الشعب أسقط من ذاكرته ممالك الوهم وقنوات الفتنة
سعد الله الخليل
تزامنت الضجة الإعلامية التي أطلقها موقع «ويكيليكس» بنشره وثائق مسرّبة من الخارجية السعودية تكشف تورّط المملكة على أعلى المستويات في عمليات مشبوهة في السياسة والإعلام على الساحتين العربية والإقليمية مع توقيف السلطات الألمانية مذيع قناة «الجزيرة» أحمد منصور في مطار برلين، بناء على مذكرة توقيف من السلطات المصرية إلى الشرطة الدولية «الانتربول» بجرائم لاتهامه بهتك عرض محام في ميدان التحرير، بالاشتراك مع أسامة ياسين وزير الشباب في عهد مرسي ومحمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الشعب المنحلّ، وأعضاء في المجلس وقياديين في جماعة «الإخوان المسلمين».
لم تستطع قناة «الجزيرة» ولا منصور في ما صدر عنهم من تصريحات نفي ما وجه إلى منصور من تهم بالضرب واحتجاز مواطن 3 أيام والتعذيب إلى درجة الصعق بالكهرباء، كلّ تلك الممارسات من شخصيات من المفترض أنها تعدّ العدّة لمستقبل مصر الواعد لكلّ المصريين أبناء المحروسة، قبل أن يكشف «الإخوان» عن وجههم الحقيقي الدموي في مصر، وهو ما يكذب ادّعاءات الجماعة بتحوّلها إلى العنف في مصر جراء الانقلاب على حبيس السجون المصرية محمد مرسي، فالحادث قبل سقوط مبارك يتماشى مع سلوك الإخوان الدموي خلال عقود من الزمن عبر مسيرتها في مصر وسورية.
بعيداً عن تداعيات القضية ودور «الجزيرة» المفضوح في المنطقة من العمالة لأجهزة مخابرات أجنبية و«إسرائيلية» وناطقة حصرية باسم تنظيم «القاعدة» الإرهابي، وهو بحدّ ذاته كافٍ لاتخاذ أحكام بحقها، نظراً إلى القرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن والتي تجرّم التعامل مع تنظيم «القاعدة» ومشتقاته من تنظيمات علنية كـ»جبهة النصرة» و«داعش» وغيرهما ممن يعلن ارتباطه بـ«القاعدة»، فإنّ خطوة منصور و«الجزيرة» باستضافة علنية لـ«أبو محمد الجولاني» أمير «جبهة النصرة» ذراع تنظيم «القاعدة» في سورية، كافية وحدها لإدانة القناة ومنصور في محكمة العدل الدولية لو كان لما يُدعى قانون دولي فعالية قوية قادرة على تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن.
وثائق «ويكيليكس» السعودية وثقت ما هو معلوم لدى كلّ الأطراف السياسية والإعلامية والاجتماعية، فالدور السعودي ليس خفياً على أحد والتورّط السعودي وثّقته وسائل الإعلام قبل تقارير أجهزة الاستخبارات، لا سيما أنّ الدعم المادي للمجموعات المسلحة و«جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» وثائق دامغة بحق المملكة وشراء الذمم السياسية ليس بجديد خلال العقود الماضية لأطراف لبنانية ومعارضة سورية، لتأتي الوثائق بمثابة تفسير المفسّر، وهو ما دفع مملكة آل سعود إلى تجريم تداول الوثائق ومنع تداولها داخل حدودها دون نفي مضمونها أو حتى الإشارة إلى عدم مصداقيتها.
أمام ضعف القانون الدولي لتجريم الدول والهيئات ووسائل الإعلام بحق جرائم ترتكب بحق الشعوب والأوطان كان لا بدّ من محاكم أقوى وأكثر فاعلية لتصرخ الضحية في وجه الجاني، وهو ما أعلنه الشعب السوري في وجه «مملكة الرمال» رفضاَ لما تقوم به في سفك الدم السوري ورفض دور قناتي «الجزيرة» و«العربية» وغيرهما من قنوات الفتنة التي أصبحت شعاراتها على حاويات القمامة في الشوارع السورية علّها تأخذ بعضاً من المشروعية، وفي الإعلام أسقط الإعلام الوطني تلك المحطات رغم فارق الإمكانات حيث كانت شبكة «توب نيوز» سباقة في إطلاق محاكم الرأي العام الشعبي بحق تلك المحطات وفضح دور أبطالها باعتبارهم مجرمين بحق الشعب السوري، استحقوا الإدانة الشعبية في محكمة الضمير، التي لا يعلو على صوتها صوت ولا على قانونها قانون ومشروعية، على أمل أن توصل محكمة الشعب هؤلاء القتلة إلى محكمة القانون الدولي، فإنْ نجحت كسبت القانون والشعب وإنْ لم تستطع فيكفيها أن تسقط تلك القنوات وأبطالها من ذاكرة الشعوب وعقولها.
«توب نيوز»