جنبلاط وامتحان الزعامة الدرزية

يوسف المصري

حينما وضعت عباءة الزعامة الدرزية على كتف وليد جنبلاط كان يتمّ النظر إليه على أنه مخلّص طائفة الموحدين من خطر يهدّدهم. وبفضل إظهاره شجاعة أخلاقية وسياسية وأيضاً شجاعة مواجهة، نجح في امتحان نيله لقب زعيم المختارة وبني معروف وزعيم وطني وعربي في لبنان.

اليوم بني معروف من إدلب إلى السويداء إلى لبنان وصولاً إلى فلسطين المحتلة يعيشون هاجس أنهم في خطر، وأنهم يحتاجون إلى مخلّص سياسي من بني جلدتهم.

حتى الآن، سقط وليد جنبلاط في الامتحان، وثمة خشية أن يورث نجله تيمور هذا السقوط. ثمة عبر يحفظها مراقبو تاريخ الساحة الدرزية عن ظهر قلب. أبرزها أنّ الزعامة الدرزية من سلطان باشا الأطرش حتى الآن، لا يتم نيلها إلا بإثبات الشجاعة والبطولة في اللحظات الصعبة الشبيهة باللحظة التي يمرّ بها الآن بني معروف العرب والشجعان والمثابرون على الدفاع عن حقوق أمتهم.

يلاحظ أنّ مشهد امتحان الشجاعة للزعامة الدرزية في هذه اللحظة، يظهر أنّ سدّة المكانة الجنبلاطية فوقه خاوية.

لقد قدّم زعيم المختارة وصفة لأبناء جلدته لمواجهة خطر التكفيريين على وجودهم وأعراضهم، لا تليق بتاريخهم، وتتناقض مع أمثولة امتحان الزعيم الدرزي كما يقدّمها تاريخ بني معروف السياسي.

لقد أوصاهم بكسب مودّتهم ومداراتهم وتقديم الطاعة لهم على أساس تقبيل اليد التي لا تستطيع كسرها.

أولاً: هذه الوصفة تتناقض مع عادات الدروز وقيمهم.

ثانياً: هذه الوصفة هي على قياس جنبلاط السياسي وليست على قياس حاضر ومستقبل وماضي بني معروف. جنبلاط منخرط في مشروع إسقاط الدولة السورية انطلاقاً من تموضعه في محور يضمّ عرباً و«إسرائيليين» للتخلص من موقعها ودورها القومي المقاوم. ولذا فهو يعطي أولوية لتحقيق هذا الهدف على أيّ هدف آخر، حتى لو كان من نوع أن يجرف التسونامي الداعشي والنصروي في طريقه لإسقاط سورية، المكوّنات الروحية الدينية التي هي غنى هذا المشرق.

ربما بقي مجال لتوقع انقلاب في الموقف الجنبلاطي بعد أن انقلبت الوقائع الصادمة والتطورات المعاشة وأحداث مجزرة قلب لوزة، على مقولته المراهنة على أنه يمكن النجاة فيما لو تمّت مهادنة التكفيريين، خصوصاً بعدما تأكد الآن وبوضوح تامّ أنّ مشروع «النصرة» لا يمنح النجاة للمحايدين، ولا حتى للذين يشتركون معه في هدف إسقاط الدولة السورية وضرب مشروع المقاومة في المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى