التنسيق اللبناني السوري في الميدان يفرض نفسه بعيداً عن القرار السياسي
محمد حمية
لا تزال معارك جبهة القلمون وجرود عرسال الحدث الأبرز على الساحة الداخلية مع سيطرة المقاومة والجيش السوري على النسبة الأكبر من المساحات الجردية وطرد المسلحين منها، فيما الدولة اللبنانية تبقى الغائب الأكبر عن هذا الجزء من الأرض اللبنانية حيث تختبئ فلول المسلحين.
أما التطور اللافت، فهو قصف طيران الجيش السوري السبت الماضي تجمّعات المسلحين وقتل عدد منهم وتدمير آلياتهم في جرود عرسال اللبنانية.
هذا التطور أعاد طرح ملف التنسيق بين لبنان وسورية، لا سيما على الصعيدين الأمني والعسكري إلى الواجهة. فعلى رغم خطر الإرهاب الذي يتهدّد لبنان وما ارتكبه بحق الوطن، إلا أن «فريق 14 آذار» رفض ولا يزال أيّ نوع من التنسيق بين لبنان وسورية، ورفض أيضاً تدخل حزب الله والجيش اللبناني ضدّ التنظيمات الإرهابية التي لا يعتبرها البعض إرهابية، فالنائب وليد جنبلاط كرّر في أكثر من تصريح أنّ «جبهة النصرة» ليست إرهابية بل عناصرها مواطنون سوريون وعلينا التعامل معهم، فيما رفض جنبلاط التنسيق العسكري مع سورية.
وعلى الرغم من رفض الحكومة اللبنانية بضغط من فريق «المستقبل» التنسيق السياسي مع الحكومة السورية، إلا انها ترفض أيضاً التنسيق على المستوى الأمني.
أما الحكومة السورية فقد أبدت أمام زوارها ومنذ اللحظة الاولى استعداداً كاملاً للتنسيق الأمني على الأقلّ في ما خص الجماعات الإرهابية المتنقلة على حدود البلدين، وإلى اليوم لم تبد السلطة السياسية اللبنانية أيّ تعاون.
في السابع عشر من شباط الماضي دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الجيش اللبناني إلى التنسيق مع الجيش العربي السوري من أجل مواجهة الخطر التكفيري على الجبال الحدودية قبل أن يذوب الثلج عنها.
دعوة السيد نصرالله لم تلق آذاناً صاغية إلى ان وقعت معركة القلمون في الأول من أيار الماضي، وبعد أن فرضت المعركة نفسها بدا أن التنسيق الأمني حاصل عملياً على الأرض ولا ينتظر قراراً سياسياً، بل واقع وضرورات المعركة والجغرافيا المشتركة والعدو المشترك، عوامل فرضت هذا التنسيق بين القوى التي تواجه الارهاب.
فبعد تقدم المقاومة ميدانياً في الجرود وقصف الجيش اللبناني لمواقع وتحركات المسلحين، شن الجيش السوري غارات على جرود عرسال اللبنانية السبت الماضي موقعاً عدداً من القتلى في صفوف المسلحين. فهل سكوت الحكومة اللبنانية عن المشاركة الميدانية للجيش السوري في المعركة يعتبر موافقة ضمنية على التنسيق الموجود بين حزب الله والجيش السوري وضمناً الجيش اللبناني؟
تعلق مصادر عسكرية على هذا الأمر بالقول: «إنّ هذا التنسيق أكثر من ضروري، لا سيما أن هناك معاهدات واتفاقات عسكرية مشتركة ولا تحتاج العودة إلى مجلس الوزراء لتطبيقها بل يستطيع الجيش تطبيقها».
فيما تتحدث مصادر وزارية عن أن بعض الوزراء يعبّرون في مجالسهم الخاصة عن شكرهم وموافقتهم لقتال حزب الله الإرهابيين، أما الاعتبارات والحسابات السياسية فتمنعهم من إعلان ذلك على الملأ.
وتسأل مصادر مراقبة:»كيف يبرّر فريق 14 آذار للتحالف الدولي حشد هذا العدد من الدول لقتال الإرهاب في المنطقة، فيما يرفض انخراط حزب الله في المعركة ضدّ الإرهاب الذي يحتلّ جزءاً من الأرض اللبنانية كما يرفض التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري اللذين يقاتلان عدواً واحداً وعلى حدود مشتركة؟».