المعلّم وصانع المعجزات: الرسائل لمن يهمه الأمر
عامر نعيم الياس
وفدٌ سوريٌ مصغّر يضم كلّاً من وزير الخارجية وليد المعلّم والمستشارة الإعلامية والسياسية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، انضمّ إليهما السفير السوري في موسكو. لقاءات وكلام أريدَ له أن يكون عبر الكاميرات منقولاً على الهواء مباشرةً، سواء في الاجتماع «المفاجئ» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو بعقدِ مؤتمرٍ صحافي بين وزيرَي خارجية البلدين في نهاية المحادثات.
وزيرا خارجية روسيا وسورية، كرّرا على العلن ما جرى في اللقاء بين الرئيس الروسي والوفد السوري. هي مبادرةٌ لإنشاء حلفٍ إقليمي لمكافحة الإرهاب بين «الدول»، يضم سورية إلى جانب تركيا والأردن وقطر والسعودية. تلك الأخيرة التي زارها وزير الدفاع السعودي ووليّ وليّ العهد محمد بن سلمان وفي التسريبات أن المملكة تخلّت عن شرط «رحيل الأسد». فيما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يوفّر جهداً خلال اللقاءين لتأكيد حلفه مع سورية الدولة والقيادة وأيضاً أمام الكاميرات. هذا الموضوع ثابت لا علاقة له بالتطوّرات الميدانية على الأرض، ولا بمحاولة ربطها بمبادرات أميركية من هذا النوع أو ذاك. فالأمر يقوم على «قيادة الرئيس الأسد للإصلاحات السياسية». والسياسة الروسية الرامية إلى «دعم سورية والقيادة السورية والشعب السوري ستبقى من دون تغيير».
هنا يغمز من استحق اسمه قائلاً «حصلت على وعدٍ من الرئيس الروسي بدعم سورية اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً».
طبيعة تشكيل الوفد السوري وجدول أعماله، وإرادة نقل الحديث الذي دار بين الوفد السوري والرئيس الروسي أمام الكاميرات، تعكسان رغبة القيادة الروسية منظّمة اللقاء، بإيصال رسائل إلى من يهمه الأمر. لعبة تدركها الدبلوماسية السورية المتحفظة والتي توّلت عبر المعلّم توجيه بعض الرسائل قبيل اللقاء المرتقب بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا بعد يومٍ من زيارة الوفد السوري إلى موسكو.
«المعجزة» كانت الكلمة المفتاح في كلام وزير الخارجية السوري. المعجزة التي قبِلَت الدولة السورية من خلالها المبادرة الرئاسية الروسية. والمعجِزة التي تمثّل وجهة النظر الحقيقية للدولة السورية حول المبادرة التي لا يبدو أنها مقبولة باندفاع بل التحفظ المشوب بأجواء المعجزات هو الأساس «أعرف أن الرئيس بوتين رجل يصنع المعجزات كما فعل في روسيا الاتحادية، لكن التحالف مع تركيا والسعودية وقطر والولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب يحتاج إلى معجزة أكبر». إنها «المعجزة» التي تقول للغرب وتحديداً للولايات المتحدة والسعوديين وتركيا أردوغان إن الثقة لا يمكن استعادتها بهذه السهولة. وإنّ وعوداً هنا لهذا الطرف أو ذاك حتى لو كان موسكو، لا تقدّم ولا تؤخر في حقيقة ما يجري على الأرض، ولا تستلزم اندفاعاً لا محدوداً من قبل المحور المتحالف مع سورية. ومن جانب سورية ذاتها. فالمطلوب إجراءات أو خطوات لبناء الثقة بين الأطراف المؤهلة للدخول في تحالف «الدول الإقليمية» لمحاربة تنظيم «داعش». هنا رسالة سورية وروسية مزدوجة أراد الروس قبل السوريين إيصالها على لسان وزير الخارجية السوري وليد المعلّم.
المبادرة بإنشاء تحالف بين دول الإقليم هي الأساس. يحاول الروسي فرض عملية التطبيع مع الدولة السورية بشكلها الحالي عبر مكافحة الإرهاب. في وقتٍ تسير عجلة المفاوضات حول النووي الإيراني بسلاسة. وفي وقتٍ نجحت الدولة السورية في تثبيت «خطوط الصدّ» حول «الحزام المتصدّع»، فيما تبقى مسألة الحلف الروسي ـ السوري غير قابلة للنقاش ربطاً بأيّ تطور من أوكرانيا إلى الميدان السوري إلى الأطلسي إلى السعودية والنفط، إلى تركيا وخطوط الغاز. كل ما سبق يسخَّر وفق وجهة نظر الدولة الروسية في خدمة تصويب مسار الحرب على الإرهاب، وتوظيف الكرملين علاقاته الجيّدة مع الدول الإقليمية في خدمة هذا الهدف.
بانتظار المعجزة.
كاتب ومترجم سوري