السياسية الخارجية الاميركية: متغيّرات صارخة في وجه «إسرائيل»

تؤكد إدارة البيت الأبيض الحالية في ولاية أوباما الثانية التي شارفت على النهاية أنها ادارة تسعى الى تغيير جذري في سياسة الولايات المتحدة الاميركية الخارجية، وانها ادارة شجاعة لناحية اتخاذ قرارات تظهر انعطافة جذرية او انقلاب حقيقي على مفاهيم وأسس تعززت لدى الساسة الاميركيين لوقت طويل وعمّموها على حلفائهم، وقد بات مطلوباً تغييرها.

لم يعد الأمر جدول أعمال رئيس قادم ورئيس منتهية ولايته، او حزب قادم إلى السلطة او حزب خارج منها، فالملفات التي وضعها اوباما على الطاولة للبت في حلول لها وليس الاكتفاء بالبحث فيها تتخطى امكانية ان يأتي رئيس جديد بعده ينسف ما أقدم عليه، فهي تؤسّس الى هوية سياسية جديدة للخارجية الاميركية، وتفتح علاقات سليمة تحتاج الى مناسبة او خلل يلغي السير فيها.

الانسحاب من العراق وبزوغ فجر بداية العلاقات الاميركية الايرانية من خلال جدية البحث في الملف الإيراني النووي بين الاميركيين والغرب مع ايران، والتمسك الاميركي بحله وهو الاتفاق الذي بات قاب قوسين او ادنى من رؤية الدخان الابيض تخرج من أرجاء جنيف السويسرية ليدخل في سياق كبرى ملفات اوباما او انجازاته المسجلة في تاريخ بلاده، وبعد الملف الكوبي او الازمة الكوبية العالقة بين هافانا وواشنطن منذ عقود، وبعد التطبيع بينهما، تأتي اليوم وبالخط العريض نوايا أميريكية في تطبيع العلاقات مع فنزويلا.

فنزويلا التي أقدمت في اكثر من مرة على قرارات شجاعة استهدفت الديبلوماسية الأميركية القابعة في كاراكاس بين تقييد عدد الديبلوماسيين الاميركيين العاملين فيها الى قرارات الرئيس الفنزولي نيكولاس مادورو تقليص عدد موظفي السفارة الأميركية في كاركاس، وصولاً الى مواقفها الواضحة تجاه «اسرائيل» التي كان لها حصة كبيرة من مواقف الراحل هوغو شافيز التي اصابها في عنجهيتها ووحشيتها مراراً و طرد سفرائها.

يوم أمس اجتمع مستشار وزير الخارجية الأميركي توماس شانون مع رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية ديوسدادو كابيلو في هايتي بغية تطبيع العلاقات بين البلدين… الاجتماع استمرّ لمدة ساعة ونصف بوساطة الرئيس الهايتي ميشيل مارتلي، وحضرت وزيرة الخارجية ديلسي رودريغيز اللقاء إلى جانب كابيلو الذي يعتبر الرجل الثاني في فنزويلا بعد مادورو…

اذا القرار الأميركي بتطبيع العلاقات مع فنزويلا كواحد من أبرز الملفات العالقة منذ سنين، هو قرار اميركي بتغيير جذري للسياسة الاميركية الخارجية، وتغيّر النظرة والرؤية نحو مستقبل اميركا الآتي، لكن ما يلفت النظر هو انّ كلّ هذه الملفات العالقة التي يتوجه الاميركيون نحو حلها اليوم هي اكثر الملفات التي تمسّ بالصميم الهاجس «الاسرائيلي» من العالم الحرّ التي تتصّدره ايران وفنزويلا وكوبا وغيرها، كلّ بما يرمز إليه من تاريخ وحاضر في مواقف المقاومة والنضال… واضح جدا انّ الولايات المتحدة تريد ان تقول شيئاً… لكنها تريد قوله مباشرة لـ«إسرائيل»…

تقول الولايات المتحدة اليوم لقد بدأ عصر التغيير والانفتاح على العالم الحرّ، امام عين «إسرائيل» التي وان كانت تعترض اليوم على علاقة واحدة مع ايران بين انفتاح وتوقيع اتفاق، فهي اليوم في مواجهة مع نفسها في تقبل علاقة جديدة بين اميركا وفنزويلا شافيز الذي لم يغب عن سمائها رأس حربة الصراع والمواقف مع المعتدين واول مناصري المقاومة واهلها في العالم العربي والعالم الحر عموماً…

«إسرائيل» ستقرأ جيداً…

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى