العلم بحر لا ينتهي…
بعدما سيطر موضوع عبد الله طالب على صفحات التواصل الاجتماعي على مدى يومين متتاليين، ها هي صور سميحة الصايغ تجتاح مواقع التواصل لتحتلّ مكانة عالية من التداول بين الناشطين.
جلست سميحة الصايغ إلى جانب ابنتها مريم في إحدى قاعات الامتحانات الرسمية لشهادة البكالوريا، في «الثانوية الوطنية الأرثوذكسية» التي استضافت طلاب فرعيّ الاقتصاد والاجتماع، والآداب والإنسانيات، في يومهم الأول.
ليس شعور الأمومة لدى سميحة 38 سنة هو ما دفعها إلى البقاء إلى جانب ابنتها مريم 17 سنة ، وإنما طموحها باستكمال دراستها الثانوية ومن ثم الجامعية، فتقدمت بطلب حر لفرع الآداب والإنسانيات، وشاءت الصدفة أن تكون مع ابنتها في صف واحد، جنباً إلى جنب، لتقديم المسابقات تحت نظر المراقبين ورئيسة المنطقة التربوية نهلا حاماتي، التي زارت الثانوية متفقدة أوضاع الطلاب، وأشادت بإصرار سميحة على إكمال دراستها.
لم تسعف الظروف العائلية سميحة في التقدم إلى امتحانات الشهادة الثانوية، فشغلتها أمور الخطبة والزواج ومن ثم الإنجاب وضغط الحياة عن التعليم، لكن الفكرة بقيت تراودها طيلة تلك السنوات، إلى أن قررت تحقيق رغبتها، وذلك بعد إنجابها ثلاثة أولاد كان آخرهم العام الفائت، وبتشجيع من زوجها محمد الصايغ، الذي وفر لها كل الظروف التي تساعدها في الدراسة تمهيداً للتقدم لامتحانات الشهادة الثانوية.
وما شجع الوالدة أكثر فأكثر على خوض هذا التحدي، هو استعداد ابنتها مريم للتقدم إلى امتحان الشهادة الثانوية، حيث تولت الأخيرة الإشراف على تحضيرات والدتها ومساعدتها في بعض المواد، إلى أن تقدمتا سوياً إلى الامتحان وسط دهشة سائر الطلاب الذين شاركوهما قاعة الامتحانات.
تؤكد سميحة أن «العلم بحرٌ لا ينتهي»، مشددة على أنها تقدمت إلى الامتحان لتنجح ثم تلتحق بالجامعة اللبنانية للحصول على إجازة «ليسانس»، تخولها الدخول إلى سلك التعليم كي تحقق أحلامها وطموحاتها، ولتشعر أنها «إنسانة منتجة وقادرة على خدمة مجتمعي ومساعدة زوجي في إعالة عائلتنا الصغيرة».