قهوجي طمأن المرجعيات حول الوضع الأمني ولا خوف من انتكاسات
حسن سلامه
لجأ البعض في الفترة الأخيرة، تحديداً قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، إلى التخويف من اندفاع الأمور في الداخل اللبناني نحو خلل في الوضع الأمني، خاصة إذا طال أمد الفراغ في رئاسة الجمهورية.
في المعطيات لدى مصادر سياسية ودبلوماسية أن في مثل هذا التخويف الكثير من التهويل للضغط على بعض الأطراف الداخلية كي تقبل بإجراء انتخابات الرئاسة «كيفما كان»، بحيث يمكن لهؤلاء، وتحديداً فريق 14 آذار، إمرار انتخاب شخصية غير توافقية سواء سمير جعجع أو أحد مرشحي هذا الفريق. وتلاحظ المصادر أن إطلاق هذه المخاوف، رغم أهمية الإسراع في انتخاب الرئيس الجديد لا ينطبق البتة على الواقع الداخلي الذي اتجه في الأسابيع الأخيرة نحو تثبيت الأمن وتوجيه ضربات حاسمة إلى المجموعات الإرهابية، ولذا تشير المصادر إلى أن ثمة عوامل عددية تمنع أي محاولات للخربطة الأمنية، أبرزها:
ـ أولاً، ما تمكنت المقاومة والجيش السوري من إنجازه على صعيد ضرب الخلايا الإرهابية في المناطق السورية على طول الحدود مع لبنان، وبخاصة في منطقة القلمون، وتزامن ذلك مع إنجازات مماثلة حققتها استخبارات الجيش اللبناني في تفكيك عشرات الشبكات الإرهابية وتوقيف الرؤوس الأمنية لهذه الشبكات، ما أدى إلى تراجع الأعمال الإرهابية بنسبة تصل إلى مئة في المئة، رغم المخاوف من بقاء خلايا إرهابية قد تسعى إلى القيام بأعمال مخلة بالأمن.
ـ ثانياً، الغطاء السياسي الذي وفرته حكومة المصلحة الوطنية برئاسة تمام سلام للجيش والقوى الأمنية الأخرى كي تضرب بيد من حديد ليس شبكات الإرهاب فحسب، بل سائر المجموعات المسلحة التي كانت تعبث بأمن البلاد، والدليل نجاح الأجهزة الأمنية في تنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس ثم في البقاع وتوقيف معظم قادة المحاور وحتى الذين كانوا يحرضون على القتل ويدعمون الشبكات الإرهابية.
ـ ثالثاً، توافر إرادة خارجية بدعم الاستقرار في لبنان، تمظهرت بوضوح في تقاطعات إقليمية ـ دولية أدت إلى تشكيل حكومة سلام قبل فترة، وترجمت أيضاً بدعم الجيش اللبناني في تنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس وحصول محاولات خارجية غير مكتملة لفصل المسار الرئاسي عن الوضع الإقليمي. وتشير المصادر إلى أن هذه المحاولات وإن كانت تحمل نواحي سلبية من خلال السعي إلى التمديد للرئيس السابق ميشال سليمان، إلا أنها تعبر في المقابل عن مسعى بعض الدول المعنية إلى إبقاء الاستقرار الداخلي وعدم انعكاس الفراغ في رئاسة الجمهورية على هذا الوضع. لذا ترى المصادر أنه بعد استحالة التمديد للرئيس سليمان تمت اتصالات من بعض سفراء الدول المؤثرة بالوضع اللبناني للحؤول دون تأثر الوضع الأمني بالفراغ الرئاسي، وفي الوقت ذاته وجهت نصائح إلى عدد من الأطراف بألاّ لا يتأثر الوضع الحكومي بما حصل على صعيد رئاسة الجمهورية بحيث يستمر الغطاء السياسي للجيش والقوى الأمنية. وتشير المصادر في السياق نفسه إلى أن البيان المتوقع صدوره عن مجلس الأمن في الساعات المقبلة سيتطرق إلى هذه المسألة لناحية التشديد على الاستقرار في لبنان، داعياً كذلك إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية.
توضح المصادر أن قائد الجيش العماد جان قهوجي طمأن سائر المرجعيات، بما في ذلك بعض السفراء، إلى أن الأمن ممسوك في لبنان، كما أكد أن لا خوف من حصول انتكاسات، وأن الجيش لن يتساهل مع أي محاولة لضرب الاستقرار أو إحداث أي خلل أمني.
انطلاقاً من ذلك، تقول المصادر إن للقوى السياسية اللبنانية دوراً أساسياً في حفظ الاستقرار واستمرار الغطاء السياسي للجيش والخطوة الأولى لذلك تكون بعدم إقدام بعض هذه القوى، تحديداً قوى 14 آذار، على تعطيل عمل الحكومة على نحو يؤدي إلى شلّ دورها وجعلها حكومة تصريف أعمال، فمثل هذا السلوك قد ينعكس سلباً على دور الأجهزة الأمنية من ناحية ويشجع الخلايا المتطرفة النائمة من ناحية ثانية، على التحرك من جديد، على غرار ما كانت عليه الأمور مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.