بأن قمة الحلف في بوخارست في 2008 أقرت بحق أوكرانيا في الانضمام إلى «الناتو».
وأكد نائب رئيس البرلمان الأوكراني: «مهمتنا تتمثل في أن نقوم بكل ما بوسعنا لنتكيف مع كل المتطلبات التي نواجهها من أجل تحقيق هذا الهدف بأسرع وقت يمكن».
في السياق ذاته، قال باروبي إن كييف تنوي إكمال عملية إقامة نظام لامركزي وإجراء إصلاحات في الدستور الأوكراني قبل الخريف المقبل، مؤكداً أن النظام اللامركزي سيقام في كل أنحاء البلاد وأن الحديث لا يدور عن إقامة نظام فيدرالي في أوكرانيا.
وصرّحت إيرينا غيراشينكو ممثلة أوكرانيا في اللجنة الفرعية للشؤون الإنسانية التابعة لمجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية أن أكثر من 300 أسير من المواطنين الأوكرانيين محتجزون حالياً لدى قوات دونيتسك وكذلك في روسيا، مشيرة إلى أن هناك أكثر من 1200 مفقود.
وأشارت غيراشينكو في اجتماع المجلس البرلماني «أوكرانيا – الناتو» إلى أن الجانب الأوكراني يدعو إلى إشراك الصليب الأحمر الدولي في عملية البحث عن المفقودين وإثبات هوياتهم، متهمة الجانب الروسي بعرقلة « المبادرات كافة الرامية إلى البحث عن سبل تخفيف التوتر وتقديم المساعدات الإنسانية».
وأضافت أن 11 مواطناً أوكرانياً محتجزون حالياً في روسيا، وأن الاستخبارات الأوكرانية تملك معطيات غير مؤكدة تشير إلى أن عدد المحتجزين الأوكرانيين قد يبلغ 30 شخصاً، داعية المجتمع الدولي لممارسة الضغط اللازم من أجل الإفراج عن جميع الأسرى من دون شروط مسبقة وفقاً لاتفاقات مينسك.
وطالبت غيراشينكو بعثة المراقبة الخاصة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بأن تقوم ليل نهار بمراقبة الوضع في منطقة شيروكينو شرق ماريوبل في جنوب مقاطعة دونيتسك، وهي المنطقة التي تتعرض لقصف مستمر على رغم محاولات نزع السلاح فيها.