«إسرائيل» قلقة وتعرف ما تقول…
البعد الاقتصادي الذي سيترافق مع توقيع الاتفاق الكبير بين إيران ومجموعة 5+1 لا يقلّ أهمية عن البعد السياسي والاستراتيجي لموقع ايران وهالتها في المنطقة عموماً، فهي بلا شك تنتقل من واقع إلى آخر ليس فقط من جهة دخولها نادي الدول الكبرى وتصنيفها دولة اقليمية عظمى، انما لجهة كون هذا الدخول من باب الشرعية الدولية ايّ بتصويت الامم المتحدة والدول الأعضاء.
لطالما عبّرت «إسرائيل»، ولا تزال، عن استيائها من الاتفاق وسير جلسات فيينا، لكنها لم تكتف بذلك، فقد حاولت التدخل مراراً لتعطيل مسار هذه الملف الذي يعتبر بالنسبة إليها صفارة إنذار دوّت في أرجاء الكيان بأنّ حقيقة الحفاظ على وجوده لم تعد ذات أهمية بالنسبة إلى الدول الكبرى، وكانت عملية القنيطرة التي ردّت عليها المقاومة في شبعا راسمة حدوداً جديدة هي الأخرى للردع.
من ثم حرّضت السعودية لشنّ الحرب على اليمن التي لا تزال حتى الساعة مشتعلة، ولا تدري السعودية كيف ستستطيع الخروج منها بما يحفظ ماء وجهها.
هكذا حاولت «إسرائيل» محاربة الاتفاق من خلال الضغط على ايران وحلفائها في عدة ساحات، ومحاولات التعطيل بالنسبة إليها ليست ملفاً يخضع للأمر الواقع الذي تحدّده أختام الاتفاق، والذي يعتقد خبراء حضروا أجواء جلسات فيينا انه ما زال ممكناً، وانّ الاتفاق الذي سيكون بمثابة إعلان سيمرّ بعدة مراحل قبل ان يرى النور ويصبح حقيقة مثبتة ومعاهدة لا يمكن تخطيها بالتعاملات، من بينها مرور الاتفاق على الكونغرس الاميركي، وهناك تستطيع «إسرائيل» ان تلعب دوراً بنفوذها المؤثر على أصوات النواب والشيوخ فيه، بالإضافة الى مرحلة مرور الاتفاق في أروقة مجلس الامن الدولي.
الضرر اللاحق بـ«إسرائيل» ليس فقط بعداً سياسياً يعكس تفوّقاً لحلف إيران ويدعمه بنفوذ أوسع في المنطقة، إنما الضرر هو اقتصادي في الدرجة الأولى عبّر عنه نتنياهو بوضوح معتبراً انّ «مئات المليارات من الدولارات ستتدفق الى ايران في اعقاب الصفقة، التي ستستخدمها في «مسارها الإرهابي» حول العالم، حسب وصفه طبعاً… هذا التعبير يحمل في طياته معرفة «إسرائيل» الجيدة بأنّ إيران بعد رفع العقوبات عنها هي كتلة اقتصادية إقليمية وازنة، وليست فقط قادرة على دعم حلفائها إنما قادرة على المنافسة والاستثمار وجلب رجال الأعمال الغربيين الذين يجدون فيها ثروات وأرضية تأسيس لمشاريع منتجة غير موجودة في «إسرائيل»، ولا توفرها طبيعة «إسرائيل» العدوانية لناحية الأمن والاستقرار، بالإضافة الى القطاع السياحي الذي سيتضاعف في إيران كمقصد أساسي عند السواح الغربيين، بدلاً من التفكير بـ«اسرائيل» التي تعتاش على الخدمات والقطاع السياحي.
يعرف «الإسرائيليون» جيداً انّ الوضع الاقتصادي الإيراني المقبل على تحسّن، هو عكس الواقع الذي تعاني منه «إسرائيل»، وستعاني أكثر غداً، فالدول الداعمة لها باتت أصلاً تحذر من خطر الأزمات المادية والمالية التي تشكل عبئاً داخلياً يعرّضها للتهديد، والأزمة اليونانية اليوم مؤشر هام وخطير بطبيعة الحال، أما من ناحية الولايات المتحدة فـ»إسرائيل» تعرف تماماً انّ أميركا تغيّرت وتبدّلت كثيراً في عهد أوباما، وانّ صورة «إسرائيل» في عيونها ليست نفسها التي كانت تحذر من ان تختلف معها ويطفو الخلاف على السطح، بل تستشعر «إسرائيل» اليوم انّ اميركا تتنصّل شيئاً فشيئاً من عبء شعارها «إسرائيل أولويتنا».
لأجل كلّ هذا تقلق «إسرائيل» وهي تعرف ما تقول، واليومان المقبلان هما يوما الاتفاق النووي الحاسم…
«توب نيوز»