أين أصبحت معركة تحرير الرمادي؟
حميدي العبدالله
أعلن قبل أسابيع أنّ الحكومة العراقية، ومجلس محافظة الأنبار، قد وافقا على الاستعانة بالحشد الشعبي لتحرير الرمادي عاصمة محافظة الأنبار، ومنع تمدّد «داعش» إلى مناطق جديدة في المحافظة، مثل مدينة حديثة وغيرها من المناطق التي لم يدخل إليها «داعش». وأعلن أيضاً أنّ الولايات المتحدة لم تعد تعارض الاستعانة بالحشد الشعبي، وصرّح مسؤولون أميركيون أنّ الحشد الشعبي متعدّد ولا يعبّر عن طرف أو جهة واحدة في العراق، في محاولة للتراجع عن مواقفهم السابقة بالاعتراض على الاستعانة بالحشد الشعبي.
لكن حتى الآن وبعد مرور أكثر من شهر على هذا القرار، لم تبدأ معركة تحرير الرمادي، فما هي الأسباب التي تفسّر هذا التأخير؟ هل إنّ قوات الحشد الشعبي غير مستعدّة؟ الأرجح أنّ الجواب لا، لأنّ هذه القوات التي حرّرت الكثير من المناطق التي سيطر عليها «داعش» العام الماضي، ولا سيما في محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى، باتت جاهزة وقادرة من حيث العدد والعتاد على خوض معركة تحرير الرمادي، ومع ذلك لم تبدأ المعركة بعد.
الأرجح أنّ هذا التأخير يعود بالدرجة الأولى إلى أسباب سياسية، وبالدرجة الثانية إلى حسابات عسكرية ميدانية.
الأسباب السياسية تكمن في واقع أنّ الغرب غير متحمّس للاستعانة بقوات من الحشد الشعبي، حتى وإنْ لم يعارض هذا الخيار بعد سيطرة «داعش» على الرمادي والخشية من سيطرتها على قواعد الحبانية وعين الأسد حيث يتواجد الخبراء والمستشارون وعناصر القوات الخاصة الأميركية. كما أنّ دولاً في المنطقة، وتحديداً السعودية وقطر وتركيا، تعارض الاستعانة بالحشد الشعبي، بعضها لارتباطه بـ«داعش»، وبعضها الآخر لحسابات تتعلق بالقلق من انحسار نفوذ دول المنطقة والدول الغربية في العراق لحساب دول وقوى منظومة المقاومة والممانعة، من إيران حتى روسيا.
أما الأسباب العسكرية الميدانية، فتكمن في واقع أنّ الولايات المتحدة تسعى إلى الضغط على الحكومة العراقية لزيادة تواجدها العسكري في محافظة الأنبار والمشاركة الفعّالة في معركة الرمادي، والاعتماد بالدرجة الأولى على الجيش العراقي لخلق توازن مع الحشد الشعبي، الأمر الذي يحول دون انحسار النفوذ الأميركي لحساب ما تمثله فصائل الحشد الشعبي.
وبديهي أنّ أعداد الجيش العراقي، ووصول الأسلحة التي أفرج عنها بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى الولايات المتحدة، وتوضع الـ 400 عسكري الذين قرّرت واشنطن إرسالهم إلى العراق، وتحديداً إلى محافظة الأنبار للإسهام في قيادة الحملة العسكرية لتحرير الرمادي، ساهمت بالإضافة إلى الأسباب السياسية، في تأخير بدء معركة تحرير الرمادي.
هذه الأسباب والحسابات هي التي أخّرت بدء المعركة، ولكن من الصعب الاستنتاج أنّ الأوضاع عادت إلى نقطة الصفر لجهة السجال حول مشاركة أو عدم مشاركة قوات الحشد الشعبي في المعركة.