سيفاوض بحجمه الجديد…
فقد رجب طيب أردوغان قدرته على التسلط، وفقد حزبه قدرته على تشكيل حكومة تستكمل مخططات المرحلة السابقة، وكلّ ما كان قد رسمه أردوغان حتى اللحظات الأخيرة لصدور النتائج الأولية، كما فقد أردوغان قدرته على الارتجال والتغيير وتعديل الدستور التركي الذي استعمله في غير مرة لخدمته مع كلّ فرادته بين الدساتير.
اليوم توّجت سلسة هزائم «الإخوان المسلمين» في المنطقة برأس الحربة حزب العدالة والتنمية التركي، الذي سبقته هزيمة حزب الحرية والعدالة المصري الذي كان يسيطر على الحكم في البلاد برئاسة محمد مرسي فخسر، وحزب النهضة التونسي الذي خسر أيضاً في الانتخابات البرلمانية بعد «الثورة على الثورة» اذا صحّ التعبير، وصولاً الى حركة «الإخوان المسلمين» في ليبيا، والتي كانت تُسيطر على معظم الوزارات قبل انتخاب البرلمان الليبي الحالي، فتغيّر الوضع هناك ايضاً، هذا مع الاشارة الى الفشل أصلاً الذي يلف حركة «الإخوان» في سورية منذ زمن بعيد.
الجماعة سقطت، وأردوغان توقع هذا مؤخراً، لكنه حاول كسب الملف السوري عله يقلب النتيجة وفعلاً انقلبت النتيجة لكن رأساً على عقب.
بنقاش نتيجة الانتخابات لا يمكن التدقيق في أهمّ من دخول حزب الشعوب الديمقراطي الكردي البرلمان التركي بقوة، هذا الذي كان من المفترض ان يقلق اردوغان والذي من المفترض ان لا يحصل ابداً بهذا الشكل، لكن بالرغم من كلّ السياسات التي انتهجها اردوغان استطاع الاكراد ان يحدثوا الفرق واردوغان يبتلع الهزيمة… هل هي لعنة كوباني؟ ام هي المؤامرة الاميركية حينها التي تعرف جيداً من اين تؤكل الكتف؟
كان من المفترض ان تكون سياسة اردوغان تجاه سورية «مفتاح النصر» وبوابة استرجاع امجاد السلطنة، لكن الوقت وانْ طال فقد أعاد اردوغان اخيراً الى ما قبل انتصاراته الانتخابية الأولى، حيث كان يريد تثبيت أقدامه في الحكم ليثبت للشعب التركي أهليته، لكنه اليوم أثبت للشعب التركي أنه اول من أدخل كابوس التقسيم الى تركيا، والسبب أظهرته نتائج الانتخابات، ايّ نتائج الأقليات تحديداً التي يبدو انها حشدت للانتخابات لبعضها البعض لحماية مصيرها بدلاً من الزمن الذي كان فيه الاتراك جميعاً يصوّتون من دون هذه الحسابات، خصوصاً أنّ تركيا العلمانية لم تعش مثل هذه الاجواء من قبل.
دعم الجماعات المسلحة في سورية وأبرزها «جبهة النصرة» والتحريض على قتال الرئيس السوري بشار الأسد والجيش السوري وكلّ موال للدولة السورية كان بالنسبة لأردوغان قتال للعلويين والشيعة من دون مواربة، هذه الأمور كلها اجتمعت في المزاج التركي فحشدت الأقلية لنفسها وعزمت على تغيير الواقع بتغيير الأصوات التي كانت مجيّرة لحساب أردوغان لصالح المعارضة.
اما اميركا التي شاركت بهذه النتائج بطريقة او بأخرى بسبب دعمها الغير محدود لأردوغان والسماح له باستخدام كلّ وسائل الضغط وقتال النظام السوري شاركت ايضاً في ما حسم الامور في عين العرب كوباني وعرفت جيداً كيف يمكن استثمارها اليوم.
الادراة الاميركية المقبلة على تفاوض في المنطقة تعرف انّ رجب طيب اردوغان لن يفاوض وهو قوي، اما اليوم فلا يوجد امامه الا المفاوضات ولكن بحجمه الجديد…
«توب نيوز»