خفافيش الظلام
شهناز صبحي فاكوش
ثيابهم سود، لثام وجوههم أسود، راياتهم سود، لوحاتهم والشارات التي تدلّ عليهم سوداء، أينما تجد جدراناً يلفها السواد في بعض الشوارع، تعرف تماماً أنهم دنّسوا أرضها، إنهم طيور الظلام، خفافيش الليل.
جاؤوا من الكهوف، مسلكهم الظلام، مساربهم الخنادق، أهمّ أدواتهم التفخيخ، السواد الذي يلفهم مصطبغ من قلوب الحاقدين الذين صنعوهم لتخريب الأمة. أما المواجهة فهي أبعد ما تكون عنهم، الجبن خلقهم، لذلك يواجهون الموت ببلاهة.
تدرّبوا في غيابات الجهل فأغلقوا المدارس في وجه البنات، مشهد يتكرّر من أفغانستان إلى رقة الرشيد، وينفون عن أنفسهم أنهم من مفرخة «القاعدة»، يقتلون ويكفّرون، وكأنهم أولياء أمر الدين الذي لا يفقهون،
تبّت أيديهم وهم في ركاب الظلم يعمهون، ظنوا ومن وراءهم أنهم بالبطش والقتل يطاعون ويطوّعون، قتلوا وهجروا، حرقوا ورجموا، قطعوا الأيدي، جزوا الرقاب، يحاصرون القرى ويمدّهم مشغلوهم بأعداد كبيرة من القتلة الإرهابيين.
ها هم اليوم يحاولون ضرب السويداء، والداعم بوضوح الكيان الصهيوني، يداوي أكثر من ثلاثة آلاف مصاب منهم في مشافيه، يفتح مخازن سلاحه لهم، والفواتير تتساقط من قطر برحابة مالية، تصريف للسلاح، عملة صعبة تدخل الخزينة.
القاتل والمقتول بعيدون عن أبنائهم، يخططون، وعملاؤهم ينفذون بغيبيةٍ ما يريدون. وأبواقهم خارج الحدود تؤدّي دورها بجدارة، معارضة كما يدّعونهم، ومناصرين، بينما هم في حقيقة الأمر عملاء مأجورون.
مدن تحاصر ويقطع عنها الماء والكهرباء، تلك دير الزور يفرضون عليها ظلام قلوبهم منذ أشهر، ويقطعون سبيل وصول الغذاء ومقومات الحياة، حدث جاهلي عانى منه المسلمون في صدر الإسلام، كيف يدّعي ممارسوه اليوم أنهم مسلمون.
يتكرّر المشهد في أحياء من حلب، من حمص، والشعب الصامد الذي يدافع اليوم عن أرضه وحريته، إلى جانب القوات المسلحة، يرسم أروع لوحات البطولة صموداً وبسالةً، دفاعاً عن الأرض والسيادة.
تحاصر قرية حضر ورهان الصهاينة لأجل التدخل في سورية بحجة الإنسانية، يدعمون «النصرة»، ومن دعوا أنفسهم بالمعارضة، ويروّجون أنهم ضدّهم لسلامة أهل القرية المسلمين الموحدين. يحاولون زرع الفتنة، ورمي الشقاق بين الأهل والوطن.
التدخل العسكري في أولويات الأجندة الصهيونية المحتلة لفلسطين والجولان. والقرية صامدة بأهلها، يقاتلون ضدّ إرهابيّي «النصرة»، يروّج الجنرال غادي أيزنكوت رئيس أركان العدو، أنه قلق من الوضع في الجولان، وأنه سيتخذ إجراءات لمنع وقوع مجزرة،
حجج أوهى من خيوط العنكبوت، يحاولون عبرها التسلل إلى الداخل السوري، إلا أنّ ردّ الجيش العربي السوري وأهل حضر، كان صفعة على وجه العدو الصهيوني، فهو يسيطر على التلال الواصلة بين أرياف درعا القنيطرة ودمشق ما يقوّي موقعه في الجنوب، ويطيح بالرهان الصهيوني أرضاً.
الشعب يكتب قصة صموده، يكتب سيرة للتاريخ عن تحريره لأرضه، فهي أرض كلّ السوريين، تل أبيض، الحسكة، عين العرب، القنيطرة، السويداء، والجيش يسجل انتصاراته على كلّ الأرض السورية.
لن تنفعهم قذائف جهنم ولا صواريخ أردوغان، الرعب نسيه السوريون منذ ثورتهم على المحتلّ الفرنسي، والخوف يخشاهم، أما الشهادة فهي قربان الوطن، السوريون عرب مؤمنون، أمة تطلب الشهادة لتكتب لأبنائها الحياة الكريمة.
أمة اعتادت الحياة في النور تستضيء بنور الشمس، تكتب تاريخها على صفحة السماء الصافية، لا مكان فيها للإرهابيين خفافيش الظلام. فهم يرتطمون بجبروت الشعب الأبي وجيشه المقاتل، كما ترتطم خفافيش الظلام بالجدران فتقع ميتة.
ذلك هو الفرق بين أصحاب الحق، وبين التكفيريين الضلاليّين، نسور في العلا، وخفافيش في الظلام…