أفرام الثاني لـ«البناء»: ذكرى سيفو ليست للانتقام إنما للتسامح

ن ف

لم تعد تلك المجازر التي أرتكبها العثمانيون منذ مئة سنة قيد النسيان، فبعد إعلان الكنيستين السريانية والأرمنية في كافة أنحاء العالم، عام 2015 ذكرى مئوية للإبادة التي تعرض لها المكوّن المسيحي في تلك الفترة، وبعد اعتراف عدد من أصحاب الثقل السياسي والدولي بها، أضحى الأمر بمثابة مطالبة بالاعتراف الدوليّ الشامل بتلك الجريمة، ومطالبة بمحاسبة القاتل على فعلته.

«البناء» التقت بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس أغناطيوس أفرام الثاني، على هامش افتتاح النصب التذكاري لشهداء المجزرة التي أطلقت عليها الكنيسة السريانية اسم «سيفو»، ومعناها «السيف» في اللغة السريانية، تعبيراً عن هول ما تعرّض له الشهداء في تلك الفترة من قتل بطرق وحشية ودموية.

وأوضح افرام الثاني أن إطلاق الكنيسة السريانية لهذه الذكرى الأليمة لم يكن بقصد الحقد والانتقام، إنما للمسامحة التي ينادي بها جوهر الدين المسيحي، ولتخليد ذكرى هؤلاء الشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم مقابل الثبات في أرضهم وبقاء المكوّن المسيحي في سورية.

وأشار افرام الثاني إلى أن الشعب التركي شعب صديق ومحبّ، على رغم أن ممارسات حكومته تذكّرنا بما حدث منذ مئة سنة، مطالباً التزامها بالاتفاقيات والقوانين الدولية والإنسانية.

وفي هذه الذكرى ـ «سيفو» ـ تقيم الكنيسة السريانية فعاليات لتذكّر بهذه المجزرة، ولتقدم تفاصيلها للمجتمع الدولي، إذ تمّ مؤخراً تدشين حديقة شهداء السريان في منطقة باب توما، وإقامة نصب يمثل هذه الذكرى ويخلّد شهداءها بعد مسيرة شموع حضرها عدد من الفاعليات الثقافية والحكومية والكنسية السورية، منهم وزيرة الشؤون الاجتماعية وممثلون حزبيون وحكوميون، إضافة إلى مطران الكنيسة الأرمينية ومطارنة المجمع السرياني الذين اجتمعوا مؤخراً في سورية لمناقشة أمور كنسية، وهموم المكوّن المسيحيّ في المنطقة.

وعن المشاركة الأرمينية في هذه المسيرة، أشار مطران أبرشية دمشق للأرمن الأرثودكس آرماش نلبديان إلى أنّ شراكة الكنيستين السريانية والأرمينية بالتاريخ والتعاليم وبالدم والشهادة وطيدة بهذه المجزرة. مشيراً إلى ما يعايشه المواطنون السوريين حديثاً من مجازر مشابهة، يجب أن يحاسَب مرتكبوها الذين لم يحاسَبوا من مئات السنين.

الجدير ذكره أنّ المجمع المقدّس للكنيسة السريانية الأرثوذكسية عقد اجتماعه مؤخراً في سورية بطرحٍ من البطريرك أفرام الثاني الذي أوضح أن طرح إقامة هذا الاجتماع في سورية، جاء لنبيّن إرادة العيش في سورية على رغم كل الاحداث الأليمة التي نشهدها، والدعاية السلبية التي تحارب السلم فيها، ولندع الزوار يلمسون الوجه الطبيعي لسورية والحياة فيها.

ووصف أفرام الثاني اللقاء الذي عُقد بين المجمع السرياني والرئيس بشار الأسد منذ أيام بالمميّز، إذ تم فيه تبادل الآراء والتركيز على هموم المواطن السوري عموماً، والمسيحي على خصوصاً. وقال: «أكد الرئيس بشار الأسد على أهمية الوجود المسيحي الفعّال في سورية، واهتمام الدولة السورية بالمكوّن المسيحيّ. وقدّر الحضور مقاربة الوجود المسيحي التي طرحها الرئيس، وخرجوا بانطباع جيد جدّاً».

وتابع: «كانت فرصة للتأكيد على ثوابت الكنيسة المسيحية السريانية وهي الحل السلمي للازمة السورية ووجود فعّال للمكوّن المسيحي في المنطقة والتعاون مع كافة أطياف المجتمع السوري للوصول إلى برّ الأمان».

وعن هذه الزيارة صرّح المطران مار نيقولاوس متّى عبد الأحد، النائب البطرياكي في إسبانيا: «كان قدومنا إلى سورية عبارة عن تحدٍّ للإعلام الذي شوّه صورة سورية في الخارج، وكان تأكيداً أنّ بلدنا أمّ السلام على رغم ما تعانيه من إرهاب وقتل». معتبراً أنّ الحرب في سورية خارجية بامتياز.

وأشار عبد الأحد إلى تزايد أعداد المهاجرين السوريين إلى إسبانيا، وأكّد أنّه لا يشجّع على الهجرة أبداً، بل على الثبات في الأرض وعودة النازحين والمهاجرين إلى الوطن. مضيفاً: «لا نستطيع إلا مساعدة كل المواطنين الهاربين من الإرهاب والقتل بأيّ طريقة ممكنة، أكانت مادية أو معنوية».

وعن المشاركة في مسيرة الشموع، قال عبد الأحد: «أن نشعل شمعة في سورية، أفضل من أن نلعن الظلام. ونحن بإشعال شمعة لن تقدر علينا جيوش الظلام».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى