الخجل من 7 أيار ـ «البناء» تطلق خطوة ـ إنْ كانوا يعلمون المصيبة أعظم ـ السلاح الجاذب للعدوان والوزاني
ناصر قنديل
– اليوم تطلق «البناء» خطوتها الأولى من «نافذة بمفاتيح متعددة»، وهي المقالة بتواقيع متعدّدة التي تفرد لها مكاناً مميًزاً في صفحتها الأخيرة، والخطوة الأولى يفتتحها نائب رئيس المجلس النيابي سابقاً إيلي الفرزلي والإعلامية والكاتبة الزميلة روزانا رمال، اللذان اختارا بشجاعة الإقدام على القيام بالخطوة الأولى وبذلا معاً جهداً مميّزاً لتقديم نتاجها، وتناولا موضوعاً بحثياً واستراتيجياً يستجيب للحظة الراهنة في طرح السؤال الملحّ، هل نضجت التسويات؟ وحاولا معاً البحث عن الجواب، فقدما لنا جولة أفق في محاور الأزمات والتوازنات الحاكمة لها والصيرورة التي تطاول مستقبل التسويات المنتظرة أو المفترضة، فالشكر لمبادرة الشريكين الصديقين، والتحية لهما على أمل تكرار المحاولة الراقية والمبدعة بشراكات لاحقة، تضيف الجديد وتضفي رونقاً من الجمالية على الكتابة السياسية، وأمل أن يحذو حذوهما الآخرون من سياسيين وكتاب ليكون العقل الجماعي وتلاقح الأفكار والتلاقي البحثي أسلوباً لإنتاج أفكار وآراء تغني النقاش حول القضايا الراهنة، وبأسلوب يمتزج فيه أكثر من قلم ومن حبر ومن لغة، على أمل أن تلقى الخطوة رضا القارئ الذي يظلّ في النهاية هو الحكم الأول والأخير.
– يحتفل لبنان بعيد المقاومة والتحرير، بينما قسم من قواه السياسية يكيد لها المكائد ويتواطأ مع الخارج على اختلاف مكوّناته لتطويقها ومحاصرتها وتجريدها من مصادر القوة، خصوصاً عبر الإيحاء بأنّ الشعب اللبناني منقسم من حولها كخيار، وهم يعلمون أنهم يقدمون للعدو سبباً ليبقى يفكر أنّ بمستطاعه العودة إلى وضع خطط الحرب عليها، مستفيداً من هذا الانقسام، والمصيبة أن لا تكون هذه القوى مدركة أنّ كلّ نقطة ضعف تُزرع في جسد المقاومة، هي نقطة قوة تُمنح مجاناً لعدو لم يعد لديه أي أمل ببناء مصادر جديدة للقوة، وإنْ كانت تلك القوى تدرك ما تفعل فالمصيبة أعظم.
– إذا كان البعض يناقش فاعلية المقاومة وجدواها في تحرير ما تبقى من الأرض تحت الاحتلال، على رغم فعاليتها في تحرير ما مضى، وله حجج تنطلق من تبدّل الظروف والحسابات، فذلك أمر يقبل النقاش، وإذا كان البعض يناقش حول فاعلية المقاومة وقدرتها على ردّ أيّ عدوان على رغم فعاليتها في تحقيق ذلك من قبل، وله في ذلك حجج تنطلق من إمكانية توفير صيغة أفضل بتكامل قدرات المقاومة مع الدولة وجيشها ضمن صيغ تتسع للأخذ والردّ فذلك أيضاً تظلله المشروعية، لكن السؤال لماذا كلّ الذين يدّعون ذلك بلا استثناء كانوا من الذين ناقشوا فاعلية المقاومة وجدواها قبل نجاحها في التحرير وقبل انتصارها على العدوان؟ وهم أنفسهم بلا استثناء ينتقلون إلى لغة عدائية تشكيكية ويغادرون بسرعة لغة النقاش، الذي إذا صدقت مراميه يُفترض أن يحكمه الحرص على عدم منح العدو أيّ فرصة للنيل ولو إعلامياً من المقاومة بقوة ترداده ما يقولون.
– عندما يذهب بعض الذين يسعون ويجهدون للنيل من المقاومة إلى تحميلها مسؤولية العدوان ويعتبرون سلاحها جاذباً للاعتداء، وهم يبرئون إسرائيل من عدوانيتها، نسأل: هل كان في لبنان سلاح فلسطيني أو لبناني جاذب للعدوان، في عام 1964 عندما قرّرت الحكومة اللبنانية بغطاء من مجلس الدفاع العربي المشترك تحويل مجرى نبع الوزاني للسماح باستجرار المياه منه إلى قريتين لبنانيتين، حتى قامت «إسرائيل» بقصف الجرافة التي كانت تعمل لتنفيذ المشروع وإيقافه بالتالي؟ وهل كانت الديبلوماسية هي التي وفرت الحماية في عام 2002 لعشرات الجرافات اللبنانية لتنفيذ قرار مصلحة مياه الجنوب – وليس مجلس وزراء الدفاع العرب – باستجرار المياه من الوزاني، إلى اثنين وعشرين بلدة جنوبية أم هي المقاومة؟
– الكلام المنسوب للرئيس ميشال سليمان عن شعوره بالخجل بسبب دخوله القصر الجمهوري بعد السابع من أيار، وبالفخر بسبب مغادرته القصر وفقاً للأصول، يستدعي السؤال هل يحتاج الشعور بالخجل ست سنوات حتى يصل إلى حيث يشعر به المرء؟ أم هي القاعدة «بَبكي وبَروح»، لأنّ أبسط مترتبات الشعور بالخجل من تولّي وجاهة مختار قرية هي الاعتذار، والغريب أنّ أغلب رؤساء ووزراء ونواب لبنان تولوا مسؤوليات بلدهم وإدارة أمواله وهم يقولون إنهم مغلوبون على أمرهم، ولم نسمع عن أحد منهم قام بالاعتذار عن هذه الوجاهة ونفوذها بداعي الشعور بالخجل من توليها، بل كنا نراه وعائلته ومريديه يستشرسون في التشبّث بها حتى الثمالة، وليفسّر لنا فخامته ما قاله وزيراه في الحكومة أليس شبطيني وعبد المطلب الحناوي عن ضرورة أن يجد المجلس النيابي طريقة لتمديد ولاية الرئيس سليمان باسم المصلحة الوطنية، وهل سنصدّق أنهما اتفقا على مفردة واحدة ومطلب واحد من دون علمه، وهو الفرِح والفخور بمغادرة القصر الجمهوري وفقاً للأصول الدستورية؟