مبعوثو الأمم المتحدة إلى المنطقة
حميدي العبدالله
يوجد الآن أربعة مندوبين للأمم المتحدة في المنطقة، مهمتهم الرسمية العمل على حلّ الأزمات التي تعيشها هذه المنطقة. أقدم هؤلاء المبعوثين تيري رود لارسن مبعوث الأمم المتحدة إلى لبنان، أو ما بات يعرف بناظر القرار 1559، ويليه من حيث المدة طوني بلير مبعوث الأمم المتحدة إلى فلسطين، ثم مبعوث الأمم المتحدة في سورية ستيفان دي ميستورا، وأخيراً مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد.
لكن من الواضح أنّ هؤلاء المبعوثين لا يقومون بأيّ عمل نافع، ويكلفون خزانة الأمم المتحدة هم وحاشيتهم مئات ملايين الدولارات، ولكن لم يحصل أيّ تقدم في أيّ عمل يقومون به. فالقرار 1559 رفضه لبنان، أو على الأقلّ رفضته الجهات اللبنانية المعنية به، وتحديداً حزب الله، والصراع العربي الصهيوني لا يزال على أشدّه، والأزمات القائمة في سورية واليمن كذلك.
فما الذي يقود إلى فشل هؤلاء المبعوثين، ويحيل بجهودهم هباءً منثوراً، ويبدّد الأموال التي تصرف على رواتبهم ورحلاتهم وأماكن إقامتهم في أفخم الفنادق، إلى أجور حمايتهم الأمنية؟
ثمة من يعتقد أنّ سبب فشل هؤلاء المبعوثين هو مستوى التعقيد الذي ترزح تحت نيره المشكلات التي انتدبوا إلى حلها. وقد يكون هذا الاعتقاد صحيحاً جزئياً، بمعنى أنّ هذه المشكلات تنطوي فعلاً على تعقيدات تجعل من الصعب إيجاد حلول لها.
لكن العامل الحاسم والأساسي الذي قاد ويقود إلى فشل هؤلاء المبعوثين في مهامهم، أنّ هؤلاء يأتون كممثلين لدول نافذة تسيطر على المؤسسات الدولية، وتحديداً الأمم المتحدة، والمقصود هنا يأتون كممثلين للولايات المتحدة الأميركية التي قامت هي بترشيحهم وتأمين وصولهم إلى هذا المنصب، وبالتالي يكونون ملزمين بردّ الجميل لها، وردّ الجميل يعني عدم مخالفة تعليماتها بشأن كيفية حلّ الأزمات القائمة، وهذا يقود إلى تبنّي مقاربات غير واقعية، وهذه المقاربات هي التي تؤدّي إلى فشل هؤلاء المبعوثين.
مثلاً، فشل الأخضر الإبراهيمي في سورية، معروف أنّ الأخضر الإبراهيمي عندما انتدب لحلّ الأزمة في سورية لم يمارس مهامه على أساس وجود طرفين، الأول الدولة السورية وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد، والطرف الثاني المجموعات المسلحة ومن ورائها، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول المنطقة، وبالتالي إذا كان ثمة إمكانية، ولو من الناحية الافتراضية، لحلّ الأزمة القائمة في سورية، فإنّ المقاربة الواقعية تقوم عبر رعاية حوار بين الدولة السورية، والجهات التي أعلنت الحرب عليها، وبالتالي مشاركة جميع الأطراف الفاعلة في سورية بحجم ما تمثله هذه الأطراف واقعياً، أيّ على الأرض عند لحظة بدء الإبراهيمي ممارسة مهمته كمندوب للأمم المتحدة في سورية، الذي حصل فعلاً ليس ذلك، بل إنّ الأخضر الإبراهيمي تبنّى المقولة الغربية التي تقول بانتقال السلطة إلى المعارضة، وبأن لا دور للرئيس الأسد في الحلّ السياسي للأزمة، ويدرك الإبراهيمي أنّ هذا انحياز لطرف ضدّ الطرف الآخر، وبالتالي لم يعد حكَماً للوصول إلى تسوية، بل طرفاً في صراع، وبديهي أن يقود ذلك إلى فشل مهمته، وهذا ينطبق على مبعوثي الأمم المتحدة الأربعة العاملين الآن في لبنان وفلسطين وسورية واليمن.