امرأة من رماد… الهمّ العام عبر معاناة امرأة بشخصية مركّبة
م. ط
تلعب النجمة السورية سوزان نجم الدين دوراً مركّباً لشخصية غير مستقرة نفسياً في مسلسل «امرأة من رماد»، من كتابة جورج عربجي وإخراج نجدة اسماعيل أنزور، ومن إنتاج «المؤسسة العامة للإنتاج الاذاعي والتلفزيوني». إذ تقدّم حتى الآن أداءً احترافياً ملحوظاً يعرض مزاجية «جهاد»، المرأة العاقر الباحثة عن وهم أمومتها الضائع مع قصة لم تكتمل حتى الآن حول ابنها وموته في حادثة تفجير، وكيف تلعب بمصائر من حولها من الناس، مع ازدواجية بين الخير والشر. ما يبعدها عن اللون الواحد ويجعلهاً خليطاً سيكولوجياً مركّباً لنموذج إنساني معقد، وكل ذلك يظهر من خلال خطوط درامية متشابكة ومتنوعة.
«جهاد»، المرأة الخارجة عن المنطق في غالبية ردود فعلها، والمحبة لدرجة الرهافة، والقوية لدرجة القسوة، هي نموذج أنثويّ ليس من المستبعد وجوده في الحياة الحقيقية، ويأتي تقديمه مع خلفية الأحداث الجارية في سورية بفعل الأزمة كنوع من التسخير الدرامي لإيصال عدّة رسائل من قبل الكاتب جورج عربجي الذي يقدّم أولى تجاربه الدرامية في هذا العمل، ويظهر قدرة على تقديم عدة خطوط درامية تسير مع مجريات الأحداث لخدمة الخط الاساسي مع شخصيات متنوعة في أشكالها ومضمونها.
المخرج نجدة اسماعيل أنزور يبتعد في هذا العمل عن الغرائبية الاخراجية لمصلحة كاميرا واقعية سلسة في حركتها وزوايا تصويرها مع الاعتماد على رصد الاداء التمثيلي، خصوصاً مع شخصية «جهاد» التي تحتمل اشتغالاً كبيراً على ردود فعلها والتفاصيل الدقيقة في تأدية دورها. ما جعل من كاميرا المخرج عيناً ترصد أدقّ الايماءات والتحولات في أداء البطلة نجم الدين وتساعد في إظهارها وإيصالها إلى المشاهد مع ترك مساحة جيدة لكل ممثل، ليقدم ما لديه من رؤية لدوره، إنما تحت إدارة صارمة لمايسترو الصورة الذي لا يعرف التهاون مع كاميراه، ولا يمرّر لقطات مجانية، ليقدم لنا عملاً لا يقلّ إبداعاً عمّا قدمه في السابق، إنما من دون بهرجة إخراجية زائدة هذه المرة.
باقي الجوانب الفنية جاءت جيدة من دون ثغرات وتنمّ عن احترافية في كل تفاصيلها سواء في التصوير أو الاضاءة والصوت والأزياء والشعر والمكياج وغير ذاك، ما يحسب للجهة المنتجة التي اختارت طاقماً محترفاً وحافظت على مستوى عال من الاداء الفني، إلى جانب الاداء التمثيلي والإخراجي الراقي، والنصّ الجيد ليكون هذا النوع من الأعمال الاجتماعية الواقعية والتي تعكس حياة الشارع السوري بطريقة غير مفرطة بمباشرتها، هو الأقرب إلى الجمهور والأكثر متابعة من قبلهم. كما يتوقع ويظهر من ردود فعل المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.