الحاضر دائماً في العقول النيّرة
علي القيم
إن المفكر والفيلسوف أنطون سعاده، كان واعياً رسالة هذه الأمة ووحدتها الطبيعية ووحدة الهلال الخصيب، وقد اثبتت الاكتشافات الأثرية في هذه البلدان والتي تعود إلى أكثر من مليون سنة، أن هذه الحضارة ووحدتها الفكرية والميثولوجية استمرت على رغم كلّ الظروف والأخطار التي مرت بها عبر التاريخ. وأثبتت أن رؤية سعاده البنّاءة كانت واضحة وواعية في مدى العمق الحضاري والثقافي والفكري الموجود في هذه الأرض. لذلك، لاقت دعوته القبول والترحيب من جميع الفئات التي تتمتع بفكر حضاري ورؤية واضحة.
أنطون سعاده استشرف آفاق المستقبل، وكان واعياً كلّ ما ينتج عن هذه الدعوة وعن حيوية الإنسان السوري بكل أبعاده ومسمياته.
فكر أنطون سعاده لم يكن يوماً من الأيام غائباً عن العقول النيّرة والمثقفة، إنما ما زال يحتلّ المكانة الكبيرة من تفكيرنا. فلو أخذنا من فكر الزعيم سعاده جزءاً بسيطاً وطبقناه على أرض الواقع، لحقّقنا لهذه الأمة الكثير من أهدافها وآمالها المشروعة، وهو بداية الانقاذ الحقيقي لكل ما تعانيه الأمة من تشرذم وتفكّك ونزعات تخريبية. وللأسف، لقد مرّ العمر ولم نتّعظ من التجارب والأحداث التي مرّت بها هذه الأمة في عصرها الحديث، لذلك لحقت بها المصائب. فما يجري اليوم في منطقتنا مدروس ومخطّط له منذ سنين. ولـ«إسرائيل» الدور الأساس فيه. فهي اليوم تعيش مجدها الذهبيّ وحلماً كبير من أحلامها التي لم تستطع تحقيقها من خلال الحروب، إنما استطاعت الولوج إليها من خلال تفكيك الدول. وللأسف، إن الشعوب والحكومات العربية ـ على رغم وضوح الفكرة والهدف ـ تلقفت الطُعم حتى الثمالة، لا بل إضافة إلى ذلك، تعاون بعضها مع الكيان الصهيوني لتدمير البشر والحجر ومحو كل أثر حضاري وثقافي لهذه الأمة .
إنّ الزعيم سعاده كان بعيد النظر في مسألة الأديان السماوية، فرأى أن الدين يوحّد ولا يفرّق. وأنّ الدين محبة وتسامح وتعاضد وفكر خلّاق، لذلك من يستقرئ الفعل الحضاري من هذه الأديان، يجب أن يعرف أنها تضيف إلى الآخر وتؤمن بالآخر. فهي تنادي بأن الله محبة والوطن للجميع، لذلك كانت دراسة الزعيم سعاده في ما يخص هذا الموضوع، دراسة دقيقة تهدف إلى خلاص الأمة.
معاون وزير الثقافة السوري