تقرير

كتب إيتان هابر في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية:

رئيس وزراء في «إسرائيل» ـ كل رئيس وزراء من كل حزب ـ يفكر أيضاً بمكانه في تاريخ الدولة، لا بل تاريخ الشعب اليهودي. كل رئيس وزراء في «إسرائيل» يعرف أنه لا يمكن «الدخول إلى التاريخ» إلا في أعقاب الحروب، وربما أيضاً بفضل اتفاق سلام واحد أو اثنين. ديفيد بن غوريون دخل صفحات التاريخ في أعقاب «حرب الاستقلال». من ليفي أشكول سرق التاريخ موشيه دايان عشية حرب الأيام الستة. وقد دخل دايان التاريخ «بعظمة» على حساب اسحق رابين أيضاً، الذي أعدّ الجيش لأكثر الحروب نجاحاً حتى الآن. مناحيم بيغن دخل التاريخ خيراً في أعقاب قصف المفاعل العراقي والسلام مع مصر، وشرّاً بسبب حرب لبنان الأولى. وهكذا أيضاً آرييل شارون. وإيهود أولمرت سيُذكر هو أيضاً، وليس فقط، في أعقاب الادارة السياسية لحرب لبنان الثانية. عن الادارة العسكرية سبق أن كتب الكثير جداً. وهكذا دواليك.

من أعاليه في مكتب رئيس الوزراء في القدس، يعرف كل رئيس وزراء أن مهمته الحفاظ على دولة «إسرائيل» من أعدائها في أوضاع شبه متعذرة. والوصف الذي أطلقه أحدهم، إيهود باراك، كـ«فيللا في الغابة»، هو الأصح. كل رئيس وزراء يرى مهمته في نقل الشعلة إلى التالي بعده معيداً الأمانة بكاملها، من دون علل أو جروح. كما أنه يعرف أنّ الحديث يدور عن حرب واحدة طويلة لا تغيّر سوى الأسماء، ولكنها الحرب ذاتها. ومن تجربة سابقيه يعرف أيضاً أنّ مهمته، ضمن أمور أخرى، التمديد قدر الامكان لزمن الوقفات بين الحروب. لقد بنيت الصهيونية بكاملها على مسافات الزمن هذه.

ولكن ما كان صحيحاً حتى اليوم ليس صحيحاً ابتداء من اليوم. لقد نشأت لرئيس الوزراء الحالي فرصة يخيّل أنها لن تتكرر لضرب أعداء «إسرائيل» بشدة وكذا لتمديد الوقفات الزمنية بين الحروب، ربما لفترة طويلة جداً. والاغراء كبير للغاية. سورية ملقية أمام «دولة إسرائيل» و«الجيش الإسرائيلي». حزب الله يعدّ ويستعدّ ويمكن إمساكه مع بنطال ساحل، وحماس في غزة تلعق جراحها. حسناً، يقول لأنفسهم الفهيمون بالأمر، هذا هو الوقت الصحيح لضربهم طالما أنهم محطمون ومستنزفون.

السؤال هو بالطبع ضد من تفتح أو من يجرّ إلى حرب نتائجها معروفة مسبقاً؟ السوريون المنقسمون إلى منظمات ومنظمات فرعية ويد الفرد منهم هناك تطال أخيه؟ حزب الله الذي يزرع الشر ويستعد لما سيأتي؟ أم أن نضرب ضربة ساحقة لحماس في غزة، التي يخيل لنا أنها لم تنتعش بعد؟ ها المكان والزمان لأن نقول ونكتب أننا نعرف دوماً كيف نبدأ الحرب، ولكننا لا نعرف إلى أين ستجرّنا في النهاية. فالحرب معناها أيضاً دم وثكل. الحرب أسوأ اختراع وجده الانسان، إذا كان إنساناً. ولكن الإغراء في هذه اللحظة كبير، ولهذا فإنّي لن أُفاجَأ إذا ما استيقظنا في الزمن القريب الصيف دوماً موعد مريح لذلك مع صافرة الانذار وركض نحو المجالات المحصنة.

هذا لا يعني أن الحرب ستندلع قريباً. ولكن ينبغي أن نذكّر أصحاب القرار، وعلى رأسهم رئيس الوزراء، بأنّ الحروب لا تحلّ المشاكل، إنما تخلق مشاكل جديدة وانه ليس هناك اليوم انتصارات فاخرة، بل مجرد التعادل الحامض، في أفضل الحالات. وانه يتم اختيارها أيضاً من أجل محاولة الوصول إلى السلام. هذا يجب أن يكون الاولوية الوطنية العليا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى