فراغ القرار الدولي بشأن الاستحقاق الرئاسي يطيل فراغ بعبدا
يوسف المصري
غادر الملك عبد الله إلى المغرب قبل أيام في زيارة خاصة ينتظر أن تستمر إلى ما بعد عيد الأضحى ، أي إلى نهاية شهر تموز… وتشكل المغرب بالنسبة للأسرة الحاكمة السعودية ملاذاً يقصدونه لطلب الراحة لفترة غير قصيرة، وذلك في كل مرة يشعر بها هذا الأمير أو ذاك من أصحاب القرار أن هناك وقتاً سياسياً سانحاً لديه للخروج من المملكة.
وقد أناب الملك عبد الله لشقيقه ولي العهد الأمير سلمان مهمة إدارة شؤون الملك خلال غيبته، الأمر الذي يعني أن فترة غيابه ستستمر طويلاً. وهناك معلومات أن الملك سيقضي فترة رمضان في المغرب. وتفيد مصادر مطلعة أن زيارة عبد الله للمغرب في هذا التوقيت وطول فترتها، إنما تؤشر إلى الأمور الأساسية التالية:
ـ الأولى أنه حتى نهاية شهر تموز المقبل، من غير المتوقع حدوث اختراق سياسي مهم على جبهة العلاقات السعودية – الإيرانية. فهذا الأمر يحتاج لوجود الملك في السعودية، وغيابه عنها في هذه الفترة يشي بأن الرياض ليست مستعجلة على إحداث صدمة إيجابية هامة في علاقاتها مع طهران. وبحسب معلومات متقاطعة فإن الدعوة التي وجهها وزير الخارجية السعودي بشكل شفهي لنظيره الإيراني، لا تعبر عن توجه عميق لدى السعودية بل عن مناخ نقاش بداخلها حول موضوع كسر القطيعة مع إيران.
تضيف هذه المعلومات إن القيادة الإيرانية لم تتعامل مع الدعوة السعودية الشفهية بوصفها فرصة يجب التقاطها، بل هي بادرت عبر قنوات غير رسمية أيضاً لإيضاح أن ظريف لن يصل إلى السعودية إلا في حال كان هناك جدول أعمال واضح لموضوع هذه الزيارة. ويبدو أن طهران وفق المعلومات عينها، تتمهل أيضاً في إجراء لقاء سياسي عالي المستوى مع الرياض، وذلك إلى ما بعد مرحلة إنضاج الوضع الحكومي العراقي.
وكل هذه المعطيات الآنفة قادت مصادر غربية وأيضاً إقليمية إلى تحديد بداية ما بعد شهر تموز كموعد محتمل لتحرك المسعى الإقليمي والدولي للمساعدة في إنتاج رئيس جمهورية جديد للبنان.
ـ ثانياً – تضيف هذه المعلومات إن محافل القرار القريبة من الملك السعودي، قررت أن تتعامل مع شهري حزيران وتموز المقبلين بوصفهما شهري استراحة داخلية، وذلك حتى يصار خلالهما لهضم سلسلة القرارات التي اتخذها عبد الله خلال الفترة الماضية والتي أفضت إلى تغييرات مفصلية في خريطة مواقع الحكم في السعودية. وتبقى قرارات يفضل الملك السعودي تأجيل اتخاذها إلى حين اتضاح مناخات إقليمية ودولية جديدة، وعلى رأس هذه القرارات استبدال وزير الخارجية الحالي وجملة أخرى من التغييرات سوف تكون لها نتائج حاسمة على مستوى ترتيب خريطة نهائية تبين من هم الأشقاء من أمراء الجيل الأول الفاعلين الذين سيستلم أبناؤهم الحكم في المرحلة المقبلة.
تختم هذه المعلومات أن الرياض دخلت إجازة سياسية على مستوى الملفات الداخلية والإقليمية، وتحديداً لجهة اتخاذ مبادرات كبيرة في سياساتها، وحالياً هناك سياسة متابعة مستمرة حتى عيد الأضحى، وتتمحور حول النقاط التالية:
– على المستوى الداخلي السعودي هضم التغييرات الداخلية العديدة والهامة التي قام بها الملك وكان على رأسها إزاحة بندر بن سلطان من موقعه وتعيين بديل موقت محله.
– على المستوى الاقليمي: متابعة الوضع في العراق بعد انتخاباته التشريعية العامة مع التسليم بأن الخلاف مع إيران في شأنه لا يزال قائماً، وانتظار نهاية المرحلة الأولى من الحوار الإيراني مع الخمسة زائد واحد لإعادة إثارة ملاحظات الرياض على الوضع العراقي مع أميركا على أمل أن تضغط الأخيرة على طهران لتشكيل حكومة عراقية جامعة تتمثل فيها القوى السنية الحليفة للمملكة.
…إضافة إلى متابعة الوضع السوري مع تسليم الرياض بأنه لم يعد ممكناً القيام بمبادرات عسكرية أو سياسية تقلب المعادلة هناك بشكل حاسم، والاكتفاء برفض التسليم بنتائج الانتخابات الرئاسية السورية بانتظار حصول تطورات دولية وإقليمية جديدة. أما على مستوى الملف اللبناني فإن السعودية تقف الآن في محطة الانتظار وتدعم حكومة تمام سلام لملء الفراغ موقتاً. وتعتقد السعودية أنه لا يمكن إنتاج تسوية للرئيس اللبناني العتيد من دون إنشاء رابط مقايضة بينه وبين ملفات أخرى إقليمية شائكة.
باختصار السعودية حتى مرحلة لاحقة تعرف ماذا لا تريد وليس كيف تستطيع فرض ما تريده.