سورية: صفعة أوباما لبوتين
حميدي العبدالله
في أحدث تصريحاته وتعليقاته على الأوضاع في سورية، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنّ الحلّ الوحيد للإرهاب يكمن في تشكيل تحالف يشمل حكومة سوريّة لا يكون الرئيس الأسد طرفاً فيها.
ويأتي هذا التصريح من أعلى مستويات القرار في الولايات المتحدة، بعد أيام قليلة من إطلاق الرئيس بوتين لمبادرته التي تدعو إلى تحالف إقليمي ودولي تشارك فيه الولايات المتحدة والحكومة السورية برئاسة الرئيس بشار الأسد.
بديهي القول إنّ اشتراط الرئيس الأميركي لأيّ تحالف ضدّ الإرهاب في ظلّ حكومة سورية لا يكون الرئيس الأسد طرفاً فيها أو على رأسها يعني بصراحة رفض قيام هذه الحكومة والإصرار على الحلّ العسكري، ورفض اعتماد أيّ سياسة واقعية.
ذلك أنّ أيّ متابع للشأن السوري لا يستطيع تجاهل حقيقتين، الحقيقة الأولى، أنّ الدولة السورية بمؤسساتها المختلفة، ولا سيما التشكيلات العسكرية والأمنية تضطلع بالدور الأساسي في الحرب على الإرهاب، ولولا الدولة السورية ومؤسساتها وتحديداً الجيش العربي السوري، لكانت التنظيمات الإرهابية، وتحديداً «داعش» و«النصرة» تقاسمت السيطرة على كلّ أنحاء سورية وتمدّدت في دولة أخرى. الحقيقة الثانية، لا يمكن لأيّ شخص في سورية أو تشكيل حزبي أن يحلّ محلّ الرئيس بشار الأسد، إنْ لجهة مستوى التأييد الشعبي، أو لجهة التفاف مؤسسات الدولة حوله، وبالتالي فإنّ الإصرار على استبعاد الرئيس بشار الأسد يعني الإصرار على الاستمرار في الخيار العسكري ورفض الحلّ السياسي.
ومعروف أنّ السياسة التي تلتزمها الولايات المتحدة إزاء سورية، سواء سارت في طريق الحلّ السياسي، أو واصلت حرب الاستنزاف، سوف تلتزم بها دول المنطقة والدول الغربية التي تدور في فلك الولايات المتحدة، ولن تخرج أيّ دولة في المنطقة عن هذه الاستراتيجية المرسومة من قبل الولايات المتحدة.
ما تقدّم يعني أنّ اقتراح الرئيس فلاديمير بوتين الذي عرضه على نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السوري لا يستند إلى أيّ أساس، أو على الأقلّ استند إلى وعود هي أقرب إلى الخديعة منها إلى أيّ شيء آخر، وبالتالي كان المعلم على حق عندما قال إنّ جهد الرئيس بوتين على هذا الصعيد لكي يتكلل بالنجاح يحتاج إلى معجزة، ولكن في عصرنا لا وجود للمعجزات.
موقف الرئيس أوباما الجديد إزاء حلّ الأزمة في سورية وجّه صفعة إلى روسيا وإلى الرئيس بوتين على وجه الخصوص، صفعة تشبه الصفعات المتتالية التي توجهها الإدارة الأميركية إلى روسيا في أوكرانيا من خلال رفضها التعاون الفعّال لإيجاد حلّ سياسي للحرب في أوكرانيا والإصرار على أن تكون لغة العقوبات، ومعاملة روسيا كدولة صغيرة واحتقارها وازدراء مكانتها الدولية، هي البديل للتعاون.
بات من الملحّ، إذا كانت روسيا والقيادة الروسية على وجه التحديد، تريد مكافحة الإرهاب رفع مستوى الدعم العسكري لسورية لتكون قادرة على دفن كلّ أحلام الولايات المتحدة بقلب النظام، لأنّ ذلك أقصر الطرق للوصول إلى وضع يقنع الولايات المتحدة بالتعاون لمكافحة الإرهاب، وغير ذلك تظلّ سياسة روسيا هي أقرب إلى الحراثة في البحر.