«الوطني الحر»: لا رئيس في لبنان يستطيع تجاهُل سورية الأسد

هتاف دهام

يؤكد التيار الوطني الحر أنّ الرئيس السوري بشار الأسد يلعب دوراً مخفياً في الانتخابات الرئاسية اللبنانية، ولكن بعد 3 حزيران سيتوضح هذا الدور أكثر فأكثر، بحيث تتأكد المعادلة الواقعية والمنطقية، في السياسة والتاريخ والجغرافيا والانتماء، أن لا رئيس جمهورية في لبنان يستطيع تجاهُل سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد.

ينظر «الوطني الحر» إلى ما يجري في مصر من استحالة بقاء «الإخوان المسلمين» غير القادرين على ضبط الدولة، واستحالة نجاح التآمر ضدّ سورية بشقيّه المعارض والاجتياح الغربي المتطرف التكفيري ضدّ الدولة السورية، فعلى رغم الكره المصطنع من بعض الدول إلا أنها ليست مستعدة لإسقاط النظام الذي لا يزال يمسك بالدولة السورية.

ويرى أنّ الانتخابات الرئاسية في لبنان أمام هذه المتغيّرات الإقليمية يجب أن تكون عبر اختيار رئيس من مجلس نواب منتخب صراحة من الشعب ويمثل الشعب ليتحدث باسم الشعب.

يقول العونيون إنّ هناك حالتين لانتخاب العماد عون رئيساً، إما انتظار «سلة العيد» بإقرار قانون انتخاب جديد ينبثق منه مجلس نيابي جديد ينتخب بدوره رئيس الجمهورية الجديد، أو عبر الشخصيات المؤثرة على الأرض والعابرة للطوائف.

وتشير المصادر العونية إلى أنّ تاريخ 20 آب الذي حدّده الجنرال عون هو للحث بعدم التأخير في الانتخابات النيابية، وأن يكون قانون الانتخاب تغيّر أو تعدّل بطريقة تضمن أن يكون مجلس النواب المقبل ممثلاً فعلاً للشعب، على رغم أنها لا تجزم بأن هناك تفاوضاً مع تيار المستقبل حول تعديل قانون الانتخاب، لكنها تشير إلى أنّ أمر التمديد محسوم بالرفض لدى جنرال الرابية.

يراهن التيار الوطني الحر على المفاوضات مع تيار المستقبل. يهدّئ الأجواء، يعتمد الخطاب المرن والهادئ. يبتعد عن التجاذبات السياسية التي دخل فيها مع التمديد للمجلس النيابي في 2013 وما سبقها من كتاب «الإبراء المستحيل».

يدافع العونيون اليوم عن الرئيس سعد الحريري وكأنهم من صلب 14 آذار. ويبرّئ العونيون الرئيس الحريري من أحداث طرابلس ومحاولة هذا الفريق إشعال النار المذهبية، وحتى يبرّئونه من عبارة «المارد السنّي» التي أطلقها محمد سلام في «زمن» أحمد الأسير. يجزمون بأنّ الحريري كان ضدّ العراضة التي حصلت في طرابلس، وأنه لم يكن راضياً عما جرى من تدخل في سورية وتحديداً في ما يُسمّى «الثورة السورية» من باب السنّية الضيقة، على رغم أنه كان من الداعمين بالمال والعتاد للمسلحين.

يعترف قياديّو التيار الوطني الحر بأنّ خطابهم اليوم يختلف عن الحقبة السابقة حيث كان الصراع على أشدّه مع تيار المستقبل بفعل قانون الانتخاب والتمديد للمجلس النيابي، فالمعطيات في رأيهم تغيّرت جراء تبدّل الأوضاع في لبنان والمنطقة، والحاجة اليوم إلى خطاب التهدئة والاستيعاب ونزع فتيل القلق والخوف بين اللبنانيين.

لا خطة «ب» عند التيار البرتقالي، لأنّ مجرّد التخلي عن الخطة «أ» يعني التخلي عن ترشيح العماد عون، ولذلك لا يزال التفاوض متوقفاً عند النقطة «أ» التي هدفها كسر حاجز الخوف عند اللبنانيين. علماً أنّ هذا التفاوض الذي بدأ قبل نحو شهر من تأليف الحكومة السلامية في 15 شباط، نجح في تأليف حكومة المصلحة الوطنية، وفي بت عدد من التعيينات التي لم تستطع حكومة ميقاتي البت بها طوال أكثر من سنتين، وكذلك تنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس والبقاع، فتوقيف الحرب في طرابلس كان وفق البرتقاليين، بفضل تيارهم الذي كان جسر عبور بين المستقبل وبين حزب الله، الذي تفاوض مع الدولة السورية لتأثيرها في المواطنين في جبل محسن.

ينتظر العونيون ان يُرزق هذا التفاوض الذي بدأ في شهر كانون الثاني الماضي مولوداً بعد تسعة أشهر. ويجزم العونيون بأنّ الجنرال ميشال عون سيكون رئيساً للجمهورية قبل تشرين الأول المقبل، وسيتمّ تأليف حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري، الذي لا يمكن أن يعود سياسياً ومالياً إلى ما كان عليه من دون وصول أقوى رجل مسيحي إلى موقع الرئاسة الاولى.

من وجهة النظر العونية، لن يستطيع أحد الوقوف في وجه قوة مدّ التفاوض. فعمق التفاوض الحاصل بين الجانبين ستكون نتائجه كبيرة في المدى القريب. والتوافق الجديد سيخلق لبنان الجديد الذي ستنتهي معه مرحلة ما بعد التسعين التي كانت قائمة على قهر اللبنانيين وتخويفهم.

لم يتفاوض الجنرال ميشال عون مع الرئيس سعد الحريري من دون علم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. فالمفاوضات تُجرى بطريقة شديدة سرية بين الثلاثة. يعوّل حزب الله على ذلك، فالجنرال عون هو المفاوض الشريف بينه وبين التيار الأزرق.

يدرك الأفرقاء الثلاثة جيداً أنّ كلاً منهم بحاجة إلى الآخر. وبرأي العونيين أن لا مجال للبنان الجديد أن يقوم من دون التفاهم في ما بينهم، ويؤكدون أنّ التفاوض العوني ـ حزب الله ـ تيار المستقبل ليس مقفلاً، فهو مفتوح على غرار ورقة التفاهم مع حزب الله التي اعتبروها خريطة طريق بالتعامل السياسي بين جماعات خائفة من بعضها البعض لإعادة الثقة في ما بينها.

يجزم العونيون بأن لبنان سيشهد في المستقبل حلفاً سياسياً يضمّهم وحزب الله وتيار المستقبل. هذا الحلف له صبغة طائفية إلى حدّ ما، إلا أنه ليس كذلك، لأنّ التيار الوطني الحر الذي يضمّ الأكثرية المسيحية منفتح على كل الطوائف، وحزب الله الشيعي هو الحزب الوطني بامتياز بما أنجزته المقاومة وتضحياتها، وتيار المستقبل السنّي هو التيار المعتدل الذي يتخطى الطوائف.

لم يفرّط العونيون بالوطن من أجل كرسي الرئاسة، ولو أرادوا التفريط بلبنان لكانوا فعلوا ذلك قبل اليوم. واليوم يشدّدون على ان لبنان لا يستقيم من دون رئيس جمهورية وأن لا رئيس الا العماد عون. فهل يفرّطون بلبنان أو يستمرّون متمسكين بثوابتهم؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى