عمر الفرّا… وداعاً

غيّب الموت أمس الشاعر الكبير عمر الفرّا عن عمر ناهز 66 سنة، على إثر نوبة قلبية ألمّت به ظهر أمس، وذلك في منزله الكائن في دمشق.

يشيّع جثمان الراحل اليوم الإثنين بعد صلاة العصر، من مستشفى دمشق المجتهد، ويصلّى على جثمانه في جامع بدر الدين الحسني، ويوارى في الثرى في مقبرة باب الصغير.

عُرف الفرّا بنشاطه الثقافي الذي تجلّى بمشاركته في غالبية المهرجانات المحلية والعربية، إذ امتلك نزوعاً إنسانياً تفرّعت عنه الروح الوطنية العالية ومحبة الإنسان، والتعبير عن قضاياه. إضافة إلى تمسكه بمبدأ المقاومة والدفاع عن الأرض. كما أنه اهتم بالشعر الشعبي أكثر من الشعر الفصيح، وتمكن من رصد مكنوناته وأحاسيسه خلاله حتى اعتبر فيه من أهم شعراء اللهجة الشعبية على مستوى العالم العربي.

وقال رئيس اتحاد الكتّاب العرب الدكتور حسين جمعة: «فقدت الأسرة السورية والأدبية اليوم شاعراً ذاع صيته في آفاق السموات والأرض ليس فقط بشعره البدوي أو العامي الذي جاب البلاد العربية، إنما بصوته الذي كان يؤدّي نغمة وصلت إلى قلوب جميع الناس». مضيفاً: «إن رحيل الشاعر الفرّا اليوم لَهو فَقد للأسرة الأدبية السورية خصوصاً، وفي طليعتها اتحاد الكتاب العرب، وللأسرة الأدبية العربية».

وأوضح جمعة أن الراحل الفرّا كان يحكي آلام الناس ويعبّر عن مشاعرهم، وفي الوقت نفسه لا يترك قضية اجتماعية تلامس قلوب الناس إلا وتحدّث عنها، محاولاً أن يقوم بعملية تنوير اجتماعي لبناء مجتمع صحيح. مشيراً إلى مواقفه من رجال المقاومة ووقوفه إلى جانبهم، إذ أنشد قصائد كثيرة لهم وشاركهم في مهرجاناتهم.

بدوره، قال الدكتور نزار بني المرجة رئيس تحرير «جريدة الأسبوع الأدبي»: منذ ديوانه «حديث الهيل»، عرفنا في عمر الفرّا شاعراً أصيلاً ابن بيئته يتحدّث بوضوح عن مشاعر وعادات وتقاليد يضمّنها في بعض الحالات نقداً يتطلّع إلى تجاوز ما هو سلبيّ في تلك العادات والتقاليد كما في قصيدته «حمدة». فيما تابعنا بعد ذلك النجاحات الشعرية للمبدع الفرّا في القصيدة المحكية والفصيحة والتي توّجها بديوانه «جند الله» الذي تحدّث فيه عن أبطال المقاومة الوطنية اللبنانية وشهدائها، إذ أعطى صورة رائعة عن نموذج فريد في شعر المقاومة.

من ناحيته، أوضح الشاعر عبد الناصر الحمد أن الفرّا يعتبر من الوجوه الأدبية السورية التي أثبتت وجودها على الساحة العربية، وكان ميّالاً إلى الشعر الشعبي أكثر من الفصيح، حتى أنه تفرّغ في آواخر حياته للشعر فقط. إذ شارك في عدد من المهرجانات العربية في الأردن والسودان والكويت وليبيا. وكانت القصيدة الشعبية السورية قد وصلت في عهده إلى تلك الدول، فهو يعتبر بحق من الشعراء الذين لهم الفضل في نقل القصيدة الشعبية الشعرية إلى العالم، لا سيما في سورية.

من جانبه قال الإعلامي سيف عمر الفرا، إن والده توفي اليوم على إثر أزمة قلبية مفاجئة من دون أن يعاني أي مرض. إلا أنه في الآونة الأخيرة كان حزيناً لما يحصل في بلده، خصوصاً مدرج بصرى الذي أقام عليه أجمل أمسياته ولقاءاته الشعرية.

تُقبل التعازي بالراحل الفرّا في صالة نقابة الأطباء في دمشق ولمدة ثلاثة أيام.

يذكر أن الشاعر عمر الفرّا من مواليد تدمر عام 1949، درس في مدينة حمص وبدأ كتابة الشعر الشعبي منذ عمر الثالثة عشرة، واشتهر بطريقة القائه المميزة السلسة، وبكلماته المعبّرة القوية. فهو شاعر كبير متمكّن يعدّ من أهم الشعراء العرب. عمل في التدريس في مدينة حمص لمدة 17 سنة، ثمّ تفرّغ للأعمال الشعرية والأدبية، وكانت معظم قصائده بالعامية البدوية بلهجة بسيطة تتلاءم مع كل البيئات الشعبية، إضافة إلى قصائده بالفصحى التي تنوّعت وشملت القضايا الاجتماعية والأحداث التاريخية والأساطير.

وللشاعر الراحل عدد من المؤلفات منها: «قصة حمدة»، و«الأرض إلنا»، و«حديث الهيل»، و«كلّ ليلة»، و«الغريب»، و«رجال الله». ومن أشهر قصائده: «حديث الهيل»، «عرار»، «الياسمينة»، «عروس الجنوب»، «قصيدة وطن»، وغيرها الكثير.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى