«داعش» يتمدد في ليبيا ويقلق شمال أفريقيا

ناديا شحادة

منطقة شمال أفريقيا التي كانت بداية لما يُسمّى بـ»الربيع العربي»، تلك الثورات التي وجدها «الاخوان المسلمون» فرصة ذهبية لهم للوصول الى سدة الحكم لتنفيذ مخططهم بدعم تركي – قطري، وكانت البداية في تونس فبعد هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 كان الثاني عام 2011 وصلت حركة النهضة الاخوانية الى الحكم في انتخابات شعبية بسبب تقديمهم الوعود الكاذبة حيث كان شعارهم جربونا، كذلك استلم «الاخوان المسلمون» الحكم في كل من مصر وليبيا بعد انتفاضات شعبية أدت إلى إسقاط الأنظمة السياسية فيها، وما لبث ان ظهر «الاخوان» بمظهر المتمسك بالسلطة بأي ثمن وبرزت انيابهم ومراميهم الخبيثة بعد اشهر معدودة فقط من وصولهم للحكم، وانتشرت ظاهرة الارهاب بتلك البلدان بداية من تونس حيث بات واضحاً من خلال تجربة حكم النهضة تغلغل الارهابيين في المجتمع والأجهزة الأمنية، وهذا ما أكده عدد من اعضاء المجلس التأسيسي الوطني في جلسة عقدها المجلس الوطني لمناقشة مستجدات الوضع الأمني والإرهاب في تاريخ 8 أيار عام 2013، حيث حملوا وزير الداخلية السابق علي العريض مسؤولية ما تعيشه تونس من اعمال ارهابية واتهموه بإطلاق العنان للمتطرفين دينياً، وأكد النائب هشام حسني على اتهام العريض وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة بتشجيع الارهابيين على التمادي في ممارساتهم الإرهابية.

ويؤكد المتابعون على ان وصول «الإخوان المسلمين» للحكم الذي أدى الى انتشار ظاهرة الإرهاب وتعزيز نشاطاتها ضمن خلايا نائمة في تونس، تلك الظاهر لم تقتصر على تونس فقط بل ظهرت في شكل كبير وواضح في ليبيا، فمنذ سقوط نظام القذافي والدولة الليبية تعاني من أزمات جوهرية فالسياق الذي أفضت اليه الثورة الليبية تجاوز بنسبة كبيرة فكرة اسقاط النظام ليستعيض عنها بفكرة إسقاط الدولة الليبية لتكون مدخل لخراب كل من مصر وتونس وصولاً للجزائر بعد وصول تنظيم «داعش» الإرهابي اليها واستيلائه على عدد من المدن والمناطق، فمع تزايد تعقيدات الازمة في ليبيا تنامت التخوفات داخل تونس، حيث ان صانع القرار التونسي وجد ان تداعيات ما يحدث في ليبيا لن يقتصر على الداخل بل سيمتد الى دول الجوار بصورة حتمية ومنها تونس التي تشترك في حدود يبلغ امتدادها نحو 459 كيلومتراً وهذه التخوفات تجلت في تصريحاته في 18 نيسان من العام الحالي حيث قال ان 5 آلاف تونسي انضموا الى تنظيم داعش في ليبيا، مضيفاً ان الوضع في ليبيا يؤثر على الاوضاع في تونس سلباً.

فموقع تونس الجغرافي لا يجعلها في مأمن من الأخطار التي تتهدد المنطقة ككل وبالذات ليبيا التي تعيش تحولات كثيرة على المستويين السياسي والامني، ومع إصرار الغرب على إدخال الإخوان المسلمين الحكم في ليبيا من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الطرفيين المتنازعين على السلطة عبر مفاوضات ترعاها الامم المتحدة، ومع رفض الحسم مع داعش يزداد تمدده في الاراضي الليبية، فاستراتيجية تمدد التنظيم المتجهة نحو الغرب الليبي حسب خريطة توسعه يصنفها المراقبون في السعي للوصول الى العاصمة طرابلس ليسهل له فيما بعد الاقتراب من حدود دول الجوار مصر والجزائر وتونس التي بات خطر انتشار داعش في ليبيا يظهر على الاخيرة وتجلى ذلك من خلال متابعة الاحداث الارهابية التي شهدتها البلاد التونسية والتي كان اخطرها عملية متحف باردو التي حدثت في 18 آذار من العام الحالي وراح ضحيتها 23 قتيلاً في صفوف السياح وشهيد من قوات مكافحة الارهاب، والتي تبناها تنظيم «داعش» الارهابي من خلال بث شريط مسجل على حسابه بالـ»يوتيوب»، بالاضافة الى تبنيه الهجوم الارهابي الذي استهدف منتجعاً سياحياً بمدينة سوسة وخلف 40 قتيلاً وحوالى 40 جريحاً وفق الاحصاءات الرسمية.

يؤكد المتابعون ان الإرهاب سيبقى مصدر القلق الامني الرئيسي لدول شمال افريقيا طالما «داعش» يتمدد في ليبيا بدعم مالي قطري وتسليح تركي والرفض الغربي لمحاربة التنظيم، حيث قوبلت مقترحات السيسي في محاربته في ليبيا بالفتور من الدبلوماسيين الغربيين الذين قالوا ان تدخله في ليبيا وتعميق الأزمة الحالية يهدد بتقويض جهود الوساطة للامم المتحدة الضعيفة فعلياً في ليبيا، إضافة الى رفض ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما طلباً مصرياً للحصول على معلومات حول تنظيم داعش في ليبيا وهذا ما أكده اوليفرنورث القائد السابق لوحدة التدريب التابعة لقوات مشاة البحرية الاميركية المارينز.

فإصرار الغرب على ادخال «الاخوان المسلمين» في الحكم بليبيا ورفضه الحسم مع «داعش» اديا الى ازدياد القلق الاقليمي من حصول التنظيم على موطئ قدم له في دول الجوار وبأن ذلك جلي من خلال تصريحات وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني خلال القمة الاستثنائية لوزراء دفاع مجموعة 5+5 لدول غرب المتوسط حيث قال ان تنظيم داعش في ليبيا يمثل خطراً حقيقاً على امن المنطقة المغاربية والعربية.

فمع ما تشهده منطقة شمال افريقيا يؤكد المتابعون ان الوضع الراهن في ليبيا بات يتطلب وضع استراتيجية من قبل حلف يضم كلاً من مصر والجزائر وتونس والدول الاوروبية لمكافحة الارهاب والقضاء على «داعش» ومن ثم التوجه للحل السياسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى