هل نعرف نحن أم لا نعرف؟
بلال شرارة
ليس للعالم أية مصلحة في أن تنجح المفاوضات السياسية المتوقع إجراؤها حول اليمن قريباً في جنيف، وليس للعالم مصلحة في أن تنجح المفاوضات السياسية
التي تجرى بشكل متقطع في الجزائر والمغرب حول ليبيا.
وليس للعالم مصلحة في إنهاء الحرب السورية وإحلال الحل السياسي، ونحن نرى بأمّ أعيننا كيف يجرى حرق الوقت والبلاد والعباد منذ سنوات، وكذلك استتباعات «جنيف واحد» والتفهّم المتقطع لدول العالم لضرورة حلّ سياسي.
وليس للعالم المعروف بعض الدول الكبرى والإقليمية مصلحة في أن تنتهي المفاوضات بين إيران و5+1 إلى تفاهم نهاية الشهر الجاري ولا الشهر المقبل أو
العام المقبل.
في الشرق ممنوع الحلّ، المطلوب أن يستمرّ الحريق والدمار في أوطاننا من المحيط إلى الخليج، وأن لا تقوم لنا قائمة.
المطلوب أن نشترى بثمن نفطنا وثرواتنا الطبيعية وأجزاء أساسية من موازناتنا أسلحة وذخائر، ومطلوب من معارضتنا أن تتسلّح ثم أن تشتبك في حروب لا تنتهي، وأن تتبادل الانتصارات، وأن تشنّ هجمات وهجمات مضادّة، وأن يستشهد بعضنا تلو الآخر، وأن نفتح بأنفسنا الطريق لبعضنا بعضاً إلى الجنة.
ثم بعد أن نطحن بلادنا ونخرق ألف وقف لإطلاق النار، وبعد أن نتبادل القتل والعدوان لسنوات 17 سنة كما حدث في لبنان ننتقل إلى المرحلة الثانية: الإعمار
إذا ما كان ما زال لدينا بعض الرأسمال فإننا ندفعه لإعادة تأسيس البنى التحتية، ومدّ شبكات الماء والكهرباء والهاتف والطرقات، وإلا فإننا سنكون مجبرين على تقديم بلادنا كرهن للصناديق المالية المتنوّعة الأممية والاتحادية والقطرية ثم نقع تحت
بحر الديون لبنان مثلاً حوالى 80 مليار دولار دين ثم تتراكم فوائد الديون ونصبح عبيداً في خدمة الدين العام.
إنه هوليود اقتصادي بعنوان «الشرق الأوسط الجديد»، حرب تنافسية على بيع مخزون النفط والغاز الطبيعي وطرق إمداد، حرب تجرى بأيدينا وبنادقنا ورصاصنا وأموالنا وأرواحنا والنتيجة: خسارة الجميع.
الآن ما يجري هو محاولة ترتيب هدنة هنا وهناك وميدان التجربة الآتية هو: اليمن فإذا نجحت فنكرّر التجربة.
جميل، ذلك…
الهدنة ضرورية ولكن لماذا لا تكون فترة لنقف ونفكر وليس فقط هدنة للتذخير ولإعداد المزيد من المحاربين وتشحيم الأسلحة.
لنقف ونفكر بحلولٍ وطنية لحروبنا الصغيرة طالما أنّ أحداً منا لا يخوض الحروب الكبيرة من أجل تحرير فلسطين؟
لماذا لا نعزز صيامنا عن الحرب الأهلية لنصبح على مسألة ومساحة زمنية تؤكد سلمنا الأهلي في كلّ الأقطار الحدودية.
لماذا لا؟
من يضع الحواجز والعقبات والمطبات أمام عبور حوارنا إلى تفاهمات واتفاقات؟
لماذا لا ننطلق من التفاهم على شرعة وطنية لحقوق الإنسان هنا وهناك، أو مرة واحدة شرعة عربية لحقوق الإنسان تتيح لكلّ مواطن عربي: حق الانتماء.
لماذا لا يعمل الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وأركانه على تعميم مثل هذه الشرعة، ومثلها مشروع السوق العربية المشتركة بدلاً من مساعيه ومن سبقه
لترويج هذا النظام أو ذاك؟
لماذا لا تفتح جامعة الدول العربية مزاداً عفواً مناقصة، وتطلق دعوة إلى المثقفين العرب للمساهمة في إرسال مشاريع نحو المستقبل: حول المشاركة، مشاركة المرأة
والشباب، تعزيز الديمقراطية، الشفافية، حكم القانون ودائماً حقوق الإنسان؟
أليست هذه هي المعركة الكبرى؟
سوف لا تنتهي الحرب في أيّ مكان ! العالم يعرف ماذا لدينا من أسلحة وذخائر، ويعرف كم نحتاج لنقتل بعضنا البعض عن بكرة أبينا.
نحن نعرف أن فتنة الشرق ستدخل كلّ بيت. فلماذا نستمرّ في الوقوع فيها؟