كييف: أكثر من نصف مراكز الاقتراع شرق البلاد
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده مستعدة للحوار مع القيادة الأوكرانية الجديدة التي سيتم تشكيلها عقب الانتخابات المقررة في 25 أيار، مؤكداً أن الأهم بالنسبة الى موسكو هو أن يحل السلام والهدوء في أوكرانيا.
وأوضح بوتين خلال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي أمس، أن روسيا دأبت على دفع الطرفين المتنازعين في أوكرانيا نحو إقامة اتصالات، قائلاً: «نحن نعتبر وأنا أيضاً أن أي مواجهات تنتهي بالمفاوضات لذا من الأفضل البدء بها بوقت أبكر، لذلك نحن دوماً ندفع الأطراف المتنازعة لبدء الاتصالات المباشرة». وأضاف أن الاتصالات الأولى بين السلطات الأوكرانية الجديدة وأنصار الفيديرالية بدأت بمشاركة روسيا، وقال: «للأسف الوضع يتأزم لأن السلطات في كييف مستمرة في العملية العقابية شرق البلاد، العمليات العسكرية لا تتوقف، يستعملون المدافع والمدرعات والدبابات، القذائف تصيب الأبنية السكنية والمدنيون يقتلون». ورأى بوتين أن التوصل إلى نتيجة ايجابية للاتصالات بين الطرفين «مرهون بوقف العنف من أي جهة كان». واعتبر أن أوكرانيا «تشهد حرباً أهلية شاملة بعد وقوع انقلاب فيها»، مشيراً أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «دعما الانقلاب الذي تلته الفوضى ونشوب حرب أهلية شاملة في البلاد».
وأكد الرئيس الروسي أنه كان من الممكن «أن تشهد القرم جرائم أكثر دموية من مأساة أوديسا في حال عدم قيام روسيا بضم شبه الجزيرة»، مشيراً إلى أن «نحو 50 شخصاً قتلوا هناك ويعتبر 50 آخرون في عداد المفقودين»، موضحاً: «أن قرار بلاده في شأن القرم كان صحيحاً لأنها منعت وقوع مثل هذه المأساة هناك، داعياً إلى تقييم الوضع في شكل موضوعي وغير منحاز».
وقال الرئيس الروسي: «إن المشكلات الحادة المتعلقة بأوكرانيا والقرم مرتبطة بعدم وجود ثقة، وأن إعادة الثقة أمر مهم جداً، وأن فكرة النظام أحادي القطب لم تتحقق»، مضيفاً: «أن ذلك أمر بديهي للجميع، حتى لهؤلاء الذين يحاولون العمل وفقاً للنظام المعتاد عليه والحفاظ على الهيمنة وإملاء قواعدهم في السياسة والتجارة والمال وفرض صفاتهم الثقافية».
وفي سياق رده على سؤال عن اتهامات وجهها الرئيس الأميركي باراك اوباما بأن بوتين غير صادق، قال بوتين: «هو ليس قاضياً ليتهم… ان كان كذلك ليعمل اذاً في المؤسسات القضائية». وأعرب عن ثقته بأن السؤال حول علاقة أوباما به طرح بشكل غير دقيق، مضيفاً: «لا أعتقد أن اوباما يتهمني بأي شيء… لديه وجهة نظر خاصة حيال أمور وأنا لدي نظرتي الخاصة».
من ناحيته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب وضع أوكرانيا بين خيارين، معنا أو ضدنا، بدلاً من تطوير مشاريع التكامل الطبيعية في أوروبا وأوراسيا، مشيراً في كلمة ألقاها في مؤتمر موسكو الثالث للأمن الدولي أمس، إلى أنه «نظراً للوضع السياسي الهش في هذا البلد كان كافياً لتأجيج أزمة واسعة للدولة الأوكرانية.
وأكد لافروف أنه يجب استخلاص الدروس الصحيحة من الأزمة الأوكرانية «وبدء تنفيذ مبادئ الأمن المتساوي وغير القابل للتجزئة في منطقة أوروبا والأطلسي وتهيئة الظروف لإقامة فضاء اقتصادي وإنساني موحد بين لشبونة وفلاديفوستوك»، موضحاً أن مساهمة الشعب الأوكراني في تجاوز أزمته «تتطلب التخلي عن اللعبة الصفرية والتراجع عن تشجيع النازية الجديدة ومعاداة الغير والنظرة الأوروبية المتغطرسة لأوكرانيا».
من جهة أخرى، أشار لافروف الى أن تأجيج «الثورات الملونة» من الخارج يؤدي فقط إلى انتشار «نقاط ساخنة» على خريطة العالم. وأعرب عن أسفه لأن «خططاً قائمة على استخدام معايير مزدوجة والاستفادة من مختلف الأزمات جيوسياسياً من جانب واحد تطبق في شكل واسع في أوروبا وغيرها من مناطق العالم»، مؤكداً أن ذلك «يقوض فعالية الجهود الرامية إلى تسوية الأزمات».
وقال لافروف إن عمليات تغيير النظم في الدول ذات السيادة وتأجيج مختلف «الثورات الملونة» تلحق أضراراً واضحة بالاستقرار الدولي، مضيفاً: «أن محاولات فرض حلول للتغييرات الداخلية على شعوب أخرى من دون مراعاة تقاليدها وخصائصها الوطنية وتصدير الديمقراطية تنعكس سلباً على العلاقات الدولية».وأكد: «أن الغرب فضّل سياسته الرامية إلى احتواء روسيا على الفرصة التاريخية لإقامة أوروبا كبرى»، داعياً المشاركين في المؤتمر إلى «التركيز على النزاعات في الشرق الأوسط وجنوب آسيا»، وأعرب عن أسفه من أن هذه النزاعات الخطرة التي «أصبحت أخيراً في ظل الأزمة الأوكرانية».
وقال الوزير الروسي إن الغرب فضّل توسيع سيطرته الجيوسياسية شرقاً رغم الدعوات الروسية المستمرة إلى التعاون على أساس مبادئ متفق عليها على أعلى مستوى من أجل إقامة فضاء مشترك للسلام والأمن والاستقرار في منطقة أوروبا والأطلسي.
وفي السياق، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها ستأخذ في الاعتبار كافة العوامل لدى اتخاذ قرار في شأن الاعتراف بشرعية انتخابات الرئاسة في أوكرانيا من عدمه. وقال أليكسي ميشكوف نائب وزير الخارجية الروسي للصحافيين أمس: «دعونا ننتظر انطلاق الانتخابات، لكن روسيا طبعاً ستأخذ في الاعتبار كافة العوامل لدى نظرها في هذه القضية».
جاء ذلك في وقت، أعلن السكرتير الصحافي للجنة الانتخابات المركزية في أوكرانيا قسطنطين خيفرينكو «أن 20 مركزاً انتخابياً محلياً، من أصل 34 أقيمت في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك استعداداً للانتخابات الرئاسية، لا تزال محاصرة هناك من قبل أشخاص مسلحين».
وقال خيفرينكو أن جميع المراكز الخمسة في دونيتسك مغلقة «واجمالاً، 12 مركزاً من بين 22 لا تعمل جزئياً أو كلياً في مقاطعة دونيتسك»، بينما تبقى في مقاطعة لوغانسك 8 مراكز من بين 12 مغلقة.
في غضون ذلك، صرح مدير جهاز الأمن الأوكراني فالنتين ناليفايتشينكو أن أجهزة الأمن لن تجري عمليات نشطة شرق البلاد يوم الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها الأحد 25 ايار. الا أن ناليفايتشينكو، الذي يقود العملية العسكرية شرق أوكرانيا، وعد الصحافيين في الوقت نفسه بأن «أجهزة الأمن ستبقى في منطقة عملية مكافحة الارهاب من أجل التدخل في حال حصول خطر على حياة الناس، بمن فيهم من يعتزم المشاركة في التصويت». وكان نائب القائم بمهمات وزير الداخلية الأوكراني نيكولاي فيليتشكوفيتش اعترف في وقت سابق من اليوم بأن عدة مراكز اقتراع في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك لن تستطيع أن تُفتح يوم الانتخابات.
وأكد نائب القائم بمهام النائب العام في اوكرانيا نيكولاي اولومشا أنه سيتم خلق ظروف مناسبة للتصويت لسكان المقاطعتين، اذ اقترح عليهم القدوم الى «أماكن انتخاب محمية في حال لم تُفتح المراكز الموجودة في مناطق سكنهم».