الأسد لدي ميستورا: آن الأوان لتقوم الأمم المتحدة بواجبها بإلزام دول الجوار سلام مرتبك… و«المستقبل» والعونيون من يصرخ أولاً «عضّ على أصابع الناس»
كتب المحرر السياسي:
على رغم كلّ الكلام العالي للسعودية ومنصور هادي عن الشروط المسبقة للتفاوض مرة أخرى، وأنهم جاؤوا إلى جنيف لفرض تطبيق قرار مجلس الأمن وكلّ شيء يتوقف على ذلك، والقصد هنا هو ما قاله هادي في اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة إنّ هدف المفاوضات هو أن ينسحب الحوثيون من المدن، وهو ما ردّ عليه الحوثيون فوراً في جنيف برفض التفاوض مع حكومة هادي، والقول: جئنا نفاوض السعودية على وقف العدوان بواسطة الأمم المتحدة، ولا مفاوضات مع هادي وحكومته، ولكن على رغم كلّ هذا التراشق بدأت مفاوضات غير مباشرة لهدنة شهر رمضان التي أعلن الأمين العام للأمم المتحدة السعي إلى تحقيقها عبر المفاوضات في كلمته التمهيدية للمشاورات أول من أمس، وقالت مصادر متطابقة لوسائل الإعلام إنّ الاتفاق تمّ على المبدأ ومن ضمنه وافقت السعودية على وقف كلّ الغارات في شهر رمضان، وانّ التفاوض يدور على التفاصيل.
وعلى ضفة الحرب الدائرة في اليمن وما تشهده من تصعيد ميداني بات زمام المبادرة فيه على رغم القصف التدميري السعودي، بيد الثوار الحوثيين الذين يتقدّمون يوماً عن يوم في استهداف العمق السعودي والتوغل فيه برياً، كان لافتاً كلام السيد عبد الملك الحوثي عن الدور «الإسرائيلي» القيادي في الحرب السعودية على اليمن سواء من جهة المشاركة الجوية أو إدارة العمليات.
الدور «الإسرائيلي» نفسه كان على ألسنة قادة وشباب محافظة السويداء في سورية الذين خرجوا بالآلاف يندّدون بالفتنة «الإسرائيلية» ومروّجي الحياد، وهم يندّدون بالاسم بمن وصفوهم بجوقة الحياد وفي مقدمهم النائب اللبناني وليد جنبلاط، معلنين تمسكهم بدولتهم وجيشهم ورئيسهم.
وفي مقابل التصعيد، وبما يؤكد أنّ ما يجري على الساحة اليمنية ليس منعزلاً عن سياق تهيئة منصات التفاوض لأزمات المنطقة، ولكن من دون الذهاب إلى الحلول بعد، إنما التهيّؤ لمرحلة ما بعد توقيع التفاهم النووي مع إيران، للسير بمفاوضات التوصل لصياغة التسويات، تحرّكت بالتزامن مساعي المفاوضات حول الأزمة السورية وطريق الحلّ السياسي، وكانت زيارة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى دمشق منذ أول من أمس تتوّج بلقاء الرئيس السوري بشار الأسد الذي نقلت مصادر الوفد المرافق لدي ميستورا عنه أنه قال للمبعوث الأممي إنّ المخاطر التي يمثلها الإرهاب لم تعد تحتمل التجارب والاختبارات ولا ملاقاة المساعي في منتصف الطريق، فكلّ مشاريع مجتزأة للحلول ولو بنية حسنة لطمأنة الناس أنّ الأمور تسلك طريق الحلّ هي نوع من المورفين الذي يصير وهماً يعطل البحث الجادّ عن العلاج من سرطان مستحكم ومتمادٍ ومستفحل، ولذلك فإنّ سورية تقول كلاماً حاسماً هذه المرة، مضمونه أنها تنتظر من الأمم المتحدة قبل البحث في الوساطات وضماناً لنجاح أيّ مسعى وساطة، القيام بمسؤوليتها الرئيسية وهي تطبيق قراراتها الخاصة بمكافحة الإرهاب في سورية، والتي تنصّ صراحة على إلزام دول الجوار بوقف كلّ أشكال التعامل والتعاون مع الإرهابيين، ووقف تقديم كلّ أنواع التسهيلات لهم، مالاً وسلاحاً وإعلاماً ومأوى وملاذاً، وهو ما اتفق السوريون المشاركون في حوارات موسكو على اعتباره المدخل للبحث في «جنيف 3»، داعياً دي ميستورا إلى تركيز جهوده على هذا الأمر، كي يتسنى له التقدّم في مساعي التحضير لوضع جدول أعمال وتوجيه دعوات وبحث المشاركين في الحوار المنشود، لأنّ أي حوار بلا إعداد جيد ستكون نتائجه كارثية على الوضع العام في سورية والمنطقة.
في لبنان كلّ شيء يسير بطريقة خاصة، فبينما تواصل المقاومة وحدها عملاً منهجياً مدروساً في تصفية بؤر «داعش» في جرود القلمون، وتتقدّم التلال واحدة تلو الأخرى وهي تقترب من مشارف صحراء حمص، وتحكم إقفال جرود عرسال وفصلها عن البلدة التي هرب إليها قادة «النصرة» ومقاتلوها، يعيش الوضع السياسي قلق الضياع والارتباك بلا رؤية، حيث الحكومة في إجازة عاجزة عن التعيينات الأمنية التي يضعها التيار الوطني الحر شرطاً للإفراج عن اجتماعاتها، وعاجزة عن الإقلاع من دون التيار وحليفه حزب الله، بينما العونيون يتجهون إلى التصعيد وربما يكون الشارع مسرحه الجديد. لا خريطة طريق أمام اللبنانيين الذين لا يعيشون حال التفرّج على عضّ الأصابع بين الفرقاء، خصوصاً بين العونيين و»المستقبل»، بقدر ما يشعرونه عضاً من الفرقاء على أصابعهم هم.
«التغيير والإصلاح» يلوّح بالشارع
لا يزال الوضع الحكومي يراوح مكانه بانتظار ما ستفضي إليه الاتصالات التي تجرى بين المعنيين لحلحلة الأزمة الحكومية وعقد جلسة لمجلس الوزراء، والتي أرجئت في مطلق الأحوال إلى ما بعد عودة رئيس الحكومة تمام سلام من القاهرة التي يتوجه إليها اليوم في زيارة تستمرّ ليوم واحد، ومن المقرّر أن يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة إبراهيم محلب والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى جانب شيخ الأزهر أحمد الطيب.
وكرّر تكتل «التغيير والإصلاح» مطالبته بوضع ملف التعيينات الأمنية كبندٍ أول على جدول الأعمال في أيّ جلسة لمجلس الوزراء، وناشد الوزير السابق سليم جريصاتي خلال تلاوته مقرّرات التكتل «رئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد كي يضع حداً لهذا النوع من اختزال السلطة الإجرائية وطعن الطائف في الصميم، لتصحيح المسار قبل أيّ شيء آخر، مطالباً سلام «بإلحاح بأن يمارس سلطته كرأس للسلطة الإجرائية ويضع حداً لمن يتجاوز هذه السلطة وينحرها من الوزراء». وأكد أنّ «المواجهة مفتوحة وأنتم على مشارف سماع صوت هذا الشعب إذا لم تضعوا حداً للتقصير بحق رموزنا وحقوقنا».
وأكدت مصادر نيابية في «التكتل» لـ«البناء» أنّ «الأمور تتجه إلى التصعيد والتحرك في الشارع رفضاً لمحاولات تجاهل حقوقنا، وأشارت إلى أنّ الأمور ربما لن تصل إلى حصول التمديد لرئيس الأركان في الجيش اللبناني في السابع من آب لأنّ الشعب ربما يحسم الأمر قبل هذا الموعد».
وإذ لفتت المصادر إلى أنّ «رئيس الحكومة تمام سلام لا يزال عند موقفه برفض وضع ملف التعيينات الأمنية على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، استبعدت أن يتجاوب سلام مع دعوات تكتل التغيير والإصلاح، ولفتت إلى أنّ الأمور ما زالت ضبابية وغير معروف إلى أين ستذهب، والمراوحة والانتظار سيدا الموقف».
وأكد عضو «تكتل التغير والإصلاح» النائب سليم سلهب لـ»البناء» أنّ «ترجمة بيان التكتل يمكن أن تكون في الشارع لكن هناك سيناريوات متعددة والتكتل ترك الأمر لرئيسه العماد ميشال عون ليأخذ القرار بناء على سير التطورات ولا قرار حالياً لتوقيت ومكان أو شكل التحرك في الشارع».
وأشار سلهب إلى أنّ «التكتل مستعدّ لحضور جلسة لكن بعد وضع ملف التعيينات الأمنية كبند أول على جدول الأعمال».
وأضاف سلهب: «أنّ وزير الخارجية جبران باسيل لمس من الرئيس تمام سلام خلال لقائهما أنه لا يزال يفكر بالدعوة إلى جلسة وأنه يتريّث بانتظار الاتصالات، ولم يقتنع بعد بوجهة نظرنا ولا اتفاق حول هذا الأمر».
وأكد «وجود اتصالات بين الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط والرئيس سلام لمحاولة إيجاد مخرج لهذه الأزمة، معرباً عن اعتقاده بأنّ ممارسات سلام السابقة وخبرته وثقافته السياسية وعلى رغم الضغوط السياسية عليه من بعض الأطراف تمنعه من دعوة المجلس من دون وضع بند التعيينات على جدول الأعمال أو السير من دون الوقوف عند مطالب التكتل».
ورأت «كتلة المستقبل» في بيان بعد اجتماعها أمس أنّ «تعطيل عمل الحكومة ينعكس في شكل سلبي وكبير على الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد حيث تتفاقم حالة الركود الاقتصادي وتتراجع القطاعات الاقتصادية ويزداد عجزها عن تأمين فرص العمالة الجديدة، بالتالي إلى تردّي الأوضاع المعيشية للمواطنين، كما تتراجع الخدمات ولا سيما في ظلّ استمرار الوضع السيّئ للكهرباء خلافاً للوعود التي أطلقها وزراء الطاقة الثلاثة المتعاقبون، لافتةً إلى أنّ الحالة التي أصبح عليها الاقتصاد اللبناني يشكل أمراً خطيراً يتحمّل مسؤوليتها حزب الله الذي يستمرّ في تأمين الغطاء السياسي لتكتل الإصلاح والتغيير الذي يربط مصير البلاد ومصير العيش المشترك الإسلامي المسيحي بمصالح شخصية وعائلية ضيقة ومحصورة».
عدوان في عين التينة
موضوع الجلسة التشريعية كان محور لقاء بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعضو كتلة «القوات اللبنانية» جورج عدوان في عين التينة، حيث أكد عدوان ضرورة «التمسك بمؤسساتنا والعمل في أسرع وقت لننتخب رئيساً للجمهورية وأن نفعّل العمل المؤسساتي الضروري وإقرار قانون انتخابات».
تلال جديدة في قبضة المقاومة
أمنياً تستمرّ المقاومة والجيش السوري في تحقيق الإنجازات في القلمون وجرود عرسال، فقد سيطرا أمس على تلة رأس الكوش وقرنة رأس الصعبة في جرد الجراجير في القلمون.
وعلى صعيد آخر تستمرّ حرب التصفية بين تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» في القلمون وجرود عرسال بعد المعارك التي دارت بينهما منذ أسابيع، فقتل أمس «أمير» تنظيم «داعش» في القلمون المدعو «أبو بلقيس البغدادي» في وادي حميد شرق عرسال اثر قصف تعرضت له المنطقة.
وقالت مصادر بقاعية لـ«البناء» إنّ «الوضع في البقاع يتحسّن في شكلٍ كبير وتوقعت أن تتحرّر منطقة سهل القاع بالكامل خلال أسبوع، وأكدت استعداد جميع أبناء قرى البقاع المتاخمة للمعارك للوقوف مع المقاومة والجيش اللبناني لصدّ المسلحين. وأكدت أنّ الجيش تموضع في شكل جيّد ويلاحق الإرهابيين الفارّين من المعارك».
ولفتت إلى أنّ «المعارك تدور في شكل متوازٍ الأولى فوق رأس بعلبك والأخرى في جرود الجراجير باتجاه طريق فليطا. وأشارت المصادر إلى أنّ 90 في المئة من جرود عرسال باتت محرّرة وتحت سيطرة المقاومة».
وأضافت المصادر أنّ «المسلحين يهربون إلى الداخل السوري إلى تدمر وقسم آخر يلتفّ خلف المقاتلين إلى جرد يونين وكامد اللوز والبقاع الغربي. وتحدّثت المصادر عن «حرب تصفيات تدور في الجرود بين تنظيمي داعش والنصرة لرفض الأخيرة مبايعة داعش».
أهالي العسكريين يهددون بالتصعيد
بعد الحديث عن تقدّم المفاوضات في ملف العسكريين المخطوفين عاد الغموض ليلف هذه القضية، وبالتزامن مع الانتصارات التي تحققها المقاومة على التنظيمات الإرهابية في القلمون برز تهديد جديد بالتصعيد من أهالي العسكريين المخطوفين الذين أقدموا أمس في خطوة تصعيدية على قطع اوتوستراد القلمون بالاتجاهين قبل أن يتمّ فتحه مساءً.
وتوجه شقيق العسكري المخطوف إبراهيم مغيط، نظام مغيط إلى الحكومة قائلاً: «يا وزراء حكومة الموت البطيء تعبنا من التوسل واستجداء ضمائركم، استيقظوا فهذا الشعب لن يرتاح ويستكين ونحن لن نكون الحلقة الأضعف»، معلناً «أننا بصدد التحضير لخطوات تصعيدية ستحرقكم».
وأشار المتحدث باسم أهالي العسكريين المخطوفين حسين يوسف لـ«البناء» إلى أنّ «أهالي العسكريين المخطوفين لدى داعش لم يحصلوا على معلومة واحدة عن أبنائهم منذ خمسة شهور»، مؤكداً أنّ «المفاوضات بين الدولة اللبنانية وتنظيم داعش مقطوعة ما وضعنا في حالة من القلق والخوف والتساؤل عن سبب ذلك، في حين أنّ الأجواء كانت ايجابية في مراحل سابقة».
ولفت يوسف إلى «أننا لن نميّز بين المخطوفين لدى داعش أو لدى النصرة، لكن ندعو الدولة إلى أن تعمل خلال المفاوضات كسلة واحدة وعدم تجزئة هذا الملف».
وأعلن أنّ «الأهالي سيصعّدون في الشارع كخطوة تحذيرية للضغط على الدولة بعد أن رفض المسؤولون استقبالنا، بحجة الحفاظ على سرية الملف»، كاشفاً أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم «قال لأهالي المخطوفين مع داعش منذ أشهر أنه توجد بعض الاتصالات مع داعش إلا أنها بطيئة»، وجدّد احترام وثقة الأهالي باللواء إبراهيم، مستغرباً عدم استقبال سلام للأهالي.
وأكد يوسف أنّ «المفاوضات مع النصرة انتهت وأنّ الدولة قدّمت كلّ شيء في هذا الموضوع، إلا أنّ الأمر متوقف على بعض التفاصيل التي تناقش بين الوسيط القطري والدولة القطرية».