إحذروا ظاهرة الفيديوات المسرّبة…
فدى دبوس
انتشرت في الآونة الأخيرة وبعد سلسلة الأحداث الدموية التي فرضها «داعش» «بالقوّة» علينا ظاهرة الفيديوات المسرّبة للمشاهد الدموية، من قطع رؤوس إلى ذبح بالسكّين إلى حرق أو إعدام بالرصاص، وكانت مواقع التواصل الاجتماعي هي المرتع الآمن للتسويق لهذه الفيديوات الدموية.
هذه الموضة في تسويق هذه الفيديوات فتحت المجال أمام كلّ من يهدف إلى تسويق فكرة ما أو الاعتراض على واقع إلى تصوير فيديو وبثّه عبر مواقع التواصل الاجتماعي. في البداية تمّ رفض التسويق لهذه الفيديوات عبر تداولها بين الناشطين لما فيها من مشروع دعائيّ يخدم الإرهاب ويسوّق لأفكاره، وفيما انحسرت هذه الظاهرة بمساعدة من إدارات مواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت في تقليص انتشارها، بدأت ظاهرة جديدة ألا وهي تسويق فيديوات من داخل سجن رومية لدعم قضية السجناء الإرهابيين وإظهارهم بصورة المضطهدين المظلومين الذين يلاقون أسوأ أنواع التعذيب وتغيب عنهم كلّ الحقوق الإنسانية والمدنية.
بالأمس وبعد انتشار هذه الفيديوات التي أظهرت طرق تعذيب مزعجة للإرهابيين السجناء لاحظنا ثورة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنّ هذه الصورة لم تخرج من دائرة الافتراض، وظلّت معلّقة على صفحات الناشطين الذين استنكر بعضهم التعذيب وتعاطف مع السجناء في حين اعتبر البعض الآخر أن في ذلك نوعاً من القصاص العادل لأشخاص سبق أن خططوا لكثير من الجرائم الإرهابية من خلف قضبان السجن.
المشكلة هنا لا تكمن في التعاطف أو الاستنكار، بل تكمن في الخطّة الأساسية في تسريب هذا النوع ونشره. المشكلة تكمن في تحقيق أكبر قدر من التعاطف مع هؤلاء الإرهابيين لتحويلهم وبلمحة بصر من جلاّدين إلى ضحايا ينالون أسوأ أنواع التعذيب بطريقة تخالف حقوق الإنسان، وبهذه الطريقة تكون هذه الوسيلة أو الخدعة الإعلامية هي الطريقة الوحيدة في تبرير أيّ موضوع ربّما يطرأ على الأجندة السياسية لاحقاً.
يبقى السؤال الأكثر أهمية، لم يتمّ استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بالذات لتسريب وتسويق نوع من الفيديوات كهذا؟ هل الهدف من ذلك إظهار الحقيقة على مرأى من عيون الناس؟ أم الهدف هو إظهار الإرهابيين بصورة المساكين المظلومين وتحقيق أكبر قدر من التعاطف؟
بعيداً من العالم الافتراضي يأتي التحليل المنطقيّ لأيّ موضوع، يمكن لنا أن نسعى جاهدين إلى تفسيره أو تحليله، إذ وبعد هذه الدعاية الإعلامية الكبيرة والتسويق لخدمة بعض الأفكار لا يجب علينا أن نكون سذّجاً لدرجة قبول هذا التسويق والسماح إلى اللعب بعقولنا لإظهار المساجين بصورة البراءة. وإن كنّا دائماً وأبداً مع تطبيق القانون وإحقاق الحقّ ومع رفض التعنيف بشتّى أشكاله وأنواعه.