«المستقبل» يختبر عون في حدود المواجهة والقصد حزب الله سلام يدعو إلى اجتماع الحكومة الخميس في حرب صلاحيات
كتب المحرر السياسي
قد يكون لبنان البلد الوحيد في العالم الذي لم يتسنّ له الاهتمام بما يجري على الساحات القريبة والبعيدة، بينما لا أحد في العالم بدا معنياً بما يجري في لبنان، حيث الاحتقان يدخل مراحل أشدّ خطورة، وكأنّ اللبنانيين الذين تباهوا طوال شهور أنّ المنطقة حولهم تشتعل وكلّ شيء عندهم تحت السيطرة قد تسبّبوا بالحسد لبلدهم فذهبوا إلى التفجير بينما المنطقة تتلمّس طريق التسويات، كمن يطعمهم الحجّ والناس راجعة.
كان المتابعون بعد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة يستشعرون نوعاً من المبالغة في تصعيد العماد ميشال عون، طالما أن الاختبار الحكومي لم يبالغ في استفزازه، والجلسة رفعت قبل متابعة جدول أعمال مليء بالبنود كعلامة حكمة في إدارة الخلاف والحرص على عدم التصعيد، فجاءت دعوة رئيس الحكومة تمام سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل على خلفية التصعيد في الخلاف، لتقلب الصورة مع ما رافقها من حديث عن الصلاحيات، التي تذكر بممارسة الرئيس فؤاد السنيورة للحكم بحكومة بتراء وغير ميثاقية في فترة الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود. ويبدو توجه الرئيس سلام أكبر من كونه شأناً لبنانياً، خصوصاً أنّ اللبنانيين انتظروا سنة ونيف على الفراغ الرئاسي وهم يسمعون قادتهم يقولون يجب إدارة الانتظار بأقلّ الخسائر، فمن أين جاءت هذه الحماسة اليوم وفي ربع الساعة الأخير لحسم شؤون بحجم إعادة تأسيس دستوري لقواعد الحكم؟
في قلب المواجهة بين سلام وعون، يقف تيار المستقبل وحزب الله، وجهاً لوجه، ويرى مراقبون أنّ دعوة سلام «حريرية» أو بالأحرى «سعودية» تريد وضع حزب الله في ربع الساعة الأخير من مفاوضات الملف النووي الإيراني بين خيارين هما، الوقوف مع العماد عون الذي رفع سقف المواجهة بدعوة تياره لحملة تعبئة عامة تمهيداً لخطوات في الشارع، والاختبار لحزب الله هو في المخاطرة بما سيجرّه الشارع من تداعيات تصيب الوضع الأمني. أما الخيار الثاني فهو ترك العماد عون يخوض مواجهته وحده وتجاهلها، بالتالي إيصاله إلى لحظة الحسم الرئاسي مستنزفاً ضعيفاً، قادراً على أن يكون ناخباً رئيسياً لكنه لن يكون عندها المرشح القوي.
لبنان مع الأسبوع الإقليمي الحاسم يدخل أيضاً أسبوعاً حاسماً، ويبدو قد دخل الساحات الساخنة بعد وقت طويل من الصيام عن الخطايا، ليفطر قبل المغيب فلا يكسب حسنات صائم أتمّ صيامه فشعر بسكينة المؤمن ونعمة الصيام، ولا يتمتع بهدوء مفطر يتناول وجبات الطعام في مواقيتها.جلسة لمجلس الوزراء الخميس
قبل أن ينجلي غبار احتدام معركة بت التعيينات العسكرية قبل البحث في أي بند آخر في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، وجه سلام الدعوة إلى جلسة جديدة صباح الخميس المقبل.
وأيد وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي لـ«البناء» دعوة الرئيس سلام لجلسة لمجلس الوزراء، مشيراً إلى «أن صلاحيات رئيس الجمهورية مناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً وليس كل وزير هو رئيس جمهورية».
وأضاف حناوي: «بتاريخ الدولة اللبنانية لم يعترض حزب سياسي على كل بنود جدول أعمال مجلس الوزراء، حتى رئيس الحكومة يطلع رئيس الجمهورية على جدول الأعمال وإذا ارتأى رئيس الجمهورية زيادة أي بند يتم ذلك بالتشاور مع رئيس الحكومة».
وأشار إلى «أن المعني الأول بملف التعيينات الأمنية هو وزير الدفاع سمير مقبل»، وتساءل: «ماذا فعل قائد الجيش العماد جان قهوجي لكي يُعامل بهذه الطريقة؟ علماً أنّ موعد استحقاق تعيين قائد جديد للجيش في أيلول وعندما نصل إلى هذا الموعد يفتح الموضوع».
وأضاف: «لم يخرج تيار سياسي لفرض قائد جيش بالاسم كما طرح العماد ميشال عون العميد شامل روكز، فقانون الدفاع يمنع أن ينتمي العسكري إلى أي حزب سياسي، فكيف قائد الجيش، هذا تدمير للجيش ونحن نرفض قائد جيش ينتمي إلى حزب الله أيضاً أو أي طرف آخر».
وشدد حناوي على «أن جلسات مجلس الوزراء ستستمر على رغم اعتراض وردود فعل التيار الوطني الحر، لأن مقدمة الدستور تتحدث عن الميثاقية والدستورية، فالأولى يؤمّنها نصاب ثلثي عدد الوزراء، والميثاقية مؤمّنة لوجود وزراء من كلّ الطوائف».
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «ما حصل في جلسة مجلس الوزراء يشكل مخالفة دستورية واضحة، لأنه بحسب المادة 62 من الدستور، في ظل غياب رئيس الجمهورية تناط الصلاحيات بمجلس الوزراء مجتمعاً، لكن هذا يصلح لمرحلة استثنائية وفترة قصيراً جدياً».
ولفتت المصادر إلى «أنه ومنذ بداية الشغور كان الاتفاق أن أي قرار لكي يمر يحتاج إلى موافقة 24 وزيراً، ثم كان الاتفاق الثاني أن ليس مقبولاً أو منطقياً أن يعطل وزير جلسات مجلس الوزراء فاتفق على أن أيّ قرار لا يمر إذا اعترض عليه مكوّنين سياسيّين من مكوّنات الحكومة»، متسائلاً: «لماذا لم يتمّ الالتزام في الجلسة الأخيرة على رغم اعتراض مكونين أساسيين في الحكومة فضلاً عن تيار المرده وحزب الطاشناق؟
وسألت: «لماذا لا يموّل البند الذي يتعلق بوزارة الزراعة من الهيئة العليا للإغاثة كما موّلت المحكمة الدولية؟ وهل إطلاع رئيس الجمهورية على جدول الأعمال هو إطلاع شكلي فقط»؟ ولفتت المصادر إلى «أنّ تصرف رئيس الحكومة تمام سلام ووزراء المستقبل في الجلسة هو تصرف سيّئ ولا يقيم للشراكة الوطنية أيّ اعتبار، فكيف يتخذ قرار بلا حزب الله والتيار الوطني الحر»؟
الوطني الحرّ إلى الشارع
واعتبر رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون أنّ الإصرار على سرقة مقاعد المسيحيين النيابية هدفه إبعادهم عن لبنان، وأكد أنّ ما حصل الخميس الفائت قد يتكرّر الخميس المقبل في الحكومة ويستوجب فعل قوة، ودعا الشعب للنزول إلى الشارع، وأوضح أنّ المطلوب هو إرادة شعب تتمثل بموقف.
ورأى عون، خلال عشاء هيئة المتن في التيار الوطني الحر، أنّ المسيحيين اليوم معرّضون لخطر الوجود من الذين وصلوا إلى موقع السلطة.
ولفت عون إلى أنّ البعض لا يريدون رئيساً للجمهورية يمثل الشعب ليستطيعوا أن يختاروا رئيساً مرهوناً للخارج، وقال إنّ «ثعالب السياسة يضعون يدهم على كلّ حقوق المسيحيين».
وعلمت «البناء» أنّ اجتماعاً سيعقد في الرابية لوزراء ونواب تكتل التغيير والإصلاح ومسؤولي المناطق ومنسقي الأقضية في التيار الوطني الحر سيتخذ خلاله العماد عون سلسلة من المواقف لإطلاق تحركات شعبية، لمرحلة مواجهة حاسمة احتجاجاً على سياسية إقصاء المسيحيين، لا سيما بعد التعدّي في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس على صلاحيات رئيس الجمهورية التي أعطيت بالوكالة للمجلس مجتمعاً. وحذرت مصادر التيار الوطني الحرّ لـ«البناء» من «أنّ أفق التحرك الشعبي وغير الشعبي مفتوح ولا يوجد أيّ رادعٍ سيقف أمام مسألة التمسك بتقويم الاعوجاج الذي طرأ على الشراكة الوطنية». وأكدت «أنّ القرار بالمواجهة ورفض ما حصل في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء قد اتخذ إلا أنّ الآلية والتوقيت والمكان لم يحددوا بعد».
حوار عين التينة لاستيعاب إشكال السعديات
وأكدت مصادر مطلعة على أجواء الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل لـ«البناءْ» «أن الجلسة أمس كانت لاستيعاب ما حصل في السعديات»، مشيرة إلى «أن إشكال السعديات استحوذ على جزء رئيسي من الحوار، حيث أبدى حزب الله استغرابه لتصرفات تيار المستقبل وأدائه في التعاطي مع ما جرى وادّعاء مسؤوليه بأنّ المصلى هو مركز عسكري». ولفتت المصادر إلى «أنه جرى التأكيد من الفريقين المتحاورين على ضرورة المحافظة على الاستقرار الأمني، ورفض أيّ نوع من الاستفزاز والتسليم بمرجعية الدولة الأمنية». وأكدت المصادر «أنّ مقاربة المتحاورين لملفي الرئاسة والحكومة كانت سطحية تشبه المقاربات في جلسات الحوار السابقة لجهة أنّ كلّ فريق استعرض رؤيته لما يجري، من دون أن يحدثا أيّ خرق في جدار الأزمة الحكومية والفراغ الرئاسي». ولفتت المصادر إلى أنّ مشاركة الرئيس بري الحوار كانت لمنع التصعيد ومن أجل أن يبقى الحوار ضمن سقف هادئ».
وأكد عضو كتلة المستقبل في الحوار النائب سمير الجسر لـ«البناء» انه جرى التشديد في الحوار على ضرورة استيعاب إشكال السعديات، والتشدّد من قبل الجيش والقوى الأمنية في تثبيت الأمن والاستقرار في البلد.
وأسف الجسر لما يقوم به رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، متمنياً أن يغلب حسّه الوطني ويتخلى عن سياسة التعطيل»، متسائلاً: «تفريغ المؤسسات لصالح من»؟ وشدّد على «أنّ الدستور ليس وجهة نظر، فالنصوص الدستورية واضحة وتؤكد أنّ رئيس الحكومة هو من يضع جدول الأعمال».
بعد إنجازات الجيش السوري والمقاومة على جبهة القلمون وجرود عرسال، تتجه الأنظار إلى منطقة الزبداني التي ستكون الهدف المقبل للعمليات العسكرية مع بدء قصف مواقع المسلحين فيها. واشتدّت الاشتباكات بين الجيش السوري من جهة و«جبهة النصرة» في منطقة الزبداني، وتسمع أصوات غارات الطيران السوري على الزبداني، في قرى البقاع الأوسط، وصولاً إلى زحلة.
وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» «أنّ حزب الله يتواجد في تلال منطقة الزبداني، والجيش السوري يتواجد في سهل الزبداني حتى مشارفها من المنطقة الشرقية، بينما يتواجد المسلحون في شارع العين صعوداً حتى بداية التلال».
ولفتت المصادر إلى «أنّ المعركة في الزبداني لم تبدأ بعد، وما يجري ليس أكثر من عملية تحمية في سياق المعركة الشاملة لمرحلة الانقضاض الأخيرة على الزبداني لتطهيرها من الإرهابيين، لإراحة دمشق من الجهة الغربية واستكمال تنظيف القلمون ليتفرّغ الجيش السوري للمعارك المحيطة في إدلب وريف حمص ومنطقة الضمير». وأشارت المصادر إلى «أنّ ما يقوم به الجيش السوري وحزب الله ليس إلا ضغطاً نارياً، فالزبداني لا تشكل خطراً أمنياً، والخطر بات عليها وليس منها، بعد أن استعاد الجيش السوري القلمون من المجموعات التكفيرية الإرهابية».
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنّ الوضع في جرود القلمون وملحقاته هو تحت السيطرة بالكامل، والمسلحون المتبقون هم في القفص، وقد فقدوا قدرتهم على تغيير المعادلة وعلى القيام بأيّ عمل له شأن انطلاقاً من لبنان.
وفي سياق متصل، ذكرت قناة «الجديد» «أنّ جبهة النصرة خطفت فتاتين لبنانيتين هن نبال وحوريا عابدين من الهرمل إلى حلب، وذلك بعدما قامتا بزيارة شقيقتهما المتزوجة من سوري والمقيمة في حي الراشدين في حلب».