زهران علوش بين الأردن وتركيا!
يوسف المصري
في دوما بريف دمشق الشرقية، ترتفع أصوات أهاليها ضدّ متزعّم «جيش الإسلام» زهران علوش. فهو بنظرهم متهم بالفساد وباحتجاز نحو عشرة آلاف من أبناء منطقة الغوطة في سجن غير تقليدي يسمّيه زهران بـ«سجن التوبة».
لا يوجد في تاريخ الاحتجاز سابقة إرهابية مثيلة للفكرة التي أنتجها علوش لترهيب الأهالي والمواطنين. حتى النازيون يعوزهم الخيال الإرهابي الذي يحفل به خيال متزعّم «جيش الإسلام» والمصنّف من قبل دول «أصدقاء الشعب السوري» بأنه «معارضة معتدلة وبديلة لداعش».
فكرة «سجن التوبة» كما ابتدعها علوش، تقوم على احتجاز كلّ مواطن «يُشتبه» بأنه مؤيد للدولة السورية وللجيش العربي السوري، أو انه قد يقف الى جانبهما فيما لو تمّ إسقاط نظام «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية، وانهارت بلدة دوما مسقط رأسه وعاصمة «إمارته» غير المعلنة.
و»سجن التوبة» ليس عبارة عن مبنى كبير أو حتى مجموعة مباني متلاصقة، بل هو سجن يقع في غرف داخل منازل كثيرة ومتفرّقة تعود ملكيتها إلى مؤيدي «جيش الإسلام»، وأيضاً في غرف داخل مباني مؤسسات عامة صادرتها جماعات علوش. ويبلغ عدد المحتجزين في «سجن التوبة» نحو عشرة آلاف مواطن من أبناء الغوطة غالباً ومن خارجها، بينهم من وُجهت إليه «تهمة» أنه «من غير مذهب أهل السنة»، أو تهمة أنه غير موثوق بولائه لـ«الثورة السورية» أو لـ«جيش الإسلام» تحديداً، أو حتى لزعامة علوش فيه.
ثمة بعد آخر لفكرة علوش عن «سجن التوبة» وهو استعمال سجنائه كدروع بشرية في وجه أي محاولة من الدولة لتحرير هذه المنطقة التي يسيطر عليها.
والغريب أنّ «سجن التوبة» لا يزال خارج أي إثارة إعلامية عالمية بخصوصه، وأنّ صمتاً مطبقاً بشأنه يسود الدول التي تدعم علوش وتصفه بأنه «معتدل وديمقراطي، ويصلح لأن يكون النموذج الذي سيملأ فراغ اليوم التالي بعد انهيار الدولة السورية».
وحدهم أهالي دوما رفعوا الصوت أخيراً في وجهه، وطالبوه بوضع حدّ لمأساة «سجن التوبة» الذي يحتجز فيه أبناءهم، وأيضاً بوضع حدّ للفساد المستطير الذي يمارسه بالتكافل والتضامن مع ثلة صغيرة من مساعديه.
طبعاً، لا فضائية «العربية» ولا فضائية «الجزيرة» اللتين تغطيان بجدية كلّ شاردة وواردة في الغوطة الشرقية باعتبارها «مناطق محرّرة»! نقلت وقائع غضب أهالي دوما ومحيطها على علوش، أو أثارت موضوع معاناة أهالي الغوطة من سجن التوبة!
وتفيد معلومات مستقاة من دوما بأنّ علوش غادرها منذ فترة بدعوى أنه يريد إجراء اتصالات مهمة في الأردن التي يتلقى عبرها المساعدات المالية والتسليحية، وهو يتنقل بينها وبين تركيا. ولكن في دوما يسود انطباع بأنّ علوش غادر بعد تعاظم النقمة الشعبية في الغوطة ضدّه، وهو يريد أن يهرب من وجه الشعب ريثما تهدأ خواطره. والمعلومات نفسها تقول إنّ هناك لوماً من الدول التي تدعم علوش لأنه لم يثبت بعد أنه قادر على التحرك باتجاه دمشق. ويختم هؤلاء بأنّ علوش قضى الشهر الماضي بالسفر بين الأردن وتركيا، وثمة محاولات لجمعه بضباط استخبارات «إسرائيليين» بهدف درس نقطة وحيدة وهي التعاون الاستخباري بشأن الوضع في العاصمة دمشق.