أنطون سعاده حيوية وجود مستمرَّة
وجيه فانوس
لا أقول إننا في هذه الأيام نتذكر أنطون سعاده. فأنطون سعاده ما برح ينبض حيويّةً في وجدان كثيرين. وما انفك يفعل بآرائه ورؤاه في كثير من مفاصل العيشين الوطني والسياسي لناس بلادنا. أنطون سعاده لا يغرب عن الوجود بفعل الموت، إذ هو مفكّر رؤيوي يظل حيّاً طالما رؤيته صالحة للحياة وفاعلة فيها.
قبل عقود من اليوم، أطلّ أنطون سعاده على هذا العالم بثقافة متميزة، ثقافة عبَّ أصولها ومحفّزاتها من مناهل مختلفة، بيد أنه تمكّن من إعادة صوغ ما عبّه، والإضافة إليه ليشكّل عطاءً أساساً تزدهي به دروب هذه الأمة.
انتبه سعاده، ومنذ البدايات الأولى، إلى خطر المؤامرة الصهيونية، وعبّر عن هذا الانتباه بكثير من الوضوح والجرأة والرؤية. ولعل ما عبّر به وعنه، في هذا المجال، شكّلا أحد عناصر السعي الدؤوب للفتك به وإيصال جسده إلى الموت. واليوم، فإن أكثر ما انتبه إليه سعاده من هذه المؤامرة الصهيونية وأشار إليه وناقش فيه وحذّر منه ورآه، يقف ضمن أساسيات ما تتعامل معه الرؤيا الوطنية والسياسية في سوريا والعالمين العربي والإسلامي.
وقبل أقل من قرن من الزمن ببضعة عقود، أطلّ أنطون سعاده منظّراً في مجالات النقد الأدبي، وساعياً إلى تطبيقات ما ينظّر له. تحدّث سعاده عن مسؤولية الأديب والأدب في عيش الأمة والتعبير عن عيشها والسعي إلى رؤى تجسّد فعل الإشراق في الآتي من زمنها وكان في مرحلة، كان كثير من الشعر العربي يغرق فيها في خضمّ بحار المدح والتقليد والصنعة الموات.
ومن أفكار سعاده ورؤاه انطلقت كوكبة من الشعراء، منها يوسف الخال وخليل حاوي وأدونيس، تغيِّر في كثير من مفاهيم الشعر العربي سعياً إلى حداثة فيه ومعاصَرة وتجديد إبداعيّ.
ما برح سعاده يقف بشموخ فذّ بين مفكّرين ورؤيويين ومؤسّسي نهضة قلّة عرفهم ناس بلادنا.
أمين عام اتحاد الكتّاب اللبنانيين