سورية: بين الحكومة والمعارضة حكم فصل… تأخر الوقت
لمى خيرالله
بعد سنوات من الدعوة لإسقاط الحكومة السورية ونظامها القائم بالطرق العسكرية، ها هي المعارضة تسعى لتحقيق ما فشلت به في الميدان ولكن هذه المرة بالطرق السياسية.
فقد توصلت الأطراف السورية المعارضة في اختتام أروقة مؤتمر القاهرة إلى خلافات حادة كادت تطيحه، حيث طالبت أطراف، مدعومة من تركيا والسعودية، بتضمين البيان الختامي فقرة تدعو إلى «إبعاد» الرئيس السوري بشار الأسد والنظام الحالي، عن لعب أي دور في مستقبل سورية. ومما جاء في الوثيقة الختامية للمؤتمر «خريطة الطريق للحل السياسي التفاوضي من أجل سورية ديمقراطية» على ضوء ما جاء في وثيقة جنيف 1، واتفقت الأطراف المشاركة في المؤتمر على »استحالة الحسم العسكري، إضافة لاستحالة استمرار منظومة الحكم الحالية التي لا مكان لها ولرئيسها في مستقبل سورية»، وتقول الوثيقة إنها تتضمن «آليات تنفيذ عملية قابلة للتحقق وقادرة على الانتقال إلى تسوية سياسية غايتها تغيير النظام في شكل جذري وشامل»، مضيفةً أن «الحل السياسي التفاوضي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سورية» وانه ينبغي أن يتم ذلك «بين وفدي المعارضة والنظام برعاية الأمم المتحدة ومباركة الدول المؤثرة في الوضع السوري»، وتدعو الوثيقة إلى «أن تلتزم كافة الأطراف المتفاوضة بوقف الأعمال العسكرية وإطلاق سراح المخطوفين والمعتقلين لدى كل الأطراف» و«السماح بعودة جميع السياسيين المعارضين المقيمين في الخارج من دون مساءلة أمنية أو قانونية أو سياسية» و«خلق مناخ مناسب في المناطق التي يسيطر عليها كل طرف بما يتيح للسوريين العودة إلى بيوتهم وأماكن عملهم».
جلسات المؤتمر لم تخل من المشادات بين الأطراف المجتمعة التي كادت أن تودي بالمؤتمر إلى الفشل، فالمشاركون في
المؤتمر، ومن بينهم الرئيس السابق لـ «الائتلاف» أحمد الجربا أصروا على أن يتضمن البيان الختامي فقرة ترفض أي دور للرئيس الأسد في الترتيبات المستقبلية لسورية، وأن عدم تضمين النص على ذلك صراحة في ختام المؤتمر سيدفعهم للانسحاب قبل صدور البيان الختامي، على أرضية داعميها السعودي والقطري بواجهته المصرية، وذلك بحسب مصادر إعلامية.
المعارضة السورية التي لطالما رفضت أي مبادرة من الحكومة السورية تتضمن حلاًّ تفاوضياً بالدعوة إلى الحوار، مدعيّة أن الوقت قد تأخر للقبول، تعود اليوم بالدعوة للحوار لوقف العمليات العسكرية متناسية هتافاتها السابقة «لا للحوار» بعدما فشلت كل أساليبها لتحقيق أي هدف يذكر على الأرض السورية سوى مزيد استجرار «داعش» و«النصرة» إلى الداخل السوري، ومزيد من القتل والدمار وحبر ممزوج بالدماء خطته الأروقة السياسية والاجتماعات الدبلوماسية بمساندتها ما يسمى المعارضة السورية، لا سيما أن المؤتمر المنعقد في أحد فنادق العاصمة المصرية القاهرة أثار العديد من الشبهات والتساؤلات حول الهدف الحقيقي من وراء انعقاده في ظل غياب معظم الكيانات السورية المعارضة البارزة، ومنع التلفزيون الرسمي السوري من تغطية فعاليات المؤتمر، الذي أخرجته قوات الأمن المصرية بالقوة من قاعة الاجتماعات، قبل انتهاء الجلسة التحضيرية للمؤتمر.
مجريات الأحداث التي شهدتها الأروقة المصرية وتحولات المنطقة الدراماتيكية تدفع لطرح السؤال هل تقبل الحكومة السورية بالحوار ووقف حربها مع «النصرة» و«داعش»؟ أم تقول لا للحوار فات الميعاد؟