نهاية نظام: حكاية رجل موعود
روزانا رمّال
يحتمي وليد جنبلاط بزعامة موروثة، وربما يعتقد أنّ موقفه محصن بها وأنّ رعيته معه في السراء والضراء.
نعم ليس وحده كلهم كذلك، وليس أتباع وليد جنبلاط وحدهم مثيرين للعجب بل أنصار وأعوان كلّ زعماء لبنان وطوائفه، ولكن لا زعيم يشبه وليد جنبلاط .
يتحدث وليد جنبلاط عن نهاية للنظام السوري منذ خمس سنوات، الوقت طال لم يحصل ذلك بعد وتغيرت أمور كثيرة، وتصريحات وليد جنبلاط التي تنذر بسقوط محتوم للرئيس بشار الأسد ونظامه كثيرة لا تضيف شيئاً جديداً أو جدياً .
الجدية تكمن في لعب دور مؤثر في اللعبة السورية غير الموقف السياسي أو التمنيات ضمن إطار النفوذ أو القدرة التي تسمح بتقديم شيء على هذا الصعيد .
قدم تيار المستقبل في موضوع الأزمة السورية كلّ ما يمكن له، وساعد «المعارضة» سياسياً وعسكرياً وأمّن للإرهابيين البيئة الحاضنة التي ينفي أحد وزراء «المستقبل» في الحكومة نفياً قاطعاً تواجدها كمناطق أمنية بحماية «المستقبل» أو يهرب إليها الإرهابيون أو لوجستيات وأمنيات وتدريب وتثقيف وأيضاً تمويل ومساعدة لاجئين عاديين.
يعرف تيار المستقبل أنه قادر على التحرك ضمن قاعدة شعبية لا تحجمه في حال اتخذ موقفاً مع أو ضدّ طرف في سورية لأنه «واحد من أصل كل» أي امتداد لمحور أو حلف يعتبر الدليل بالنسبة إلى آل الحريري وهو المحور السعودي وما يتبعه، وبالتالي فإنّ موقفه ضدّ النظام السوري لم يكن تحجيماً له أو ارتجالاً نابعاً من افتراض اتهام سورية بقتل الرئيس رفيق الحريري، بل امتداد لموقف أكثر من نظام عربي وعلى رأسهم دولة رمز لطائفة بأكملها وهي السعودية.
إذاً ينسجم «المستقبل» مع أوليائه في لعبة مصالح متبادلة تارة، و«تكليف رسمي» طوراً.
وحده وليد جنبلاط يقف فاقداً القدرة على «الإمكان»، ليس واثقاً بقدرة طائفته على الانخراط معه في مشروعه حتى النهاية، وهو يعرف أن لا امتداد أو مرجعية تحمي الرعية في زمن استهداف الأقليات في المنطقة، لكنّ الأهمّ هو ما أدركه أو ما كشفت عنه الأزمة السورية والذي جاء عكس ما كان يتوقع وليد جنبلاط أو يراهن عليه وهو أنّ دروز سورية ليسوا جزءاً من مشروعه بل إنهم مع خصمه منذ بداية الأزمة يردّدون الولاء ويؤكدون على موقفهم مع الجيش السوري عند كلّ مناسبة .
لا طائفة ولا رعية ولا حضن ولا رعاية، والأهمّ لا مصلحة من مشاركة جنبلاط في هذه اللعبة هذه المرة، وبمعنى آخر لا مصلحة حتى لاعتباره جزءاً أساسياً من اللعبة حتى أميركياً حيث تعرف الديبلوماسية الصديقة لجنبلاط في عوكر وعرفت جيداً مكامن قوته وضعفه في الاستحقاقات، فخرج وليد جنبلاط أو تحجّم موقعه عندما انفتحت الأزمات وتشابكت، عكس حزب الله و«المستقبل» الذين يمثلان امتداداً لحلف كلّ منهما ماض فيه حتى النهاية .
يعرف وليد جنبلاط أنّ موقف الأقليات عند الأزمات الكبرى يذوب بين المستجدات، ولا يمكن التعويل عليه كموقف يمكن استخدامه لقلب موازين الأحداث، ولكن مع هذه المعرفة واصل جنبلاط بحثه عن بوابة الدخول على خط الأزمة السورية لكن ليس من الباب الطبيعي الذي كان من المفترض الدخول عبره، كتحصيل حاصل ومضمون بين يديه أي «دروز سورية»، إنما عبر الإرهاب في سورية، فعزم على اعتبار جبهة النصرة «معتدلة».
شرعنة «النصرة» هي بديل جنبلاط لتحقيق أهدافه بلعب دور عسكري يوهم فيه طائفته بتأمين حماية لا يمكن له إقناعها بها بعدما طلبت «النصرة» من الدروز إشهار الإسلام والتخلي عن الطائفة تحت طائلة القتل أولاً، وسياسياً حيث يدخل من باب عريض في المشاركة في لعبة إسقاط النظام في سورية التي يعتقد أنها ستحجز له مكانة تلقائية كزعيم درزي عند السوريين يصبح آمراً ناهياً متحكماً بمصيرهم السياسي، فيؤسس لدويلة درزية يعرف أنها قد لا تكون مستحيلة إذا سلك التقسيم في المنطقة طريقه، متناسياً 50 ألف مقاتل إيراني ولبناني ومشاركة حزب الله الضخمة في حماية النظام السوري كما يقول خصومه.
قال جنبلاط «إنّ النظام السوري انتهى» بعد سيطرة فصائل المعارضة على مقرّ اللواء 52 في درعا جنوب البلاد، متناسياً سقوط أردوغان رأس مشروع الإخوان في المنطقة ومحرك جبهة النصرة حليف جنبلاط المفترض، اليوم يعيد على المسامع توقعاته بسقوط النظام السوري، متناسياً قرب التوقيع على الخريطة الجديدة للمنطقة المنبثقة عن التوقيع النووي التاريخي بين طهران والغرب يجدّد جنبلاط الأماني .
هاجسه ذلك النظام… هي حكاية رجل موعود وليد جنبلاط.