العراق: لماذا تأخر الجيش والحشد في هزيمة «داعش»؟

لا تزال المعطيات الميدانية في العراق تظهر أنّ البنية التنظيمية والعسكرية لـ «داعش» ما زالت متماسكة، وأن عناصره ما زالوا يمتلكون زمام المبادرة، على رغم مرور أكثر من عشرة أشهر على بدء التحالف الدولي حربه على التنظيم. صحيح أنه خسر خلال الأشهر الماضية أجزاء كبيرة من محافظتي ديالى وصلاح الدين، إلا أنه تمكن من السيطرة على مدينة الرمادي إحدى أهم المدن العراقية، وعدد من بلدات الأنبار، فالتنظيم كما هو واضح لا يتمسك كثيراً بالجغرافيا والحدود، ويستطيع التأقلم مع ذلك، بأن يعوّض خسارته بشن هجوم جديد ومباغت على بقعة جغرافية بديلة، والسيطرة عليها. فالتنظيم كسب من البلدات والمدن في العراق وسورية خلال الفترة الأخيرة، ما يعادل تلك التي خسرها، الأمر الذي يطرح علامات استفهام عدة عن أسباب إخفاق التحالف الدولي والحشد الشعبي في هزيمة «داعش»:

– الخلافات بين مكوّنات الحشد الشعبي، وعدم وجود غرفة عمليات مشتركة، فعصائب أهل الحق التي يقودها الشيخ قيس الخزعلي مثلاً، على خلاف كامل مع القوات التي يقودها مقتدى الصدر، وتعود الخلافات إلى عام 2011 حين انشق الخزعلي عن الصدر.

– قيام بعض جماعات الحشد الشعبي بعمليات انتقامية ذات صبغة طائفية، فقد أظهر الكثير من الصور المسرّبة إقدام بعض عناصر الحشد على إحراق مئات المنازل وسرقة الأمتعة والممتلكات، وتفجير قبر صدام حسين، وإحراق بعض المواطنين وهم أحياء، فضلاً عن عمليات التصفية الكثيرة للمدنيين على خلفيات مذهبية، هذه التصرّفات دفعت الكثير من العشائر السنيّة التي لا تؤمن بفكر «داعش» وأيديولوجيّته إلى التغاضي عن مواجهته على الأقل.

– الخلافات بين الحشد الشعبي والجيش العراقي: فالحشد كما أظهرت بعض تصريحات قياداته بأنه لا يثق في الكثير من الضباط، ويتهمهم بالتعاون مع «داعش»، وأنه يسلم المراكز والبلدات له.

– العتاد العسكري والحربي المتطور لـ «داعش» الذي استولى عليه خلال سيطرته على قاعدة «سبايكر» وبعض المراكز العسكرية، إذ بات التنظيم يمتلك المئات من العربات الأميركية المدرعة، بينها آليات من طراز همفي، فضلاً عن الصواريخ المتطورة والأسلحة الثقيلة، وهو ما جعل القوة العسكرية لداعش في مرتبة الدول وليس التنظيمات العسكرية المحدودة الإمكانات.

– الخبرة القتالية لعناصر داعش: تظهر العمليات العسكرية سواء في العراق أو سورية أن أعضاء التنظيم ليسوا مجرد مقاتلين عاديين متطوعين، وإنما فيهم ضباط مدربون ومحترفون التحقوا بصفوف التنظيم ولديهم خبرة عسكرية كبيرة.

– استغلال «داعش» لحالة الانقسام والصراع الإقليمي الجاري في المنطقة، وانعكاسه على الساحة العراقية.

– الاحتقان المذهبي: نجح «داعش» في الإيحاء بأنه المدافع الأول عن حقوق السنة في العراق، وأنه القادر على مواجهة السياسة الإيرانية والعمل على إلحاق الهزيمة بها، وهو ما جعل منه قوة جذب قوية دفعت آلاف المقاتلين من مختلف أنحاء العالم للالتحاق بصفوفه.

ميدانياً، أعلنت قيادة «عمليات دجلة» إحباط هجوم لتنظيم «داعش» على حقول «علاس» و«عجيل» للنفط شرق محافظة صلاح الدين، مشيراً إلى مقتل 11 عنصراً من التنظيم.

من جهة أخرى، أعلن مجلس إسناد الفلوجة أن طائرات القوة الجوية العراقية بالتنسيق مع القوات المشتركة قصفت أحياء نزال والسكك والجغيفي ومحطة القطار لتنظيم «داعش» عند مشارف الفلوجة، مؤكداً مقتل وإصابة أكثر من 30 عنصراً من التنظيم في القصف.

وقال قائد عمليات الأنبار اللواء قاسم المحمدي إن القوات الأمنية بالتعاون مع الحشد الشعبي نفذت عملية أمنية في منطقة حصيبة، قرب الحدود مع سورية، أسفرت عن مقتل 3 عناصر من التنظيم وتدمير سيارتين تحملان أسلحة مختلفة.

من جهة أخرى، أكد «المركز العراقي لرصد جرائم داعش» أن 900 مدني قتلوا في مدينتي الموصل والفلوجة على يد التنظيم، منذ حزيران 2014 وحتى الآن.

وقال المتحدث باسم المركز حسن جهاد أول من أمس إن المركز سيصدر تقريراً مفصلاً عن «الجرائم» التي ارتكبها التنظيم، مشيراً إلى أن 900 مواطن قتلوا منذ حزيران الماضي على يد «داعش». وأضاف جهاد أن مسلحي التنظيم دمروا أكثر من 60 منشأة حكومية، وسرقوا أكثر من أربعة آلاف منزل تعود لمواطنين نزحوا إلى مناطق أخرى.

وتابع أن معلومات استلمها مركزه تؤكد تفخيخ أكثر من ألف منزل للنازحين في الفلوجة والموصل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى