لور سليمان: المجتمع اللبناني بقي على رغم الحرب نموذجاً لحريّة التعبير
عُقد في مدينة بومباي في إيطاليا، مؤتمر عنوانه «دور الإعلام في حوار الثقافات»، بدعوة من وكالة «إنساميد» وبالتعاون مع الأونيسكو، شارك فيه عدد من ممثلي دول البحر الأبيض المتوسط.
ومثلت لبنان مديرة «الوكالة الوطنية للإعلام» لور سليمان التي ألقت محاضرة تحدّثت فيها عن التجربة اللبنانية من خلال تعدّد الطوائف، وقالت: «في الوقت الذي نتحدّث فيه عن حوار بين الثقافات بين البلدان المتوسطية، وفي الوقت الذي نبحث فيه عن تحديد الأوجه الجديدة للحياة المشتركة والتعاون بين الشعوب والثقافات المختلفة، وفي الوقت الذي نمارس فيه دور وسائل الإعلام التي تتسع حدودها في الحوار بين الثقافات، علينا أن نعمل على تمتين استراتيجية التنمية السريعة للتكنولوجيا في العالم، والعمل بعزم في الشرق الأوسط.
والواقع أنّ الشرق الأوسط يتأثر بمجموعة الخلافات، وهو منقسم بصراعات قديمة. ولدى وسائل تأثير ليس فقط على ما نفكر فيه، إنما أيضاً على الطريقة التي نعمل بها. وعلى وسائل الإعلام أن تلعب منذ الآن دور وساطة حقيقياً للحضّ على وقفة ضمير عالمية. إضافة إلى ذلك، وعلى صعيد التبادل الثقافي بين بلدان البحر المتوسط، علينا اعتبار وسائل الإعلام مدرسة مهمة تتوجّه إلى ملايين التلامذة، بينما بضعة آلاف فقط من بينهم يتأثرون بالمحاضرات.
إلا أنّ هذه المدرسة يمكنها أن تكون سيفاً ذا حدّين. لذا، إن وسائل الإعلام تشكل وسيلة للتعرّف إلى الحضارت الأخرى بهدف تعزيز التفاهم المتبادل بين الناس. وفي المقابل، يمكن لهذه الوسائل أن تلعب دوراً خطيراً في غرس العنف والتطرّف لدى الشعوب، وهنا تكمن مسؤولية المجتمع في التأكد من أنّ المسؤولين عن أجهزة وسائل الإعلام الخاصة أو السياسية، يتعاونون مع المؤسسات المهتمة بتنمية المجتمع المدني. وإنّ الذين يعملون جدّياً على تعزيز التفاهم المتبادل من خلال الحوار بين الثقافات، عليهم أن يتعلموا كيف يتواصلون فعلياً مع المختصّين في مجال الإعلام. وعلى سبيل المثال، لا يضيّع أيّ صحافي وقته في قراءة مذكرة طويلة، لذلك تطلب وسائل الإعلام ملخصاً عنها».
وأضافت: «غالباً ما يتحدّث الناس عن حوار الحضارات كردّ فعل على نظرية سامويل هانتينغون حول اشتباك الحضارات، أنا أفضّل التحدث عن «حوار بين الثقافات» أو «تبادل ثقافي» بقدر ما يكوّن كل فريق فكرة عن ثقافة الآخر من أجل الحوار.
إذا نظر كل واحد إلى الآخر، من الناحية الثقافية، يصبح ممكناً تجنّب جرح مشاعره نتيجة ذلك، كما أن عدم معرفة الآخر يولّد عدم ثقة وشكّاً وعدائية في العلاقات الانسانية».
وقالت سليمان: «في لبنان، وعلى رغم الحرب، بقي المجتمع اللبناني نموذجاً للثقافة ولملتقى الثقافات ولحرّية التعبير. فلبنان لا يمكنه أن يكون فقط للمسيحيين أو فقط للمسلمين. هو يعيش دائماً بجناحيه المسلم والمسيحي. ولذلك يتميز عن باقي الدول. وقد قال عنه البابا يوحنا بولس الثاني: «لبنان أكثر من بلد… إنه رسالة للشرق والغرب».
أمّا في يختصّ بدور وسائل الإعلام في حوار الثقافات، فإننا إذا اعتبرنا أن عبارة حوار الثقافات ملائمة أكثر من عبارة حوار الحضارات، فإن هذه الأخيرة قادرة على تثبيت المبدأ الذي يقول إن ثقافة مجموعة من الأشخاص يمكنها أن تغني ثقافة مجموعات أخرى».
وتابعت: «من المهم هنا الإشارة إلى أن استعمال الإعلام والتواصل من أجل إيجاد نسخة تمكّن الثقافات المختلفة من التعبير بحرّية، وفقاً لقوانينها الخاصة، يأخذ أهمية كبرى على صعيد تطوّر التفاهم المتبادل بين الشعوب والثقافات. ولدى وسائل الإعلام القدرة على تسهيل هذا الحوار الثقافي، عبر رفضها المفاهيم الخاطئة عن الآخرين في عالمنا، ويمكن لوسائل الإعلام تجاوز «الكليشيات» المقرّرة سلفاً وإبعاد الشك والجهل اللذين يغذيّان عدم الثقة، ويحفّزان التسامح وقبول الاختلافات، ويقيمان التعددية كمصدر تفاهم.
لهذا الهدف، قرّرنا في الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، تأسيس قسم اللغتين الفرنسية والإنكليزية، ولاحقاً الإسبانية، من أجل تحسين التواصل والحوار الثقافي مع كلّ شعوب الارض، ولننقل ثقافتنا وحضارتنا إلى هذه الشعوب».
وختمت: «مهما يكن، فإن البحر المتوسط واقع إنساني، اجتماعي وتاريخي. إنه حقيقة تجبرنا أكثر فأكثر على اتخاذ إجراءات شجاعة نحو المستقبل».