كوباني الشاهدة… والشهيدة
نظام مارديني
لو أن المهزوم القميء في الانتخابات التركية رجب طيب أردوغان قرأ تاريخ هذه المنطقة من الهلال السوري الخصيب، كان سيمتنع عن إرسال غلمانه، تارة عبر ما يسمى بـ «الجيش الحر» الذي يأتمر بأوامره ويشكل حصان طروادة للتدليل على مواقع الضعف في كوباني المقاومة، وتارة أخرى باسم «داعش» هولاكو… لو كان قد قرأ أردوغان التاريخ، لكان علم أن قيمة يسوع المسيح أنه أمسك بمسار التاريخ الروماني اليهودي وثناه لمصلحة حضارة الحق والخير والجمال.
ولعلم أن صلاح الدين الأيوبي يوم قاد ملاحمه الكبرى ضد الفرنجة وطردهم من هذه البلاد التي تمتد من البحر حتى زاغروس، لم يكن يقاتل باعتباره من الإثنية الكردية، بل باعتباره ابن هذا التاريخ الذي يمتد من حضارة «السوبارتو» وكانت نواتهم وطليعتهم السياسية والعسكرية من جبال كردستان، أحب البعض هذه الحقيقة أم كره .
ولَعلم أن يوسف العظمة الذي قاوم جحافل الفرنسيين واستشهد من أجل كرامة واستقلال السوريين، له أحفاد في هذه الأرض يستلهمون من هذه الشهادة روح البطولة المؤيدة بصحة الإيمان في هذه البلاد.
لو قرأ أردوغان التاريخ جيداً لَعلم أن أهل كوباني هم أبناء هذا التاريخ العظيم.
أما بعد… لا يجب أن تمر الملحمة الأسطورية التي يسطرها أبناء كوباني، الشاهدة ـ الشهيدة، في تصديهم لـ «داعش» مرور الكرام على أبناء شعبنا في الهلال السوري الخصيب، فالتأمل بما يجري في هذه البلدة، وقراءة كل أبعاد المشهد المقاوم فيها، والوقوف على عناصر قوتها، وكذلك مراقبة المشهد العاجز لـ«داعش» وداعميه من الطورانيين وحصانهم الطروادي، والوقوف على عناصر ضعف هذا التنظيم، يمكن أن يساهم في تعميم «ظاهرة كوباني» على جميع المناطق السورية ـ العراقية سوراقيا ، وعندها لن تقوم لـ«داعش» قائمة.
كل هذه المقاومة والبطولة والشهادة ستكون لها حتماً مضاعفات كبرى على المناخات النفسية الفكرية والثقافية لأعداد كبيرة من السوريين. الأمر هنا كان شبيهاً بما حدث بعد معركة الكرامة في الأردن عام 1969، حين تمكّنت عناصر المقاومة الفلسطينية من الصمود في وجه جحافل القوات «الإسرائيلية» المتقدمة. حينذاك، اجتاحت المنطقة موجة حماسة كاسحة، دفعت العديد من المواطنين في «سوراقيا» إما إلى المشاركة في عمليات المقاومة الفلسطينية أو إلى الانضمام إلى صفوف حركة فتح في إطار استراتيجية حرب الشعب ، التي تم الترويج لها في حينه.
كوباني باتت رمزاً لمقاومة نوعية في سورية من شأنها أن تنهي مسلسل التراجيديا أو التراجيديات في أرضنا الشهيدة.