علي عبد الكريم لـ«البناء» و«توب نيوز»: الدول الرافضة للانتخابات ستعود للبحث عن صيغ للتواصل مع سورية
حاورته: روزانا رمّال
يعرف السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أهمية اليوم الطويل الذي ينتظر السفارة السورية اليوم، أول أيام الانتخابات الرئاسية للجالية السورية في لبنان، وهو يراقب كل الاستعدادات لذلك والتحضيرات… ويرحب بالجميع، بوسائل الإعلام والمراقبين والمتابعين، وبكل من يودّ أن يشهد هذا الاستحقاق والواجب الوطني، كما يحب أن يقول. يرحب من جهة بالإعلام الذي ينقل الحقيقة التي أصبحت له فيها مصلحة، كما يؤكد، لأنّ الإرهاب بات يطاول الجميع من جهة، ولا ينكر أنّ هناك من سيحاول نقل صورة مغايرة عن الواقع إنْ كان في لبنان أو في سورية أو أيّ مكان تُجرى فيه الانتخابات الرئاسية من جهة أخرى، لكن ما يتيقن السفير منه هو أنّ الشعب السوري وإرادته سيكونان الردّ الأكبر على أي محاولة للتضليل أو التشويش.
لا ينسى سعادته لبنان ويشدّد على المواهب الكبيرة فيه، وعلى قدرته على اختيار رئيس من دون الحاجة الى تدخل من أحد، مشدّداً على التعاون بين القوى الأمنية لتأمين يوم انتخابي يأمل بأن يكون على أفضل ما يرام، مع وضع احتمال حصول أي توتر في الحسبان، لكنّ الجميع مستعدّ لهذا اليوم المهم.
في ما يلي وقائع الحوار المشترك الذي اجرته «البناء» و«توب نيوز» مع السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي:
ما هي الإجراءات والتحضيرات التي قامت بها السفارة السورية في لبنان لضمان سير عملية الاقتراع بالنسبة الى السوريين المقيمين في لبنان؟
بداية لا بد من الإشارة إلى الإقبال الكبير الذي شهدته السفارة السورية في لبنان للتسجيل في لوائح الانتخاب، حيث وصل هذا الإقبال إلى عشرات الآلاف، كما أتوقع أن تزداد نسبة الإقبال غداً اليوم ، وهنا أشير إلى أن الاقتراع سيكون متاحاً أيضاً بالنسبة الى السوريين على المراكز الحدودية في الثالث من حزيران لاستيعاب أعداد أكبر، وفي هذا السياق نسجل شكرنا للجهات الأمنية اللبنانية التي أبدت تعاوناً لضمان سير عملية الاقتراع من كل النواحي، ومن جهتنا نتمنى أن تستطيع السفارة توفير كل السبل لضمان عملية الاقتراع التي تعبّر عن تمسك السوريين بالسيادة والكرامة الوطنية، كما أنني متأكد من أن السوريين بغالبيتهم في لبنان هم مع دولتهم الوطنية، وكذلك السوريين في المخيمات التركية لو أفسح المجال لهم لعاد الكثيرون منهم إلى بلدهم وعبّروا عن انتمائهم لسورية، فهذه المؤامرة كشفت للسوريين المزايا التي يتمتع بها المواطن السوري داخل بلده.
حضور ممثلي المرشحين
هل سيحضر ممثلون عن المرشحين غير الرئيس الأسد ووسائل إعلام متعددة؟
نحن نرحب بكل من يحضر، كما أننا تبلغنا برغبة الكثير من وسائل الإعلام بالحضور ونبدي ترحيبنا بحدود إمكانات السفارة المتاحة لأي وسيلة إعلامية تنقل الحدث في توافد الناخبين ليرى الجميع الحقيقة التي أراد المتربصون بسورية إخفاءها، وهذا ما يشكل انتصاراً كبيراً على كل من أراد أن تنهار سورية قبل هذه المدة، فالانتخابات أثبتت قوة سورية وانتصارها.
هل ستحضر اللجان الروسية والإيرانية التي عبّرت عن رغبتها متابعة سير العملية الانتخابية؟
لم نبلّغ بذلك حتى الآن بخصوص قدومهم إلى لبنان، لكن بالطبع هم سيتواجدون في سورية حيث الحشد الأكبر، لكن إذا طلبت احدى اللجان الروسية أو الإيرانية الحضور فلا مانع بذلك، فنحن منفتحون على الجميع سواء من لجان أو وسائل إعلام، لكن نرجو أن يحترم الإعلام الموضوعية والشفافية في الوقت الذي أصبحت وسائل الإعلام ذات مصلحة مباشرة بإظهار الحقيقة، لأن الإرهاب أصبح اليوم خطراً على الجميع بما فيه الدول التي دعمت الإرهاب في البداية.
مذكرة إلى الخارجية اللبنانية
هل وصلتكم معلومات في شأن عدم رغبة البعض في أن تُجرى الانتخابات في السفارة السورية في لبنان، طالما أن لبنان اتخذ موقفاً «بالنأي بالنفس» مسبقاً؟
نحن أرسلنا مذكرة إلى وزارة الخارجية اللبنانية وفقاً للأصول القانونية المتبعة بين البلدين، كما أن النأي بالنفس لا يعني إطلاقاً عدم إجراء الانتخابات، وهو يسمح للسوريين أن ينتخبوا من يمثلهم في سفارة بلدهم، كما أننا نتمنى أن نتعاون نحن والأخوة الناخبون كي يمر هذا اليوم مستقراً لضمان سير عملية الاقتراع.
ما هو تعليقكم على قرار الحكومة الأردنية ترحيل السفير السوري في عمان وردّ السلطات السورية بالمثل، وهل هناك علاقة بما جرى بالاستحقاق الرئاسي المقبل؟
بطبيعة الحال نرجو من الأردن أن يصلح موقفه من أجل العلاقات الوثيقة بين البلدين، لأن العلاقات الأخوية تقتضي هذا الحرص من الجانب الأردني إزاء تلك المواقف، وعلى رغم أنّ الأردن عبّر مسبقاً عن عدم مصلحته في احتضان أو تدريب أو تسليح الجماعات المسلحة، لكن بالسلوك العملي هناك ما يستدعي من مراجعة للخطوات العملية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ عدم وجود سفير في الأردن لا يعني عدم إجراء الانتخابات، فالسفارة ما زالت قائمة وستتولى هذه المهمة وستفتح صناديق الاقتراع فيها لكل الراغبين من السوريين الموجودين بالأردن.
الحقائق أصبحت واضحة
كيف تنظرون الى دور لبنان في التعاطي مع الانتخابات السورية في رسم الصورة ككلّ عن هذا الاستحقاق؟
نتوقع تغطية إعلامية ومتابعة ورصداً، لأنّ للإعلام دوراً كبيراً في لبنان، وهنا أودّ الإشارة إلى كلّ المكوّنات اللبنانية من دون استثناء، فالجميع أصبح مدركاً الخطر الذي يشكله الإرهاب، بمن فيهم الجهات التي كانت على «الرصيف الآخر» المعادي للمقاومة، فحتى هذه الأحزاب لا ترحب بجبهة النصرة، ولن تعلن اصطفافها إلى جانب من دمّر الجامعات والمدارس ونهب الآثار، لذا نشهد اليوم تراجعاً واضحاً بلهجة الخطاب، كما أتمنى معالجة كل المناطق التي يسود فيها توتر لتفويت الفرصة على العدو «الإسرائيلي» الذي يريد أن يرى لبنان متفجراً بالداخل.
السوريون متحمّسون للانتخابات
ماذا تقول للسوريين المتخوّفين من المشاركة في الانتخابات إزاء الظروف الأمنية؟
الشعب السوري راغب بالمشاركة في الانتخابات وليس في حاجة الى اطمئنان، فقوة الشعب السوري أثبتت مدى تمسكه بالسيادة الوطنية، لذا سيقبل على الانتخابات على رغم كل الجرائم التي تحدث ليعبّر عن سيادة سورية، وفي السياق نفسه أود الإشارة إلى كثير من الدول التي تمر بأزمات سواء سياسية أو أمنية وأجريت فيها الانتخابات مثل العراق ومصر وأفغانستان، لكن المهم هو عدم قدرة الدول تحويل سورية إلى دولة فاشلة وبالتالي خروجها من دائرة التهديد للأطماع «الإسرائيلية» في المنطقة، كما أؤكد أن كل المدن السورية ستنتخب بما فيها حلب ودير الزور والحسكة، وبالنسبة الى بعض سكان هذه المدن يمكنهم الانتخاب بمدينة أخرى إذا حالت بعض الظروف الأمنية دون الانتخاب في مدنهم.
الميدان هو الاساس
كيف تقيّمون فترة ما بعد الاستحقاق الرئاسي ديبلوماسياً؟ فدول كثيرة منعت إجراء الانتخابات للسوريين المقيمين على أراضيها، وكثير منها أعلن سلفاً رفضه نتائج الانتخابات، بما يبشر «بحرب ديبلوماسية» طويلة على سورية أن تستعد لها، حتى لو نجح الحسم العسكري بإنهاء مظاهر الحرب في سورية، فما هي رؤيتكم؟
أولاً، الميدان هو الأساس والشعب السوري هو صاحب الحق وليس أي دولة أخرى، أما بالنسبة الى بعض الدول كفرنسا وغيرها، فهذه الانتخابات تُجرى وفقاً للمعايير الدولية، وبالنسبة الى الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند فرصيده بالشارع الفرنسي لا يسمح له أن يعطي نصائح في هذا الشأن، لذا هذه الدول ستعترف بهذه الانتخابات وهي من سيبحث عن صيغ للتواصل مع سورية، كما ستكون الاعترافات متتالية بالوقت الذي أثبتت سورية أنها دولة قوية بشعبها وبجيشها وحريصة على وحدة ترابها ولن تفرط بسيادتها.
وأنا كنت على ثقة تامة أن سورية ستنتصر وتصمد وستكون أكثر مناعة، لكن لم أتوقع حجم التآمر لهذا الحد إزاء الموقف التركي والسعودي والقطري، وهذه الأزمة كشفت لسورية من هم أصدقاؤها ومن هم أعداؤها، لذلك سورية بما حققت فخورة بالمستقبل الذي تصنعه اليوم.
ماذا تقول للبنانيين في ظلّ الفراغ الرئاسي الذي تعيشه البلاد، وهل صحيح أنّ سورية التي كانت الصانع الأبرز لرؤساء لبنان لعقدين ماضيين فقدت تأثيرها؟ أم أنها أخلت مقعدها موقتاً، لإتاحة فرصة للبننة الاستحقاق، وأنها لن تكون متفرجة عندما ترى الخارج كله شريكاً وهي مكتوفة الأيدي؟
نحن نتمنى التوافق الذي يحمي كلّ الفئات، كما أنّ سورية حريصة على قوة لبنان وعلى العلاقات الأخوية بين الدولتين، كما ترى أنّ الأمن متكامل بين البلدين، وفي ما يتعلق بالرئاسة اللبنانية وكلّ المواقع القيادية في لبنان سواء بالحكومة أو البرلمان فيصنعها اللبنانيون أنفسهم، فلبنان بلد المواهب وقادر على ذلك، ونتمنى توافقاً يحمي لبنان والمقاومة لأن المقاومة صنعت سيادة لبنان، وشكلت ضمانة عربية وإقليمية إزاء الأطماع «الإسرائيلية»، لذلك سورية كانت ظهيراً قوياً للمقاومة وفي ذلك مصلحة للبلدين.