أحلام أردوغان السياسية تتضح بإنجازته الاقتصادية
مرفان شيخموس
يبدو أنّ أحلام أردوغان السياسية وطموحه لإعادة إحياء مشروع السلطنة العثمانية، ولكن بقيادته الإخوانية «حزب العدالة والتنمية»، قوّضت إنجازته الاقتصادية خلال العقد الماضي، ثلاثة أضلاع رئيسة يمكن أن تبرز النظرة في مثلث الاقتصاد السياسي التركي وأسباب تراجعه خلال السنة الماضية.
من أبرز تلك الأسباب، وفق العديد من المحللين الاقتصاديين والمراقبين السياسين للشأن التركي: ارتباك السياسة الداخلية ودفع الثمن الباهظ في السياسة الخارجية لتركيا نتيجة لتدخلات «حزب العدالة والتنمية» في الشؤون الداخلية للعديد من الدول ودعمها لجماعة «الإخوان المسلمين» على المستوى العالمي، مصر وتونس وليبيا، والتدخل في الأزمة السورية وإنشاء غرف عمليات للمجموعات الإرهابية على الأراضي التركية والتلاعب بالمواقف السياسة مع العراق، كلّ هذه الأمور تسببت بخسارة تركيا، مليارات الدولارات والفرص الاستثمارية كما أنها أبطأت عمليات تصدير السلع التركية خلال العامين الماضيين.
ولعلّ فضائح الرشاوى التي طاولت كبار المسؤولين في حكومة أردوغان وفي مقدمهم نجل أردوغان بفضيحة بنك «خلق»، أظهرت الوجه الحقيقي لحكومة «العدالة والتنمية». ووفق مؤشر الفساد الدولي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، تراجعت تركيا إلى المركز 64 عالمياً، ضمن 175 دولة، ما دفع مؤسسة «ستاندرد أند بورز» إلى تحويل نظرتها الإيجابية إلى سلبية تجاه الاقتصاد التركي، فيما كان تحول الصراع مع حركة فتح غولن من سياسي إلى صراع اقتصادي بفرض حكومة «العدالة والتنمية» وصايتها على بنك «آسيا الاسلامي» سبباً في تدفق مليارات الدولارات عام 2014، تتأكد من جديد النظرة الفاسدة «للعدالة والتنمية».
أما الاحتجاجات العمالية خلال الأشهر القليلة الماضية، فقد أدت إلى تراجع كبير في النشاط الاقتصادي، وخصوصاً على مستوى قطاع الإنتاج، ويرجّح العديد من المحللين الاقتصاديين أسباب تلك الاحتجاجات بالرغبة العمالية في تحسين ظروف العمل وزيادة الأجور، ولكن يكمن السبب الرئيسي في سياسات الخصخصة الخاطئة التي اتبعها «العدالة والتنمية» لتحقيق النمو الاقتصادي السريع.
لكن لا يمكن إخفاء الإنجازات الاقتصادية التركية التي تحققت خلال ثلاثة عشرة عاماً وكانت أساس النجاح السياسي للعدالة والتنمية.
فما هي أبرز الإنجازات الاقتصادية للعدالة والتنمية بقيادة أردوغان؟
وفق مؤسسة «ستا» للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تركيا، بلغت نسبة التضخم عام 2002 55 في المئة، لكنها أخذت تتراجع حتى بلغت أقل من 10 في المئة مع بداية 2014. كذلك ارتفع معدل دخل السنوي للفرد من 3500 دولار في السنة إلى حوالى 11 ألفاً عام 2014. واستطاعت تركيا إيفاء مجمل ديونها لصندوق النقد الدولي عام 2013.
وشجع النمو المتواصل للاقتصاد الحكومة على وضع هدف طموح أن تصبح تركيا بين أكبر 10 اقتصادات في العالم بحلول عام 2023، لكنّ اعتراف صناع السياسة الاقتصادية في تركيا بأنّ المستقبل الاقتصادي التركي يتصف بالضبابية وعدم الوضوح في ظلّ حكم أردوغان لم يسمح بإيجاد مناخات آمنة للاستثمارات، وسبب في تراجع النمو والتضخم وعجز الميزان الجاري وانخفاض قيمة الليرة خلال العامين الماضيين، وبالأخص موقف أردوغان من حاكم المصرف المركزي ونعته بالخائن لعدم خفض أسعار الفائدة في شكل يناسب سياسة أردوغان مسببة تراجع الليرة التركية في شكل فاضح أمام الدولار الأميركي وليزداد قلق الأسواق المالية التركية بإخفاق «العدالة والتنمية» بالفوز بالانتخابات ولتسجل الأصول التركية أداءً أضعف وتتراجع في شكل ملحوظ ما زاد الوضع الاقتصادي المتراجع في تركيا سوءاً.
وبذلك يكون الاقتصاد التركي بوضعه الراهن من ارتفاع معدلات البطالة والتي بلغت 11.2 وتراجع نسبة النمو إلى أقل من 3 في المئة عام 2014 بعد أن بلغ أكثر من 9 في المئة عام 2010 وفقدان الليرة التركية لأكثر من 40 في المئة من قيمتها مؤشرات، تؤكد تصريحات وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي أنّ بلاده لن تصبح ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم بحلول عام 2023.
الاقتصاد التركي يتعرض اليوم لضغط متزايد: تراجع النمو في شكل حاد من تسعة في المئة في 2010 و2011 إلى أقلّ من ثلاثة في المئة عام 201، وثقة المستهلكين في أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات، ومعدل البطالة ارتفع إلى 11 في المئة، وفقدت الليرة نحو 40 في المئة من قيمتها في مقابل الدولار منذ أيار 2013.