نفير السويداء… إلى كنف الجيش لقتال الإرهاب
معن حميّة
مجزرة بلدة قلب لوزة في جبل السمّاق بإدلب، والتي ارتكبتها المجموعات الإرهابية بحق أبناء شريحة اجتماعية سورية، ليست المجزرة الأولى وليست الأخيرة. لكن هذه المجزرة، أيقظت بعض النائمين على حرير ضمانات كاذبة روّجت لها بعض الدول والقوى.
قبل مجزرة قلب لوزة، تجنّدت قوى معروفة وبدأت تروّج بأنّ هناك «ضمانات» بعدم اعتداء المجموعات الإرهابية على أهالي بعض القرى والبلدات، وأنّ حياة أبناء هذه المناطق ووجودهم، بمنأى عن الخطر، وليس محلّ استهداف من قبل «النصرة» و«داعش» وأخواتهما، لكن سرعان ما تبيّن أنّ تلك «الضمانات» المزعومة مجرّد «أضغاث أحلام»، وأنّ الهدف منها هو خلق حالة من الاسترخاء لدى أهالي المناطق، بما يسهّل على الإرهابيين احتلال القرى وممارسة القتل والإجرام من دون مقاومة.
بعد المجزرة انكشفت خديعة «الضمانات»، وظهرت حقيقة ساطعة مفادها أنّ الإرهاب الذي ينقاد بغرائزه الإجرامية الوحشية، هو إرهاب قاتل وهدّام، يستهدف كلّ السوريين من دون استثناء، ويستهدف الإنسان في المجتمع، خصوصاً أنّ مجزرة جبل السماق ليست الأولى، بل سبقتها مجازر وحشية عديدة، أزهقت أرواح آلاف السوريين.
لقد بات مؤكداً أنّ فكرة «الضمانات» لشرائح اجتماعية سورية معينة، هي لتعبيد الطريق أمام المجموعات الإرهابية ومن يقف خلف هذه المجموعات وفي صفّها، لاحتلال مناطق سورية جديدة. وأنّ هناك دولاً معروفة، في مقدّمها تركيا، هي التي شجّعت على السير بخديعة «الضمانات»، وطبعاً، العدو الصهيوني ليس بعيداً عن هذه الأجواء، فهو كثَّف في الآونة الأخيرة، الحديث عن «ضمانات» يقدّمها هو لبعض المناطق السورية، في سياق مشروعه الهادف إلى إقامة حزام آمن له، ضمن الأراضي السورية!
تركيا متورّطة فعلاً في موضوع الضمانات الوهمية، وهناك أكثر من بلد عربي متورّط أيضاً، وبعض القوى المحلية انغمست في الترويج لذلك، مسنودة بوعود هذه الدول، فتوكّلت من دون أن تعقل!
صحيح أنّ تركيا وبعض حلفائها من العربان يديرون المجموعات الإرهابية ويقدّمون لها الإسناد العسكري والدعم المالي والتسليحي واللوجستي، ويضعون لها الأهداف، هدفاً تلو الآخر، وفقاً للمخطط الغربي ـ الصهيوني، لكن واهم من يعتقد أنّ تركيا ومعها حلفاءها من العربان يستطيعون لجم وحش الإرهاب الذي يقتات من دماء البشر!
وواهم من يعتقد أنّ تركيا ومعها بعض العرب يمكن أن يصلوا إلى مرحلة منع هذا الوحش الإرهابي من ارتكاب القتل والفظائع، لأنهم هم القتّالون، والعناصر الإرهابية المتعدّدة الجنسيات أدوات منفذة مهمتها قطع الأعناق والتمثيل بالجثث.
دماء السوريين المسفوكة في مجزرة قلب لوزة، أسقطت خديعة الضمانات الكاذبة، وعلى وقع هول المجزرة تلمّس السوريون الخطر، وقد تعزز عندهم خيار المواجهة وقرار الدفاع المستميت عن القرى والبلدات، ومع هذا الخيار والقرار ترتسم معالم جديدة في مسار المعركة، التي تخوضها الدولة السورية ضدّ الإرهاب.
مدينة السويداء التي باتت في مرمى نار الإرهاب بعد سقوط اللواء 52، تتحضّر الآن لمعركة كبيرة ضدّ المجموعات الإرهابية. معركة يخوضها الجيش السوري بجدارة، مدعّماً بالتفاف القوى وأبناء السويداء حوله، وقد ترجم هذا الالتفاف في مؤازرة الجيش السوري الذي أفشل هجوم المجموعات الإرهابية على مطار الثعلة العسكري.
في السويداء وجبل العرب، بدأت تنتشر دعوات يطلقها مشايخ العقل والفاعليات، تحث أبناء المنطقة على التطوّع في الجيش لمحاربة المجموعات الإرهابية، وهذه خطوة مهمة لها أكثر من دلالة، وهي تستبطن موقفاً حازماً وحاسماً برفض قيام أيّ تشكيل يحمل هوية طائفية أو مذهبية من خارج سلطان الدولة السورية، طالما أنّ هناك جيشاً سورياً وقوى حزبية وشعبية يحملون لواء الدفاع عن سورية وكلّ السوريين.
نفير السويداء للتطوّع في الجيش السوري وجد بيئة خصبة لدى أبناء المنطقة، وشكل رسالة واضحة إلى الدول والقوى التي تعزف على الوتر الطائفي والمذهبي، بأنّ أبناء منطقة جبل العرب والسويداء وسائر المناطق، هم أساس في النسيج السوري، وحريصون على الوحدة الروحية الاجتماعية، ومرتبطون عضوياً بسوريتهم، وبالتأكيد هي رسالة للعدو «الإسرائيلي» الذي يحاول منذ بدء الأزمة السورية أن يثأر من تاريخ أبناء جبل العرب وصمودهم وبطولاتهم في مواجهة الاحتلال والاستعمار بكلّ أشكاله.
نفير السويداء وجبل العرب، للانضواء في كنف الجيش السوري والقتال في صفوفه ضدّ الإرهاب، يستحضر تاريخ هذه المنطقة الأبية في مواجهة المحتلّ الأجنبي والعثماني، يوم كان سلطانها يقود المقاومة ضدّ المستعمر، بالتكافل والتضامن والتعاون والتفاعل مع القادة السوريين في المناطق السورية الأخرى.
هذا الاستحضار للتاريخ، يؤكد أنّ السوريين على قناعة تامة بأنّ ضمانتهم الوحيدة والأكيدة ليست في الإغراءات والوعود الكاذبة وليست في ضمانات خدّاعة، بل أنّ الضمانة الحقيقية الفعلية في دولتهم وجيشهم وقيادتهم، وفي وحدتهم، وهذا هو الردّ الحاسم على الإرهاب وداعميه، وعلى أصحاب مشروع ضرب سورية وتفتيت المنطقة.
مدير الدائرة الإعلامية في الحزب السوري القومي الاجتماعي