لا نصاب اليوم… الطبخة الرئاسية لم تنضج
هتاف دهام
تأمّن نصاب جلسة تلاوة رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الموجّهة إلى مجلس النواب للعمل بما يفرضه الدستور، وما توجبه القوانين لاستكمال الاستحقاق الرئاسي، تفادياً للمحاذير التي قد تنشأ جراء عدم انتخاب الرئيس، إلا أنّ نصاب جلسة اليوم لانتخاب الرئيس لن يتأمّن.
ما يجري عملية كباش طويلة. الطبخة الرئاسية لم تنضج بعد وازدادت تعقيداً، وأصبحت مرتبطة بالاستحقاقات الإقليمية. بدأت الساحة اللبنانية تتحرك تحت ضغط الفراغ وشلل المؤسسة التشريعية، بانتظار انتهاء المفاوضات الإقليمية.
ورغم ذلك، فإنّ الجو السائد لدى العونيين أنّ الفرصة لا تزال متاحة، وأنّ حظوظ وصول العماد عون إلى بعبدا لا تزال مرتفعة، ففي حسابات العونيين أنّ التقارب الإيراني السعودي لا يزال في بداياته، ما يحتم القليل من الانتظار.
إذاً، المعطيات لا تزال على حالها، لن يحضر فريق 8 آذار وتكتل التغيير والاصلاح جلسة اليوم في ظلّ تمسك 14 آذار بترشيح رئيس حزب «القوات» سمير جعجع. رغم إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري في اختتام جلسة الأمس أنّ جلسة اليوم لانتخاب الرئيس ستكون مفتوحة حتى انتهاء الولاية الرئاسية، مؤكّدًا أنّه في حال حصول فراغ فسيدعو في أوّل يوم الاثنين المقبل إلى جلسة لانتخاب الرئيس.
وكان قد حضر جلسة الأمس 65 نائباً من تيار المستقبل، حزب الكتائب، حزب القوات، التنمية والتحرير، اللقاء الديمقراطي، والوسطيين. وفيما غاب نواب كتلة الوفاء للمقاومة، الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث العربي الاشتراكي، حضر 7 نواب من تكتل التغيير والإصلاح، لكي لا يُقال إنهم «هربوا»، كما قال أحدهم. فيما غاب 20 نائباً آخرين اعتراضاً على سياسة الرئيس سليمان، فضلاً عن أنّ توقيت الرسالة جاء متأخراً.
قاطع نواب الوفاء للمقاومة جلسة تلاوة رسالة الرئيس سليمان التي تأتي قبل أيام قليلة من مغادرة رئيس الجمهورية قصر بعبدا. قاطعوا الجلسة ردأً على رفع رئيس الجمهورية في الآونة الاخيرة من وتيرة انتقاده للمقاومة.
وشدّدت مصادر نيابية لـ«البناء» على أنّ الفكرة التي تنطوي عليها الرسالة تتناقض مع الحق الديمقراطي للنواب بالتغيّب عن الجلسة، لا سيما أننا كنواب نقوم بواجبنا، الا أنّ حضور الجلسات الرئاسية يتطلب إنضاج وفاق وطني حول شخصية الرئيس المقبل. واعتبرت المصادر النيابية أنّ الوفاق الوطني القادر على نقل البلاد إلى مناخ سياسي مختلف، ظروفه لم تنضج بعد وشروطه لم تكتمل.
طغت المزايدات السياسية على كلمات النواب المقتضبة. أكدوا جميعاً أهمية مقام الرئاسة الأولى وضرورة تجنب الفراغ. قابل ذلك تحميل كلّ فريق المسؤولية للآخر.
بدوره، شنّ النائب سامي الجميّل الذي فضّل التحدث أمام المنبر لكي لا يُصاب ظهره بـ«الحردبة» حسبما قال، هجوماً على رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون من دون أن يسمّيه، فاعتبر ان السبب الوحيد لتطيير الجلسات الانتخابية هو طموح شخصي والهدف من نصاب الثلثين هو حماية المسيحيين ليكون لهم الثلث المعطل، وألا يُفرض عليهم رئيس. ودعا النائب إيلي كيروز إلى مراجعة الموقف من النصاب في الدورة الثانية، إذا ما استمرّ الموقف منه لتعطيل الاستحقاق والجمهورية.
تجنّبَ نواب التغيير والإصلاح قدر الإمكان التهجم على تيار المستقبل لكنهم ذكّروا هذا التيار بيوم الغضب عند انتخاب رئيس مجلس وزراء لا يمثل الأكثرية في طائفته، كما قال النائب آلان عون. في حين سارع النائب حكمت ديب إلى التذكير بكلام للرئيس سعد الحريري في ذكرى 14 شباط حيث تحدّث عن قوة الرئيس في بيئته.
ولجأ النائب ابراهيم كنعان إلى الفصل بين الاختلاف السياسي وبين عمل المؤسسات والأصول، وليس إذا كان الرئيس او المسؤول اياً كان لا تعجبنا سياسته نقاطعه، وإذا كان منسجماً مع خياراتنا نحضر، وحضورنا اليوم هو احترام لهذا الموقع والحضور هو حق ديمقراطي.
واعتبر أنّ الميثاقية هي الوصول إلى توازن معيّن في المؤسسات الدستورية، ولا يجوز ان تكون الرئاسة الأولى بمعزل عن هذه الميثاقية التوافقية، وليس بتعطيل الدستور وبتعطيل المجلس الدستوري. وطالب كنعان باحترام هذه الميثاقية ولو لمرة واحدة منذ الطائف وحتى الآن.
لم يتخذ المجلس أي قرار بشأن رسالة رئيس الجمهورية. استمع إلى وجهتي نظر فريقي 8 و 14 آذار في النظرة إلى رئيس الجمهورية. وفيما لم يتحدث أي من نواب التحرير والتنمية، وصف النائب وليد جنبلاط الرئيس سليمان بالشجاع وقال: «كانت لنا مع غيره تجارب مريرة والله يستر من يلي جايي على الميلتين». وأشار النائب مروان حمادة الى أنّ الرئيس سليمان هو رئيس ميثاقي حواري وطني، حفظ البلاد وحفظ وحدتها رغم كلّ المآسي التي مررنا بها. وأشاد النائب سمير الجسر بدور سليمان في مجالات عدة، وأكد انّ اللبنانيين سينصفونه، خصوصاً انه حرص على لبنان ووحدته وسلامة أراضيه.
في المقابل، انتقد النائب نقولا فتوش الرئيس سليمان وكيفية توجيهه الرسالة إلى مجلس النواب، داعياً المجلس إلى ردها، فما كان من وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي الا الانسحاب من الجلسة لبعض الوقت اعتراضاً على هذا الكلام.
أما النائب حكمت ديب فذكّر نواب 14 آذار أنه عندما أرسل الرئيس إميل لحّود في العام 2007 رسالة الى المجلس، لحثّ المجلس لإقرار قانون الانتخابات حيث جرى نقاش حينه، والبعض طلب ردّ الكتاب والبعض رفض هذا النقاش، وقد نُعِت لحّود بأبشع الأوصاف وأطلقت ضدّه حملة «فل» وقطعت الطرقات، التي هي أخطر من الكلام عن تطبيق القوانين وملء الفراغ.
في جلسة الأمس، لم يخطئ رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، أو لم يزِلّ لسانه، رغم تمنّي رئيس المجلس عليه الكلام من على المنبر عله يخطئ باسم رئيس الجمهورية مرة جديدة، إلا أنّ جنبلاط ردّ قائلاً «هون الغلطة مش حلوة».
وفيما حضر جنبلاط غاب رؤساء الكتل الأخرى، الأمر الذي اعترض عليه النائب سامي الجميّل «الناطر» تحركات النواب، حيث خلت مقاعد نواب الوفاء للمقاومة من وجودهم. استاء النائب بطرس حرب، فأعرب عن حزنه الشديد واعتراضه عن الغياب، وأنه كان من الأجدى حضورهم.
شكلت تلك المقاعد حلقة مشاورات جانبية أجراها الوزيران الياس بو صعب ووائل أبو فاعور، وأخرى بين الوزير نهاد المشنوق والنائبين زياد القادري وهادي حبيش، لينتقل الوزير سجعان قزي أيضاً ويجري محادثات مع أبو فاعور وبو صعب، وينتقل إلى جانب النائب سامي الجميّل، ليطلب النائب غازي زعيتر عدم تكرار المصطلحات الطائفية سني، شيعي، درزي، مسيحي التي وردت في كلمة الجميّل الذي استخدم في كلمته «مين قال» أكثر من مرة ما استدعى تعليقات وضحكات من زملائه في 14 آذار الذين قالوا له: «إنتَ قلت».
وكان برّي التقى قبيل بدء الجلسة رئيس الحكومة تمام سلام الذي أطلعه على أجواء زيارته إلى المملكة العربية السعودية، كما اجتمع في مكتبه بالنائب جنبلاط، والتقى كذلك الوزير بو صعب.