«ويكيليكسيات» تعصف بحزمٍ بمحور المهزومين في الحرب على سورية
طاهر محي الدين
ابتدأ مسلسل الفضائح والتسريبات العابر لحلف المهزومين في سورية من تركيا مع الفضائح التي نشرتها صحيفة «جمهورييت»، والتي تثبت بالدليل القاطع تورّط رجب أردوغان بدعم وتسليح وتمويل الإرهاب في المنطقة، وخصوصاً في سورية، وذلك قبيل الانتحابات البرلمانية التركية، فتم إسقاطه في هذه الجولة بالنقاط العالية، تمهيداً للنزال النهائي في الانتخابات المبكرة بعد فشله في تشكيل الحكومة الائتلافية، وستكون خسارته أكبر بالضربة القاضية، عندما لا يحصل حزبه في الانتخابات المقبلة على أكثر من 25 في المئة من نسبة المقاعد البرلمانية، وبالتالي تنتهي حقبة «الإخوان المسلمين» ليس فقط في تركيا وإنما في المنطقة بعد مصر وتونس، وأيضاً بعد التسريبات التي توعّدت حركة «فتح» بنشرها عن اتفاقات سرية بين بعض قيادات حركة حماس الإخوانية مع كيان العدو.
أما فضائح آل سعود، والتي تمّ الكشف عنها من خلال نشر نحو نصف مليون وثيقة في موقع «ويكيليكس» تكشف بالدليل الفاضح والواضح تورّط آل سعود في ملفات فساد وتآمر على تخريب الكثير من الدول العربية والإسلامية، ومحاربة المقاومة بأحزابها ودولها ووسائل إعلامها أينما وجدت، كما كشفت بوضوح عن فساد مالي هائل داخل المملكة في العائلة الحاكمة وإهدار أموال ومقدرات المملكة خدمة للمصالح الصهيو ـ أميركية في المنطقة، ومحاربة الإسلام المعتدل الوسطي في العالم ونشر الفكر الوهابي الإرهابي، وشراء الذمم والضمائر في إعلام الصفحات الصفراء، وإنشاء محطات تحريض مذهبي وطائفي لتفتيت الأمة وتدميرها، وربما من أهمّ الوثائق تلك التي تخص العفو الملكي الصادر عن الإرهابيين في السجون السعودية للذهاب إلى الحرب في سورية والعراق مقابل إطلاقهم من السجون والتكفل بضمان عوائلهم في المملكة.
ومن خلال الكشف عن هذه الوثائق السعودية، كان للبنان النصيب الأكبر من تلك الفضائح التي طاولت كلّ رؤوس السيادة والاستقلال من جماعة 14 آذار وعلى رأسهم «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، حيث كان حزب القوات هو رأس الحربة التي سيعتمد عليها في مواجهة حزب الله وإسقاط مشروع المقاومة في لبنان، كونه الأكثر تنظيماً ومقدرة على تحقيق هذا الهدف، نتيجة لخبرته السابقة في القتل والتعامل مع العدو الصهيوني إبان الحرب الأهلية اللبنانية، وكذلك تورّط الكثير من شخصيات 14 آذار ومحطاتهم التلفزيونية وصحفهم بفساد البترودولار، وفجأة وبنفس السياق، يظهر «رومية ليكس» في قلب معمعة الفساد ويتمّ تسريب فيديو يظهر تعذيب عدد من الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، للتغطية على الفضائح التي عصفت بجماعة السيادة والاستقلال في مسرحية هزلية لعب دور بطولتها رأس «العدلية» في لبنان أشرف ريفي، المتهم أصلاً بتشكيل ودعم قادة المحاور في طرابلس إبان وجوده على رأس جهاز قوى الأمن الداخلي، وفي سياق تلك المسرحية، يدخل في مهاترات مع الوزير نهاد المشنوق، ويردّ عليه الوزير المشنوق، ومن ثم يقوم ريفي بتوجيه الاتهام لحزب الله بتسريب هذه التسجيلات ليعصف بالحكومة، وليصبّ نار المذهبية على الموضوع، وهذا فعلاً ما حدث وسيحدث جراء تحركات قادة المحاور في المناطق التي تتبع تماماً لجماعة 14 آذار انتخابياً وفكرياً وتمويلياً ولوجستياً، وهنا نقوم بطرح بعض الأسئلة:
أليس وزير العدل من جماعة 14 آذار، ووزير الداخلية من جماعة 14 آذار، ورئيس جهاز قوى الأمن الداخلي من 14 آذار، والمساجين المعذبون محسوبون أصلاً على 14 آذار ومن قام بالتعذيب يأتمرون بقيادات 14 آذار؟
ألا يشبه مشهد التعذيب هذا مشهد أطفال درعا الذين كانوا الذريعة الوهمية لانطلاق الأحداث والحرب في سورية، مع فارق بسيط واحد هو أنه وحتى بعد مرور ما يقارب الخمسة أعوام على الحرب وشاهدنا كلّ القتل والتدمير والجرائم والإرهابيين في سورية إلا أظافر أطفال درعا؟
هل تكون عملية نشر هذه الفضائح في هذا التوقيت هي بداية النهاية لحلف الحرب في المنطقة بعد فشله في كلّ ملفات المنطقة؟
وهل نشهد قريباً وقريباً جداً وثائق قطرية وأردنية تعصف بالجميع؟
ما هو سبب نشر تلك الوثائق الآن تزامناً مع اقتراب موعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني؟
وهل للانتصارات التي تتحقق على الساحة السورية من القلمون إلى البادية السورية والشمال السوري التي يقودها الجيش العربي السوري وحزب الله سوية ودق رأس «النصرة» والانقضاض عليها بشكل شبه كامل والاندحار المتدحرج لتنظيم «داعش» في سورية والعراق علاقة بتوقيت هذا النشر؟
ربما تكون الإجابات تكمن في الأسئلة نفسها، حيث أنّ أميركا تريد أن تأتي برأس أردوغان ضعيفاً في ذلك الوقت وتملي عليه الاتفاق النووي والشروط وترغمه صاغراً على التوقيع والتسليم، كما فعلت بآل سعود بتوريطهم بحرب اليمن لتأتي برؤوسهم صاغرة في موعد التوقيع على الاتفاق، وفي السياق يأتي إعلان انتهاء حقبة 14 آذار في لبنان، ويتمّ التوافق على إغلاق الملف الرئاسي، وعندها ستتمّ لملمة أوراق المنطقة وترسم خرائطها من جديد.
ومن المؤكد والمحتوم والطبيعي أن لا ننسى دور الكيان الصهيوني الذي تلقى الهزائم مع حلفائه من أنقرة إلى الرياض، ولكن مع اختلاف أهميته للغرب وأميركا، ولا يستطيع أحد تحمّل كلفة هزيمته أو إعلانها بشكل علني، فكانت الزيارات السرية والعلنية لقيادات الجيش والاستخبارات الأميركية المتواترة لطمأنة حكومة الكيان الصهيوني بالالتزام بأمنه والحفاظ على تفوّقه العسكري في المنطقة، على رغم توقيع الاتفاق النووي مع إيران.
أسئلة كلها مطروحة للتفكير والإجابة، وربما تحمل الأيام المقبلة الكثير من الإجابات والتحوّلات المفاجئة لمصلحة محور المقاومة من سورية ولبنان إيران مروراً بالعراق!