المرأة في ذهن الجزائري
سارة بن مزيان
سبع نساء على كرسي الوزارة. صفعة بوتفليقة لكلّ معتقد بأنّ المرأة في محور «طنجة ـ جاكرتا» مخلوق ناقص لا يملك من القدرة ما يجعله يتسلق هرم السلطة.
يبدو أنّ الرجل الجزائري اليوم أحدث نموذجاً جديداً للمرأة المرأة بعقل مختنق في زمن أحدث فيه الرجل في محور «واشنطن موسكو» المرأة الحديدي ميركل.
ومن هنا نتساءل عن ماهية الموروث الثقافي والفكري الذي رسم شخصية الرجل الجزائري الذي لطالما كانت المرأة في قاموسه تعريفاً ناقصاً أو مشوّهاً أو مضافاً إليه.
يبدو الأمر هيّناً إذا صدر هذا التفكير من رجل الشعب، لكن المصيبة أن يؤمن به رجل النخبة إذا جاز لنا أن نسمّيه بذلك . ولأنّ تطوّر المجتمع مرتبط بتطور المرأة والعكس صحيح فنحن في حاجة إلى نساء على نموذج مثالي.
يؤسفنا اليوم أنّ المرأة المسلمة بعدما كانت المحاربة والقاضية في العصور الذهبية للخلافة، أراد لها كثر اليوم أن تكون المرأة المنحوتة، والكلّ ينحتها بحسب متطلباته النفسية، الفكرية والاجتماعية.
يجدر بنا ألا ننكر أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في جملة الحقوق والواجبات، إلّا أنّ هناك فروقاً معدودة احتراماً لأصل الفطرة. لكن عبقرية اليوم تسمّى «عقل الجزائري» أصرّت على تناسي هذه الحقائق وتولت مهمة دفن المرأة في الجهل والأعمال المنزلية، منتجة بذلك الأم الضعيفة والأخت الخائفة والزوجة الخاضعة، أما التي تخالف ذلك فهي «عيشة راجل».
إنّ نشوء نساء مثقفات متعلّمات وحاملات لأعلى الشهادات مثل الوزيرات يبدو أنه لم يتلاءم وطبيعة العقل الرجولي ها هنا.
إنّ سيّدات مسلمات تسابقن إلى الخيرات وتنافسن في البرّ والتقوى حتى تركن للأجيال المقبلة قدوة نقتدي بها، إذ نجد اسم ولّادة في سماء الأدب الأندلسي يلمع حين كانت تشرف على «صالون أدبي» يجتمع فيه فحول الأدب والشعراء، قبل أن يلمع اسم مدام دي رمبولييه في الأدب الفرنسي بقرون، على ما يقول المفكر مالك بن نبي. والآن انقلبت الأدوار وصرنا نقتدي بالغرب في ما يخصّ حقوق النساء وسائر شؤون العباد.
نعتقد أنّ التضحيات التي قدمتها المرأة أيام الثورة التحريرية برهنت عن جدارتها وقدرتها على الوقوف إلى جانب الرجل. فلا شك في أنها لا تزال في جزائر الاستقلال قادرة على القيام بما قات به في السابق، لكن أصحاب أفكار «النساء ناقصات عقل ودين» و»خلقت المرأة من ضلع اعوج». و»لعن الله قوماً تحكمهم امرأة». لم ولن يقنعوا بجملة الحقوق السياسية، الثقافية والفكرية التي منحها الإسلام للمرأة وكفلها لها الدستور اليوم، جاعلاً منها السيدة لا الفارسة مثلما هي في الغرب.