الإرهاب بين الفشل الاستراتيجي وجنون الخسارة!

فاديا مطر

مع اتضاح التوترات خلال الحرب على سورية في سنواتها الخمس وما استجرته لفروع من تنظيم القاعدة بغطاء إقليمي ودولي لا يدع مجالاً للشك بأن هناك استراتيجية دولية إقليمية تعمل على تمزيق الدولة السورية لإعادتها إلى ما قبل الدولة، تبدو الصورة المؤلمة التي نشاهدها اليوم بأن هناك حقيقة بأن ثمة من يريد العصف بآخر ما تبقى من كرامة وطنية عربية، فالمرحلة التي يُعد لها العدو هي من بحر ظلام الفوضى الخلاقة التي يبرز فيها استهداف الإثنيات والمذاهب المحلية السورية في وضوح، على أن هناك تحركات دولية تستهدف فكرة الدولة بوصفها معبرة عن الوجدان الجمعي والإرادي للمواطنين بكل أطيافهم، وهو ما ارتكبه تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي ـ فرع القاعدة في بلاد الشام ـ بحق أهالي قرية قلب لوزة السورية في إدلب ذات الغالبية الدرزية في 11 حزيران الجاري من ذبح لعدد كبير من رجال وشبان البلدة أمام بيوتهم وخطف عدد آخر من المدنيين، وبعد تدخلات من قطر والنائب اللبناني وليد جنبلاط، اشترطت «النصرة» على المدنيين في القرى الدرزية الأدلبية هدم القبور والمعابد الموجودة في المنطقة والالتحاق بصفوف التنظيم، وهو ما رفضه الأهالي بقوة، لتكون المجزرة بقرار الإرهابي المسمى أبو عبد الرحمن التونسي قائد تنظيم النصرة الإرهابي المرتبطة بنظام أردوغان وآل سعود التكفيريين، فقد سبق لهذا التنظيم وتحت ذرائع ظلامية تكفيرية ارتكاب مجزرة في بلدة اشتبرق في ريف جسر الشغور راح ضحيتها حوالى 200 مواطن، معظمهم نساء وأطفال في 30 نيسان الماضي على يد أحد ضباط الاستخبارات التركية كما نقلت مصادر ميدانية، يُدعى إيرفان سورميلي المعروف كمسلح عادي في تنظيم ما يسمى «أحرار الشام» الذي تم تشكيله بتعاون سعودي ـ تركي عبر غرف عمليات في تركيا بالتعاون مع القنوات الإعلامية الداعمة له، فهي مؤامرة باتت تستهدف الواقع الدرزي كـ»اختيار» في الجنوب السوري عبر جذب الإرهابيين والاستقواء بالمشاريع من خارج الجغرافية السورية في محاولة لتغيير الواقع الديموغرافي عبر محاولات دفع المخاوف نحو الطوائف ومنها «الدرزية»، فدروز سورية الذين يتعرضون لإرهاب التنظيمات التكفيرية في السويداء وغيرها، هم على عتبة طموحات «إسرائيلية» ـ تركية تكفيرية لضمان حماية المصالح الأمنية الحيوية الصهيونية، التي وصفها وزير دفاع العدو موشيه يعلون منذ أيام بأنها «خطوط حمراء»، والتي يحميها إرهابيو «النصرة» في الشريط الحدودي مع الجولان المحتل الذي لم تخفِ «إسرئيل» اطمئنانها تجاهه بأنه لا يشكل خطراً حدودياً مع وجود «النصرة»، مع ما ترافق مع هذه التصريحات من عمليات دعم تسليحي منظم واستخبارتي كبير، يكشف النقاب عن الطموحات التركية ـ الصهيونية تجاه الدروز السوريين الذين يشتهر ماضيهم بالكلام عنهم، وما عكسته مناطق وجودهم من ثقافة وحضارة، لتكون السويداء التي تحدث محللون «إسرائيليون» عن أهميتها الإقليمية الكبرى بالنسبة إلى معركة الجنوب السوري، فهي ستكون مهد سكرات الموت لإرهابيي «النصرة» الأردوغانية ـ الصهيونية، التي ربما ستختار الجهة الخطأ مرة أخرى في الهرب إليها كمخرج للتقدم نحو العمق السوري، لتدارك الإنجازات العسكرية اللافتة التي يحققها الجيش والمقاومة في مجمل الأحداث السورية عسكرياً وسياسياً، حتى تصبح الجهة الجنوبية التي حرض ضدها الصوت «الجنبلاطي» من قبل، على خلفية الرهانات المعقودة من «إسرائيل» وتركيا والسعودية وهماً، بأن هذا التحريض سيصل إلى وظيفه تحت شعارات «نستطيع فعل شيء» للتوغل داخل الأراضي السورية، والتي سيحكمها الفشل بعد معادلة الردع التي رسمت العنوان الأهم عسكرياً وهو إسقاط الإرهاب الدولي والإقليمي الذي نسجته أيد عربية ـ تركية ـ «إسرئيلية»، أقفلت على نفسها بفشل كبير في تغيير موازين القوى. وما ترسمه الصورة الميدانية من خلال ما مضى من أحداث بين نصر استراتيجي قلموني وسياسي دولي أجهض حلم تركيا و«إسرائيل» ورسم تقييماً جديداً، انطلاقاً من جملة المتغيرات الدولية التي فرضها الميدان السوري، ونقل محاورها السياسية الدولية إلى ضفاف القمة المنتظرة في الأفق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى