خلافات المنطقة تفرّق السعودية وقطر و«إسرائيل» توحّدهما

ناديا شحادة

التوتر في العلاقة بين قطر والسعودية قائم منذ تولي الشيخ حمد بن خليفة مقاليد الحكم في قطر في منتصف تسعينات القرن الماضي حيث برز الخلاف على أشده في مواقف الطرفين من مختلف القضايا العربية والاقليمية وخصوصاً خلال العدوان «الإسرائيلي» على غزة في عام 2008، ذلك ان الدولتين اتخذتا مواقف متناقضة كلياً وقاطعت السعودية قمة غزة التي استضافتها الدوحة مطلع عام 2009 وزادت العلاقة توتراً بين البلدين اثناء فترة ما يسمى بـ «الربيع العربي»، حيث اخذت قطر حيزاً كبيراً في الازمات العربية وبدا واضحاً للجميع ان قطر تريد من ما يسمى بـ «الربيع العربي» ان يكون ربيع «الإخوان المسلمين» أمام تراجع الدور السعودي الإقليمي، حتى بات في مرحلة معينة انه تابع لها، لا سيما في الازمتين السورية والمصرية وهذا ما تسبب بتوتر أكبر بين الدولتين، واتخذ طابع الصراع بين متناقضين، ظهر من خلال الحملات الاعلامية التابعة لكل منهما، حيث كان يظهر في السنوات الأخيرة من خلال حملات اعلامية تشنها صحف ومواقع اعلامية تملكها هذه الدول على نحو مباشر أو غير مباشر…

السعودية التي اتخذت موقفاً متحفظاً وتجاهر برفضه منذ اندلاع ما يسمى بـ «الربيع العربي» وبالذات في حالات مصر وتونس واليمن، واعتبرت ان اتخاذ قطر سياسات مستقلة وداعمة لجماعة «الاخوان المسلمين» مسألة تشكل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية ولاستقرار منطقة الخليج، واعتبرت ان استضافة معارضين والسماح لهم بالظهور الاعلامي على قناة «الجزيرة» يعد خروجاً عن خط الرياض، وجاهدت السعودية للضغط على قطر من اجل تغيير سياستها الداعمة لجماعة «الاخوان المسلمين» ونقلت بهذا الشأن رسائل عدة الى الدوحة وصلت الى حد التهديد بالطرد من مجلس التعاون الخليجي إذا استمرت في الخروج عن الخط السياسي الخليجي في احتضان «الاخوان».

وفي آذار 2014 قررت الإمارات والبحرين والسعودية سحب سفرائها من قطر وجاء في بيان مشترك للدول الثلاث، ان القرار اتخذ بعد فشل الجهود كافة لاقناع قطر بضرورة الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس.

وما يؤكده المراقبون انه على رغم التطاول القطري الذي اعتبرته دول مجلس التعاون الخليجي وبالذات المملكة انها تسبب الضرر لمصالحها وتهدد أمن واستقرار دول المجلس، الا ان المملكة لم تتخذ اجراءات سيادية تتعلق بجارتها الصغيرة قطر، بسبب تدخلات «إسرائيلية» حالت دون ذلك، فالعلاقة «الإسرائيلية» – القطرية علاقة قديمة بدايتها كانت عام 1996 حيث تم أول لقاء قطري مع رئيس الحكومة «الإسرائيلي» شمعون بيريز بعد زيارته قطر وافتتاحه المكتب التجاري «الإسرائيلي» في الدوحة وتوقيع اتفاقات بيع الغاز القطري لـ «إسرائيل» ثم انشاء بورصة الغاز القطري في تل ابيب، بالتالي لا يوجد تناقض إطلاقاً بين دعم قطر «الاخوان» وبين مساعداتها المالية لـ»اسرائيل»، فالهدف واحد وهو تخريب المنطقة العربية، فقطر تتمع بعلاقة جيدة مع «إسرائيل»، إضافة الى علاقتها الجديدة مع تركيا، فالتقارب السياسي والدبلوماسي حول قضايا المنطقة يتمثل بدعم الطرفين لـ»الاخوان المسلمين» والجماعات الارهابية، حيث كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية في وقت سابق ان قطر وتركيا زادتا في شكل كبير من تسليح المجموعات الارهابية خلال الأشهر الأخيرة.

فالمال القطري جنباً الى جنب مع المصالح التركية والخبرة لتحقيق الأجندات القطرية التركية التي تخص السياسة الخارجية، فتركيا تسعى الى استعادة نفوذها في المجال العثماني السابق في حين تسعى قطر الى الحفاظ على وجودها بين العمالقة.

فالعلاقات الجيدة بين قطر و«إسرائيل» وكذلك قطر وتركيا حالت دون تدخل السعودية في قطر، في حين تدخلت في سورية والعراق من طريق دعمها الجماعات المتطرفة، حيث باتت المعلومات والاخبار التي تتحدث عن ذلك الدعم أكثر من ان تحصى لدرجة ان ذلك الدعم تحول الى بديهة من بديهيات مشهد الحرب على سورية، سواء لجهة تقديم الأموال الطائلة او شراء الأسلحة لها او توفير الدعم اللوجستي والاستخباراتي، وفي هذا السياق أشار الكاتب لورانس دافيدسون في مجلة «كاونتر باتش» الاميركية الى ان تحالفاً «إسرائيلياً» سعودياً يدعم الجماعات المتطرفة مثل «جبهة النصرة» وان النظام السعودي يدعم تلك الجماعات بالاموال لأنها تعتنق ذات العقيدة الوهابية وتساهم في نشرها خصوصاً في سورية والعراق.

فمع غرور آل سعود الذي جعل السعودية بموقع تعتبر نفسها وصية على ملفات الشرق الاوسط وتورطها في الملف العراقي والسوري واليمني الذي تدخلت فيه عسكرياً في شكل مباشر وعلى رغم فشلها في حفظ هيبتها من البوابة اليمنية ما زالت مستنفرة، فهل تهاجم المملكة قطر وبالذات بعد ما أكد الدبلوماسي «الإسرائيلي» السابق إيلي افيدار ان السعودية يمكن ان تدخل قطر بـ 300 جندي، فهل تخطو المملكة تلك الخطوة باختراعها ذريعة بعد ضعف حليف قطر تركيا بخسارة حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات البرلمانية وتراجع دورها؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى