تفويض «مليوني» للسيسي… وصباحي يحترم إرادة الشعب
انتهت الانتخابات الرئاسية المصرية على هدوء اتسم به الإقبال على مراكز الاقتراع التي لم تشهد زحمة، وإن كانت نسبة التصويت ارتفعت بشكل ملحوظ، لتتخطى وفق بعض التقديرات في اليوم الأخير، رقم الـ24 مليون ناخب.
وإن صحت هذه الأرقام، فإنها ستكون كافية لإعطاء الفائز من بين المرشحين المشير عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي تفويضاً يحتاجه لقيادة مصر في مرحلة ما بعد حكم «الإخوان» برئاسة محمد مرسي الذي أطاحت به ثورة 30 حزيران، وإن كانت ستسمح في المقابل لأنصار «الإخوان» بالنظر إلى النصف الآخر الفارغ الذي لم يأت إلى صناديق الاقتراع، للقول إن الشعب ليس موافقاً على السياسة التي اتبعت بعد 30 حزيران.
وبات اسم الرئيس المصري الجديد داخل صناديق الاقتراع التي فتحت ليل أول من أمس، إذ بدأت فوراً عمليات الفرز التي سيظهر معها اسم هذا الفائز سريعاً، وإن كانت النتائج الرسمية تحتاج إلى أيام عدة للظهور، مع تأكيد لجنة الانتخابات تجنب يوم 5 حزيران المقبل نظراً إلى ذكرياته السيئة لدى المصريين، مشيرة إلى أنها ستعلن النتيجة قبل ذلك التاريخ.
وكان موقع «بوابة الأهرام» نقل عن عضو اللجنة الانتخابية طارق شبل قوله: «إن أكثر من 21 مليوناً شاركوا في التصويت أي نحو 39 في المئة من مجموع عدد الناخبين البالغ 54 مليوناً».
صباحي «يقرّ» بالخسارة
وفي أول تصريح أقر حمدين صباحي المرشح المنافس للسيسي أمس بخسارته في انتخابات الرئاسة المصرية مؤكداً أنه «يحترم إرادة الشعب».
وفي مؤتمر صحافي قال صباحي الذي أشارت النتائج الأولية إلى حصوله على أكثر قليلاً من 3 في المئة مقابل أكثر من 96 في المئة للسيسي: «اعتز بأنني مع شركاء وحملة متفانية أفخر بها، قدمنا فرصة الاختيار لشعب قادر على الاختيار والآن أتت اللحظة التي أقول فيها لشعبنا العظيم إنني أحترم اختياره وأقر بخسارتي في هذه الانتخابات». وأضاف أن الأرقام المعلنة لنسب المشاركة في الانتخابات ليس لها «مصداقية أو صدقية» لدينا، متحدثاً عن انتهاكات كثيرة قبل أن يقر مرة أخرى أن كل هذه الأمور لا تؤثر في النتيجة النهائية للانتخابات.
عوامل مؤثرة
وحدَّد مراقبون 3 عوامل أثرت في نسب المشاركة في انتخابات الرئاسة المصرية بصورة نسبية، على رغم الاحتشاد القوي واللافت للمصريين على صناديق الانتخاب خلال الأيام الماضية، وعملت تلك العوامل على إرباك المشهد الانتخابي بصورة أو بأخرى، وتقليص أعداد الناخبين في فترات متقطعة على مدار أيام التصويت.
أول تلك العوامل هو ما يتعلق بقضية «تصويت الوافدين»، التي أثارت جادلاً واسعاً خلال اليوم الثاني، نظراً إلى عدم تمكن الوافدين من الإدلاء بأصواتهم في لجانهم بالمحافظات، ما كاد يهدر نحو 6 ملايين صوت، غير أن اللجنة العُليا للانتخابات الرئاسية نجحت في أن تحلّ المشكلة بقرارٍ مدّ فترة التصويت ليوم ثالث.
أما ثاني تلك العوامل، فهو ما وُصف بـ«النيران الصديقة»، أي تلك الأخطاء التي وقع فيها مؤيدو السيسي، بالسماح لعناصر من الحزب الوطني المنحل بالالتفاف حول حملات دعم المشير، ما جعل نسبة من الناخبين تتراجع عن المشاركة بسبب هؤلاء.
ورصد بعض المراقبين العامل الثالث في إقرار يوم الثلاثاء عطلة رسمية، ما جاء برد فعل عكسي غير ما كان مستهدفاً بالقرار، وذلك لاستخدام بعض الناخبين يوم الإجازة للجلوس في منازلهم وليس المشاركة.
إشادة دولية
وأشادت بعثات المتابعة الدولية للانتخابات الرئاسية في مصر بنزاهة هذه الانتخابات، وبعدم وجود حالات تزوير فيها، في وقت رفضت الإدارة الأميركية التعليق على الانتخابات الرئاسية أو مدها ليوم إضافي.
وأكد الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة د. بطرس غالي عقب لقائه أعضاء من بعثة منظمة الفرانكفونية أنه استمع لتقارير أولية من عددٍ من المنظمات، التي أكدت أن العملية الانتخابية تتفق والمعايير والإجراءات الدولية وأن أي تجاوزات أو أخطاء فنية جرى رصدها من قبل هذه البعثات لا تخلّ بنتائج الانتخابات. ويأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه وفد تجمع دول الساحل والصحراء الأفريقية لمتابعة الانتخابات أن الانتخابات الرئاسية التي تشهدها مصر «جرت في ظل ظروف مُرضية ومتماشية مع المعايير الدولية».
وبحسب رئيس الوفد عبد العال بلقاسم، فإن الوفد زار كثيراً من اللجان الانتخابية في مختلف مناطق القاهرة الكبرى، مؤكداً تواصله المستمر مع القضاة وممثلي المرشحين الرئاسيين، وممثلي المرشحين والناخبين.
غير أن الوفد رصد ملاحظة سلبية واحدة، هي عدم مراعاة مبدأ الصمت الانتخابي من خلال الحملات الانتخابية الصاخبة لصالح أحد المرشحين أمام اللجان الانتخابية.